قال رئيس المجلس الشعبي الوطني عبد العزيز زياري، أول أمس في الإذاعة على مسمع الملايين من الجزائريين، إن البرلمان الحالي يقوم بدوره على أحسن وجه وأن كثرة مبادرات التشريع الحكومية على نظيرتها من مبادرات النواب ليست عيبا بل هذا هو حال كل برلمانات العالم· وقال إن برلمانا من هذا النوع لا يستحق الحل، وإن الحديث عن حله هو انسياق وراء الأحكام القيمية وتضليل وأن الشعب الجزائري لا يهمه أمر البرلمان بل يهمّه السكن والعمل وتطبيق القوانين الموجودة· هذه التصريحات تناقض تماما أقوال زعيمة حزب العمال، لويزة حنون، التي أكدت أن بعض كبار المسؤولين في الدولة عبّروا لها عن استيائهم من تركيبة البرلمان الحالي وعن عدم اعتراضهم عن فكرة حله، بل قالت أكثر من ذلك، إن هناك من أصحاب هذا الرأي من هم في حزب الأغلبية بالبرلمان، وقالت أيضا إن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة غضب كثيرا من وجود تجار سيارات في الهيئة التشريعية وأنه قال لمقربين منه، من الضروري المرور إلى مرحلة استبعاد أصحاب التجارة عن ممارسي السياسة وتحديدا من قبة البرلمان· وقالت في الأخير بأن الرئيس ولولا الضغوطات التي تعرض لها، لحل البرلمان· ولم يكن كلام عبد العزيز زياري مناقضا لتصريحات لويزة حنون التي سبق وأن نُشرت في الصحافة فقط، بل كان مناقضا أيضا لسياسة الدولة في حد ذاتها وخطاب مسؤوليها واستراتيجيات مؤسساتها إزاء المشاركة السياسية للشعب الجزائري في الإنتخابات· والجميع يتذكر ''حالة الطوارئ'' التي اُعلنت بسبب العزوف الانتخابي في التشريعيات الأخيرة، بل تحول العزوف إلى ظاهرة جديرة بالدراسة حتى في الحزب الذي ينتمي إليه زياري، إذ أعطى الأمين العام للافلان عبد العزيز بلخادم لقيادات ولجان الحزب الأمر بدراسة السلوك الانتخابي عند الجزائريين للكشف عن أسباب هذه الاستقالة الشعبية من الحياة السياسية، وقد فسّر الكثير من السياسيين هذا العزوف بأنه من كثرة اهتمام الجزائريين بالبرلمان وعلاقاته بالشعب والحكومة قرر مقاطعة الانتخابات التشريعية على ضوء الحصيلة السياسية له تبعا للعهدات السابقة، بينما يقول زياري أن هذا الشعب الذي عاقب السياسيين لا يهتم بالبرلمان بل يهتم بمشاكله فقط، وفي نفس الوقت، تسعى الدولة بمختلف مكوناتها وسياساتها أن تجعل المشاركة السياسية من صلب اهتمامات المجتمع من أجل إعطاء المصداقية للاستحقاقات الانتخابية· أما أن تأتي تصريحات زياري بهذا التناقض الصارخ مع موقف الرئيس المنقول على لسان حنون الذي لا يُعتقد أنه افتراء على الرجل الأول في البلاد، والتناقض العظيم مع قناعات بعض كبار الدولة، فذلك هو التضليل بعينه، والأخطر من ذلك أنه صدر عن رجل جبهة التحرير، والتي تعتبره هذه الأخيرة التي تخوض حربا تجديدية على مستوى الخطاب والهياكل بعد المؤتمر التاسع، من نخبة رجالاتها في هذه المرحلة··ومرتبته علاوة على كل ذلك، ليست أي مرتبة في الدولة ··فزياري ''الشخصية الثالثة في الدولة''!؟.