نظم مركز ''الشعب'' للدراسات الإستراتيجية ندوة بعنوان ''العلاقات الجزائريةالأمريكية، آفاق مستقبلية''، نشطها البروفيسور الأمريكي روبرت تيمور أستاذ العلوم السياسية بجامعة هافارد الأمريكية· وتتمحور الندوة حول ثلاثة محاور تتمثل في نظرة تاريخية عن العلاقات الجزائريةالأمريكية، التعاون المالي بين الجزائروالولاياتالمتحدةالأمريكية، الولاياتالمتحدةالأمريكية والربيع العربي· عاد منشط الندوة إلى فترة العلاقات الجزائريةالأمريكية خلال حرب التحرير، وبالتحديد حول نوعية الدعم الذي قدمته الإدارة الأمريكية، حيث وصفه بالمحتشم نظرا للعلاقة التي تجمع فرنسابالولاياتالمتحدة، مشيرا إلى موقف الرئيس كينيدي الذي دعا يومها إلى ضرورة مساعدة الثورة الجزائرية وإقامة علاقات متينة مع جبهة التحرير الوطني· كما عرج البروفيسور تيمور على الزيارة التي قام بها الرئيس أحمد بن بلة إلى الولاياتالمتحدة من أجل افتكاك الإعتراف بالدولة الجزائرية، وكذلك زيارة الرئيس الجزائري إلى كوبا وما أحدثته من توتر في العلاقات الجزائريةالأمريكية بسبب ما اصطلح على تسميته بأزمة الصواريخ· إن كل هذه الظروف والأحداث التي مرت بها العلاقات بين البلدين تخللتها فترات فتور وانتعاش، وبالتالي حدثت عدة انقطاعات خاصة خلال حربي 1967 و,1973 قبل أن تعود إلى مجراها عندما تولى الرئيس الحالي للجزائر عبد العزيز بوتفليقة مهام وزارة الخارجية، حيث لعبت سياسته الخارجية في عهد كيسنجر دورا هاما على المستويين السياسي والدبلوماسي· أحداث 11 سبتمبر والجزائر وخلال حديث البروفيسور الأمريكي عن العلاقات الجزائريةالأمريكية في العشريات الأخيرة توقف عند إفرازات هجمات ال 11 سبتمبر 2001 على نيويورك والتي تزامنت مع وجود الرئيس بوتفليقة في الحكم، حيث سمحت تلك الأحداث للجزائر بأن تلعب دورا مميز باعتبارها شريكا في محاربة الإرهاب، كما اعتبر منشط الندوة أن السنوات العشر الأخيرة كان التركيز فيها بين البلدين حول التعاون العسكري من خلال مبادرة الولاياتالمتحدة لمكافحة الإرهاب في الساحل بمشاركة الجزائر ودول أخرى، كما ترجم هذا التعاون العسكري بعدة زيارات بين وفدي البلدين في الميدان العسكري· وفي محور العلاقات الإقتصادية، اعترف أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، بعدم وجود مساعدات إقتصادية من بلده إلى الجزائر، لكن هناك برامج مدعمة خاصة بالجامعة والإنتقال إلى الوسط المهني· وفي هذا الإطار ذكّر تيمور بوجود مشروع اقتصادي يقدر ب 40 مليون دولار سيوجه إلى تدعيم المؤسسات الصغيرة المتخصصة في تكنولوجية الإعلام والحاسوب· هكذا تعاملت أمريكا مع الثورات العربية عند انتقاله للحديث عن التحولات والتغييرات التي يعرفها العالم العربي في المدة الأخيرة، اعترف البروفيسور بوجود انتقادات عديدة وجهت للسياسة الخارجية الأمريكية وبالتحديد حول رد فعل الأمريكان حول ما يحدث في بعض الدول العربية· ومع إقراره بأن النظام التونسي بقيادة بن علي كان فاشلا بل وفاسدا في نظر الولاياتالمتحدةالأمريكية، فقد ركز على موقف بلاده من الأزمة في تونس، والذي اعتبره مخالفا للمواقف الأخرى خاصة الفرنسي منها، حيث ابتعدت أمريكا عن النظام في تونس، من خلال تأكيد الرئيس أوباما وتشديده على سلمية المطالب والتعامل معها بعقلانية مع احترام حرية التظاهرات والتجمعات· وبعد سقوط الرئيس بن علي وانتهاء ثورة الياسمين في تونس، رحبت الولاياتالمتحدة ووافقت على تسمية ما حدث بالإنتفاضات والثورات· أما عن موقف الولاياتالمتحدة مما حدث في مصر، فلم يتوان منشط الندوة في اعتبار أحداث القاهرة كامتداد لما جرى في تونس، وذكّر بالزيارة التي قام بها أوباما إلى القاهرة وكيف حاول حث الرئيس حسني مبارك على ضرورة احترام إرادة الشعب، ووعد هذا الأخير بالتغيير· واعتبر تيمور أن نظرة أمريكا إلى النظام المصري كانت متشابهة تماما لنظام تونس، حيث بقي الرئيس مبارك حوالي 30 سنة، مما أفرز وضعا مشابها لتونس من خلال هيمنة العائلات الحاكمة على الثروة ودور جمال مبارك الذي كان محل انتقاد من الإدارة الأمريكية· وفي هذا السياق، أشار البروفيسور تيمور إلى العلاقات العسكرية بين أمريكا ومصر والتي وصفها بأنها كانت وطيدة منذ اتفاقية كامب ديفيد، ناهيك عن أن مبارك كان حليفا للولايات المتحدةالأمريكية، إلا أنها رحبت بتنحيته من الحكم وإقصائه· وخلص الأستاذ تيمور إلى القول بأن النقطة المشتركة بين مصر وتونس هي أن الحركات الشعبية تهدف إلى التغيير، وأمريكا حرصت على ألا تتأثر العلاقات مع هذين البلدين وأبدت تحفظاتها من الحركات الإسلامية التي حاولت مطاردة تلك الثورات والإنتفاضات· أما الحالة الثالثة وتعني بها ليبيا، فقد قال عنها الأستاذ تيمور بأنها اتسمت بسياسة الولاياتالمتحدة المترددة، بعد أن بدا الأمر متجها نحو حرب أهلية بين الثورة الشعبية والدور الفرنسي الذي كان أقوى من الدور الأمريكي، بالإضافة إلى تردد الرأي العام الأمريكي اتجاه أي تدخل عسكري في ليبيا، وهو ما جعل الدور الأمريكي، حسب الأستاذ تيمور، يتسم بالوسطية نتيجة ضغط فرنسي، ليقتصر الدور الأمريكي على مجال الدعم اللوجستيكي لقوات الحلف الأطلسي والإنساني للمدنيين· وفي حديثه عن الأوضاع والأحداث التي تعرفها كل من سوريا واليمن والبحرين، اعتبرها البروفيسور حالات مختلفة·