إن الأوضاع الدولية الراهنة، وفي مقدمتها ما يترتب عن حالة القطبية الواحدة للولايات المتحدةالأمريكية، تتطلب موقفا موحدا من الدول النامية لتحديد مطالبها السياسية والاقتصادية والتجارية والنقدية في المحيط بالشكل المحدد الذي يحقق مصالحها ويضع القواعد الواضحة لإمكانيات الحوار الإيجابي بين الشمال والجنوب، وهو حوار يجب أن يرتكز على مفهوم عصري لتوازن المصالح وتبادل المنافع وإنهاء عقود طويلة من الإهمال الشديد للحقوق المشروعة لدول الجنوب في تحقيق معدلات التنمية الضرورية والحتمية لتوفير احتياجات مواطنيها الأساسية من الغذاء والملبس وتحقيق التنمية المستدامة بما يصب في خانة استقرار الدول واستقرار العالم ويجنبه الصراعات والانقسام والأزمات التي تتصاعد درجتها بصورة حادة، مع العمل على ضمان استمرار فاعلية مجموعة الخمس عشرة التي تضم تسع عشرة دولة نامية تشكل مركز الثقل والوزن بين الدول النامية بامتداداتها القارية من إفريقيا وعضوية الجزائر ونيجيريا ومصر وزيمبابوي وكينيا··· وغيرها وأيضا من آسيا بكل ثقلها، حيث تضم الهند وأندونيسيا وإيران وماليزيا وصولا إلى أمريكا اللاتينية في مثل عضوية المكسيك والأرجنتين والبرازيل وفنزويلا مع ما تشكله هذه المجموعة من الدول من إقتصاديات وما تملكه من إمكانيات وقدرات تأثير وجذب على المستويات القارية والإقليمية والعالمية مما يتيح الفرصة لمجموعة الخمس عشرة أن تلعب دورا فعالا ومؤثرا في القضايا العالمية الأساسية، وتمارس دورها في تقريب وجهات النظر وفض الاشتباك بين المصالح المتعارضة والمتناقضة، هذا مع العمل على التعرّف على الأوضاع الحالية لتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات في هذه الدول ووسائل الاستفادة من التقنيات الحديثة الأكثر تطورا خاصة في إطار ونطاق التجارة الإلكترونية وتطوير الصادرات والواردات فيما بينها بمعدلات متسارعة تساهم في فتح الأسواق أمام الإنتاج الصناعي والزراعي والخدماتي على نطاق واسع، هذا مع الأخذ في الاعتبار التجارب الناجحة والعناصر المحلية والإقليمية والدولية المساندة للنجاح وما حققته هذه التجارب من استقرار اقتصادي ومالي ونقدي ونهوض في معدلات النمو وتقدم في العديد من المجالات الإنتجاية التي تنعكس على زيادة الصادرات الصناعية خاصة صادرات التكنولوجيا المتقدمة بمعدلات عالية واستمرار هذا النجاح على الرغم من ضغوط العولمة ومتغيرات العالم، خاصة وأن هذه المجموعة تعد في مقدمة التجمعات السياسية والاقتصادية والتجارية للدول النامية من حيث تأثير الدول الأعضاء بها ووزنها في نطاق دول الجنوب وأيضا من حيث الأهداف التي تسعى إليها، وفي ضوء التأثيرات السلبية للأوضاع العالمية الراهنة على فعالية المجموعة خلال السنوات الثمانية الأخيرة، فإنها تتطلب قوة دفع جديدة وإضافية تعد الجزائر في مقدمة الدول المؤهلة للقيام بها بحكم تاريخها ووزنها على امتداد الدول النامية وفي المحافل والمنظمات الدولية لمواجهة ضغوط العولمة وتأثيراتها غير الإيجابية على مسار التنمية والتقدم في الدول النامية وتتصاعد حدة الأزمات والمشكلات خلال السنوات الماضية خاصة على مستوى الدول الأقل نموا، وفي ظل انتشار الصراعات والأزمات الداخلية بالعديد من الدول النامية في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، خاصة إذا علمنا أن تشكيل هذا التجمع كان الهدف منه التعاون بين دول الجنوب وإيجاد مجموعة مصغرة وفاعلة من الدول النامية تقوم بالعمل من أجل دعم التعاون الاقتصادي بين دول الجنوب من خلال جهود أعلى المستويات السياسية في كل دولة من الدول الأعضاء، وقد تزامن تأسيس مجموعة الخمس عشرة مع بدء تداعيات السقوط والانهيار للامبراطورية السوفياتية والمعسكر الاشتراكي وبروز توجهات السعي نحو تبني ما يسمى عولمة الاقتصاد العالمي، حيث قامت المجموعة بتدارس الموقف لاستخلاص الرد المناسب على التحديات التي واجهت الدول النامية مع بروز تداعي أوضاع القطبية العالمية الثنائية وتوجهات الأوضاع الجديدة للقطبية الأحادية لأمريكا· ولقد حاولت مجموعة الخمس عشرة منذ تأسيسها تحويل مسار العولمة لصالح الدول النامية، فتبنت من خلال مؤتمراتها السنوية الدعوة إلى عدالة العولمة وإعادة تشكيل البنيان الاقتصادي الدولي وتحرير التجارة، وحاولت جاهدة أن تزيد كلا من التجارة البينية بين الدول الأعضاء والاستثمار ونقل التكنولوجيا ودعم التعاون الفني.