دخل الشعر في أوروبا وأمريكا واليابان إلى الفنادق والمطاعم ··· دخل إلى أنفاق المترو وتواجد في الساحات والحدائق ··· انتشر في كل فضاء عمومي متاح من أجل أن يعيش حيا بين الأحياء ··· ومن أجل ذلك عملت المؤسسات الثقافية وكل محبي هذا الفن بكل تفان ليبقى حضوره حقيقة يراها الناس ويتنفسونها كما الهواء ··· أما عندنا، فالشعر لا يراه أحد! والشعراء أضحوا رمزا للكائنات الآيلة للانقراض ··· لا أحد يوليه اهتماما إلا في المناسبات التي يجبر فيها على لعب دور المهرج أو الكومبارس !!··· إنه من المؤسف حقا أن يغيب الشعر من حياتنا اليومية إلى هذا الحدّ المؤلم والمجحف· إذ في الوقت الذي نشهد احتفاء الأممالغربية به في كل مكان، نرى أن الشعر لدينا أضحى رديفا للكلام النشاز ··· أصبح غريبا ومحتقرا كأنه عادة سيئة يجب التخلص منها بأي ثمن ··· في لندن مثلا بإمكان رواد المترو أن يقرؤوا الشعر لأنه متوفر في نشريات توزع مجانا على المسافرين ··· في لوديف بفرنسا، يعيش الشعراء طيلة المهرجان مع سكان البلدة وفي بيوتهم في تناغم مبهر··· في ألمانيا وأمريكا واليابان هناك مواقع وأماكن معلومة يستطيع الناس أن يستمعوا وأن يتمتعوا بالشعر مقروءا بكل لغات الطير المعروفة وغير المعروفة ··· وترجمته فورية لمن يريد· أما عندنا، فالشعر ما يزال أسيرا وغريبا ووحيدا في بروج عاجية مشيدة لا يدركها حتى الموتئ!! مازال في قبضة السلاطين والأمراء يعاني الخنق والاختناق· ما زال الناس - بسبب الازدراء والاحتقار الرسمي الممنهج للشعر ودوره التحريضي في الحياة - ينظرون للقصيدة كمادة منتهية الصلاحية· إنه زمن غريب ومقيت لا يعاني فيه إلا الغرباء·