لم تجد السلطات الجديدة في ليبيا من وسيلة أخرى لمساومة الجزائر في مواقفها سوى أن تفاوضها في مواقفها بقضية المياه الجوفية التي فصلت فيها سلطات ثلاث بلدان مغاربية هي الجزائر وليبيا وتونس، وفق اتفاقيات دولية صادقت عليها الهيئات الدولية، بما في ذلك هيئة الأممالمتحدة· ويحاول لوبي ليبي مدعوم من دول خليجية وحتى مجاورة كالمغرب، الضغط على السلطات الجديدة ''الانتقالية'' في ليبيا التي لم يفصل في مصيرها بعد الشعب الليبي لإخراج هذا الملف· وبالرغم من أن السلطات الجديدة في ليبيا من أشد المنتقدين والمعارضين لمشاريع معمر القذافي، وعلى رأسها مشروع النهر الصناعي العظيم الذي يعرف أنه ينقل المياه الجوفية من غرب ليبيا نحو طرابلس ومناطق أخرى بعيدة في ليبيا، إلا أنها تعول كثيرا على هذا المشروع الذي رأت فيها في السابق مضيعة وتبذيرا للأموال· الجزائر طوت الملف ولا مفاوضات على حصتها في المياه الجوفية مقابل اشتداد مطامع النظام الانتقالي الجديد في ليبيا في المياه الجوفية الواقعة غرب ليبيا وجنوب شرق الجزائر في حوض باطني ضخم يعتبر أكبر بحيرة جوفية بالقارة الإفريقية، تعتبر الجزائر أن إعادة التفاوض أو فتح الملف مجددا غير وارد، خاصة وأن الاتفاق قد تم في هذه القضية، ووقع عليه وفق اتفاقيات دولية، والملف يوجد على مستوى جميع هيئات الأممالمتحدة التي صادقت عليها· ويقضي الاتفاق بين الجزائروتونس وليبيا بتقاسم المياه الجوفية لتكون حصة الجزائر بنحو 600 مليون متر مكعب فيما تحصل تونس على 500 مليون متر مكعب وليبيا 350 مليون متر مكعب، وذلك وفق توزيع هذه المياه في باطن الأرض· هل هي بداية حرب مغاربية حول المياه الجوفية؟ وقد ظل ملف المياه بين الدول المغاربية جاثما على الصراع بين دول المغرب الكبير طيلة السنوات الماضية، وكاد أن يأخذ أبعاد أخرى وحتى الاستنجاد بالقضاء الدولي، خاصة بعد أن قرر نظام معمر القذافي حفر عدد كبير من الآبار الارتوازية لضخ المياه الجوفية الموجودة على الحدود المشتركة بين الدول الثلاث ونقلها، عبر خطوط الأنابيب، من واحات غدامس بالجنوب الغربي نحو الجماهيرية الليبية· وقد رفضت الجزائر هذا الأمر، باعتبار أنها تملك أكبر مساحة توجد بها هذه المياه، باحتياطي قدر ب 40 ألف مليار متر مكعب· وتهدف الجزائر الحفاظ على المخزون المائي الجوفي، خوفا من ضياعه نهائيا وعدم تجددها· وتشير الدراسة التقنية الأولية التي أنجزتها اللجان المشتركة للبلدان الثلاثة إلى أن ''مياه الحوض الجوفي المشترك يمكن أن تنفد في مدة لا تتجاوز 50 سنة، في حال ما إذا واصلت ليبيا ضخها للمياه''· وتريد الجزائر التي تعرف في كثير من الأوقات عجزا في التزود بالمياه، بسبب التقلبات الجوفية، ضمان أمنها المائي، وهو ما يجعلها تتمسك بمبدأ الحفاظ على الثروة المائية المخزنة بباطن الأرض، علما أن الجزائر انتهت من مشروع ضخم يتمثل في نقل المياه من مدينة عين صالح إلى تمنراست وهو المشروع الذي دشنه رئيس الجمهورية خلال هذه السنة·