تحدث حمودة جمال، الممثل، المؤلف ومخرج مسرحية ''كاف النمر'' لمسرح أم البواقي في هذا الحوار عن تفاصيل عرضه الجديد الذي سيشارك به في المهرجان الوطني للمسرح، حيث عاد للحديث عن العمل وعن النفس الجديد الذي عرفه المسرح الجزائري في السنوات الأخيرة، معبرا عن رأيه بخصوص حتمية العمل على خلق جمهور مسرحي من المستوى الرفيع· ''كاف النمر'' هو آخر إنتاج فني لمسرح أم البواقي، هل يمكن الإفصاح عنه؟ هذا صحيح، مسرحية ''كاف النمر'' تعد آخر إنتاج لمسرح أم البواقي تم عرضه شرفيا مؤخرا بالمسرح الوطني وسنشارك به في المهرجان الوطني للمسرح الشهر المقبل· أحداث هذا النص المسرحي مستمدة من صخرة طبيعية مجسدة على شكل نمر ينظر للبحر، حاولنا الحديث عن المدينة من خلال هذه الأسطورة، على اعتبار أن المدينة تتمتع بتراثها العريق الكاشف عن ذاكرتها التاريخية وهويتها، هذا المعلم الطبيعي جزء لا يتجزأ من المحيط البحري ومن المدينة، حاول البعض الاستغناء عنه وبناء ملهى في مكانه، وهو الشيء الذي دفع البحار بطل العرض أن يدخل هو وزوجته في صراع حاد لوقف هذا المخطط، بهدف الدفاع عن كل ماهو طبيعي وجميل وشاهد على إرث المدينة، جسد دور البطولة في التمثيل نخبة من الوجوه المسرحية الجديدة من مسرح أم البواقي إلى جانب وجوه مسرحية أخرى تملك تجربة لا بأس بها وستستغرق مدة العرض حوالي ساعة و 20 د· بما أنك كاتب نص المسرحية، من أين استلهمت الفكرة؟ الدافع الحقيقي الذي حرضني على كتابة هذا النص هو الوضعية المؤسفة التي أصبحت تهدد تراثنا الثقافي والحضاري، فكم من مدينة سياحية سرقت تحفها الأثرية بتواطؤ مع البعض؟ وكم من متحف تعرض للسطو في غياب الجهات المعنية؟ كل ذلك أدخلني في دوامة الألم والحسرة، وأيقنت خلالها أن الهوية الجزائرية في خطر، وأنه آن الآوان لنفض الغبار عن المعالم الوطنية والعمل على جردها وإحصائها حتى لا تمتد إليها أيادي الغدر التي تحمل نواياها لتدنيس كل ماهو مقدس في الذاكرة الجماعية· يعتبر مسرح أم البواقي من المسارح الفتية، وبالتالي فإن الممثلين المشاركين في العرض من الوجوه الجديدة، فعلى أي أساس انتقيتهم؟ بالفعل مسرح أم البواقي مسرح فتي لكن هذا لا يمنع أن المدينة تتمتع بقدرات وطاقات إبداعية رائعة، وهو الشيء الذي أهلهم لأن يكون سباقين للالتحاق بالمسرح منذ أن فتح أبوابه لتشجيع المواهب، ولا يمكن ذلك إلا بفتح ورشات تكوينية على مستوى الإخراج والتمثيل لصقل المواهب بطريقة علمية وتقنية حديثة، إلى جانب أن مسرح أم البواقي لا يبخل بالتعامل مع المسرحيين ذوي التجارب والخبرات العالية بهدف تكوين مسرحيين من الجيل الجديد، وبالنسبة لعملية انتقاء الممثلين لهذا العرض فقد تمت بطريقة تشبه إلى حد ما الكاستينغ حيث اكتشفنا قدراتهم والشخصية المناسبة لتأدية الأدوار، والمميز في المسرحية هو تواجد جمال طيار الممثل المسرحي المعروف بكفاءته وتجربته الكبيرة· بحكم تجربتك الطويلة في المسرح، كيف تقيم المشهد المسرحي في الوقت الراهن؟ يعرف المسرح الجزائري في الوقت الحالي نهضة مستمرة حيث شهد في السنوات الأخيرة نفسا جديدا قاد بعض الفرق الهاوية إلى الاحترافية، وما شجع بعض الفرق والتعاونيات على ذلك هو الظروف المواتية سواء كانت معنوية أو مادية، فقد عرفت الحركة المسرحية مؤخرا دعما كبيرا من طرف الدولة وهو الشيء الذي حرضها على الإنتاج المستمر ومحاولتها الدائمة لتطوير مستوى عروضها، والشيء الذي لفت انتباهي اليوم هو أن الشباب المسرحي يتوفر على كل الإمكانيات، وأعتقد أنه حان الوقت لنسابق الزمن من أجل تقديم الأفضل· ما يلاحظ اليوم على المسرح الجزائري أن هناك مسرح وقاعات لكن هناك أيضا غياب الجمهور، ما تعليقك؟ بالفعل المسرح الجزائري يفتقر للجمهور، ويعود السبب إلى العشرية السوداء التي حطمت كل شيء مرتبط بالثقافة، فالطفل الذي كان عمره في تلك الفترة 10 سنوات يجهل ثقافة المسرح إذ لم ينشأ على حب المسرح، كيف لشخص لم يدخل يوما ليتفرج على عرض مسرحي أن يكون وفيا للخشبة؟! لكن هذا لا يمنعنا كمسرحيين من أن نطمح دائما لإعادة المسرح إلى الواجهة، كما أننا نطمح أيضا لصناعة جمهور مسرحي ذواق·