تعانقت الفنون على ركح مسرح محي الدين بشطارزي من أجل إعطاء إشارة الانطلاق الرسمي للمهرجان الدولي للمسرح في طبعته الثانية، حيث حضر الرسميون إلى جانب المبدعين، فكانت في مقدمتهم خليدة تومي وزيرة الثقافة، امحمد بن قطاف مدير المسرح الوطني، صونيا الرئيسة الشرفية للمهرجان، ابراهيم نوّال محافظ المهرجان... وغيرهم كثيرون ممن حضروا انطلاق العرس المسرحي. وقد كان الانطلاق الرسمي بكلمات من الوزيرة قرأها نورالدين لرجان، ممثل الوزيرة. تلك الكلمة التي جاء فيها إصرار الوزارة على دعم الابداع أيا كان شكله، إصرار ظهرت فيه الوزيرة رغبتها في جعل الجزائر قبلة الإبداع القادم من كل مكان. ولم تكن الوزيرة مخطئة على إصرارها في أن تكون الجزائر مصبا لمختلف الفنون، فقد ظهر هذا التنوع على خشبة المسرح، من خلال تلك العروض الفنية المقدمة، حيث امتزجت الموسيقى، الرقص بالأدب والشعر والمسرح. فقد بدا جليا أن القائمين على هذه الدورة اتخذوا شعار ''التنوع والثراء''، وهو ما ذهبت إليه الرئيسة الشرفية الممثلة صونيا التي أكدت على أن: ''دورة هذه السنة تشهد مشاركة فرق من كل بقاع العالم، فقد تكفل بإعداد البرنامج فريق من الشباب الذين اختاروا عروضا غنية ومتنوعة تضمن الفرجة والمتعة، إلى جانب الجزء الاستكشافي، على اعتبار أن العروض تمثل تيارات ومدارس فنية مختلفة''. لم يكن حفلا افتتاحيا بقدر ما كان حفلات، على اعتبار أن السهرة امتدت لعروض انطلقت من الركح، حيث تداول عدد من الفنانين على الخشبة من أجل عروض موسيقية على غرار العرض القادم من أعماق الطوغو والمقطوعات الشعرية... وغيرها من أنواع التعابير الفنية، وقد امتد الحفل في قاعة مصطفى كاتب، القاعة التي شهدت عددا من التكريمات لأعمدة الفن، بدءا بالتكريم الذي لقيه كل من كمال باشا، ممثل ومخرج مسرحي من فلسطين، عبد الرحمن بن زيدان جامعي ومسرحي من المغرب، عبد الكريم حبيب، ممثل بالمسرح الوطني الجزائري، والممثل والمخرج السوري مسعود غسان، إلى جانب فرناندو أربال من إسبانيا. كما تم تكريم الفقيد حاج عمر من الأوائل الذين اعتلوا منصة المسرح (1943) وأصبحت إحدى قاعات المسرح الوطني تحمل اسمه، وتم منح جوائز تشجيعية لكل من يوسف تاوينت ممثل شاب من الحركة المسرحية للقليعة وحاج اسماعين محمد الصغير، أحد أعمدة المسرح الجزائري. كان من الممكن أن يكتفي المنظمون بهذا القدر من أجل حفل الافتتاح، غير أن الرغبة في إنجاح الانطلاق الرسمي دفعت المنظمين لوضع في الحسبان سهرة فنية من عمق الجنوب الجزائري، فكانت فرقة ''الفردة'' التي أمتعت الحضور لدرجة التماهي، حيث تجاوب الكل مع تلك النغمات الصوفية، فكان مسك الختام ضمانا لنجاح حفل الافتتاح، ووعد ببرنامج غني وثري من شأنه أن يكون على مستوى تطلعات الجمهور وعشاق المسرح. الجدير بالذكر أنه، بالإضافة إلى المسرحيات، ستنظم 6 ورشات منها الكتابة الدرامية والنقد وتقني المنصة، إضافة إلى أيام دراسية تتمحور حول 3 مواضيع وهي ''الغناء الملحمي والشعر السردي لهوميروس والإمزاد والبلوز...''، كما أعد على هامش المهرجان برنامج أدبي تحت عنوان ''الرواية مدعوة في المهرجان'' و''الشعر مدعو إلى المهرجان''، إضافة إلى لقاءات بعنوان ''فنون الكلمة'' على مستوى المتحف الوطني للزخرفة والمنمنمات وفن الخط وداري الشباب لباب الزوار وسطاوالي وفي ساحة المتحف الوطني.