إذن، اجعلْ اسْمي عنوانا لكلّ فصول هذا الكتاب، وضعْ على الغلاف.. ضعْ صورتي أنا.. بعد أن أكون قد ارتديت فستانا أبيض، وابتلعتُ حفنة حبوب مخدّرة تكفي للإطاحة بحياة بغل. وما هي إلا لحظات قصيرة.. تك.. تك.. تك... هدو....ووء.. أفقدُ كامل إرادتي.. تغمرني هالة من النّور.. وأهوي بعد ذلك.. طراااااااااااااااااخ.. هكذا.. سقوط مسرحي بحركة ممعنة في البطء، و.. خلفية موسيقية مؤثرة. سترى كم يثيرُ ذلك مشاعرَ الجمهور..!!.. في الواقع، إنه لضرب من الابتذال أن تسمح بظهوري أمام الجميع بفستان أبيض..!!.. من الصعب حقا أن أرتدي فستانا، والأصعب من ذلك إذا كان هذا الفستان الذي علي ارتداؤه أبيض..!.. يا إلهي كيف يتقبل الآخرون هذا، إن كنت أنا ذاتي لا أتقبله..!؟ لكن بالمقابل، لا وجود لبطلة تموت بكل شجاعة في آخر مشهد، وهي بتنورة قصيرة أو سروال جينز. الموت الملحمي سيظل حكرا على الأشخاص النادرين في التاريخ.. العظماء، القادة، الثوار، الفنانون، الملوك والملكات... وهؤلاء يقتنون ملابسهم المهيبة من محلات خاصة، ويحرصون أن يكونوا بمظهر جيد، حتى إذا باغتهم الموت يجدهم مستعدين لمغادرة الحياة بطريقة تليق بمقامهم. ناهيك أن أسماءهم التي عادة ما تكون مناسبة لمكانتهم هي أسماء خاصة بهم وحدهم؛ أسماء قائمة بذاتها.. أسماء ثلاثية.. أسماء مفخمة.. رنانة.. مركبة.. مجازية.. أسماء مرفهة.. نبيلة.. أسماء ننطقها فيتردد الصدى.. أسماء اسمية... هل تظن يا كوكو أن فتاة تحمل اسمي يمكن أن تموت بطريقة ملحمية.!!؟؟.. أعني؛ مقعد وسط الركح، تاج من الزهر على الرأس، ضفائر منسدلة، فستان أبيض رزين، ونشيد مرفوع إلى السماء. و..المشهد كل المشهد يحدث تحت مرش الضوء الساطع. إن هذا غير معقول حقا..!! الناس يا كوكو لديهم ولع غريب بكل شخصية فريدة تمر بهم، فهم يتسابقون دائما للحصول على صورة معها، أو على الأقل توقيع منساب على دفتر الذكريات، ليتباهوا به أمام أصدقائهم. لا أظن أن لديك هذا النوع من الولع يا كوكو، فلست ككل الناس، لأنك فاقد لحس التجمهر، لا شيء يحرك فيك ذرة فضول واحدة، ثم إن السأم يستولي عليك طيلة الوقت. قد تكون أنت أيضا شخصية فريدة، لكن من نوع خاص. إذا حدث يوما ما أن صرت مشهورا، فستعجب بك العوانس البالغات سن اليأس، وتستأنس بك النسوة الحائضات، ويمشي وراءك الكهول المصابون بالقرحة المعدية. أليست هذه الأصناف الثلاثة من الناس هي الأغلبية الساحقة من سكان بلادنا.!!؟؟.. أظن أنها كذلك، فاهنأ بما يخبئ لك المستقبل السعيد يا كوكو. هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته