كشفت معلومات سربت من الوكالة الوطنية للتشغيل ''لانام'' عن وجود مئات حالات التحايل على هذا الجهاز الذي استحدثته الدولة لتقليص نسب البطالة بمنح أجور قدرها 51 ألف دج للجامعيين، بزعم توظيفهم لدى مؤسسات عمومية أو خاصة، وحتى خواص لا يملكون شركات كمكاتب المحاماة والعيادات الطبية الصغيرة والتأمينات وغيرها من المهن، دون أن يلتحقوا بمناصب عملهم· وقالت ذات المصادر أن المسؤولين على رأس هذا الجهاز على علم بمثل هذه التجاوزات، لكنهم لم يتمكنوا من التحرك لوقفها بسبب غياب ميكانيزمات الرقابة على مناصب العمل التي تم استحداثها، خاصة على مستوى بعض الولايات· وأضاف مصدرنا أن هذا ''التوظيف الكاذب'' بدأ يستفحل بالعديد من الولايات، وأكد وجود عشر ولايات على الأقل، معنية بهذه الخروقات، منها العاصمة ووهران وعنابة وسطيف وقسنطينة وتيبازة والبليدة· وأرجع محدثنا سبب وجود هذه التجاوزات بهذه الولايات دون غيرها، إلى كثافة طالبي العمل، الأمر الذي يحول دون القيام بزيارات تفقدية للمناصب الملتحق بها، والاكتفاء بالشكاوى التي ترد إلى المكاتب الولائية للتشغيل· كما كشفت عديد الشهادات التي حصلت عليها ''الجزائر نيوز'' عن وجود مؤسسات استغلت الفراغات القانونية الموجودة في الجهاز للقيام بسلوكات غير قانونية وغير مسؤولة، وأقدمت على تشغيل شباب جامعي دون توظيفهم الفعلي بالمؤسسة، حيث اقتصر طلب العمل من قبل هذه الشركات لدى وكالات ''أنام'' على المعاملات الإدارية فقط، بغرض تمكين هؤلاء الشباب من الأجرة الشهرية التي هي على عاتق الدولة دون بذل أي جهد يذكر أو الحضور يوما إلى الشركة· كما ذهبت هذه المؤسسات بعيدا وقامت بإرسال تقارير إثبات الحضور وتواجد الموظف بمكان عمله، رغم أن العامل غير موجود تماما بمحيط المؤسسة ولا يقدم أي جهد يستحق عليه أجرا في نهاية الشهر· ورغم التحقيقات الميدانية التي تقوم بها مديرية التشغيل على مستوى المؤسسات، خاصة الاقتصادية الخاصة المعنية مباشرة بمثل هذه الخروقات والتي تقدمت بطلبات توظيف جامعيين، غير أن قلة المراقبين لا تسمح بتغطية كاملة للتراب الولائي، وهو ما أبقى الوضع خارج السيطرة· وبخصوص سؤال حول أسباب استفحال ظاهرة ''التوظيف الوهمي'' في هذا الوقت، رغم أن الجهاز يعود إنشاؤه إلى أكثر من ست سنوات، أكد مصدرنا أن الأمر له علاقة بأحداث جانفي والضغوطات التي تعرضت لها الحكومة، إضافة إلى أوامر رئيس الجمهورية المطالبة بتوفير مناصب شغل واستحداث أجهزة للتشغيل، ما دفع بآلاف الشباب البطال، خاصة الجامعي إلى التوجه نحو الوكالة الوطنية للتشغيل للحصول على منصب عمل· كما أن رفع الأجر من 12 ألف دج إلى 15 ألف دج ومستقبلا إلى 18 ألف دج حفز الشباب للعمل في هذا الجهاز، على الأقل للحصول على فرصة تكوين وأجر محترم نوعا ما مقارنة بما تقدمه الشركات الخاصة، وربما انتظار صدور مرسوم رئاسي يقضي بتوظيف كل الأشخاص العاملين في هذه الأجهزة· من جهة أخرى انتشرت ظاهرة جديدة على مستوى مكاتب المحاماة والعيادات الخاصة ومكاتب الدراسات والمؤسسات الاقتصادية الخاصة، تتمثل في استغلال الجامعيين وغيرهم من حملة الشهادات في مناصب عمل غير تلك التي عينوا بها، إذ تقوم تلك الجهات، بمجرد توقيعهم للعقد، بتغيير نشاطهم من متصرف إداري -على سبيل المثال- إلى عامل نظافة أو عون حراسة· وقد عرفت نسبة الشكاوى التي تصل إلى مكاتب الوكالة الوطنية للتشغيل ارتفاعا رهيبا في الآونة الأخيرة، وقال مصدرنا أن معظمها تسجل على مستوى مكاتب المحاماة ومكاتب الدراسات، حيث طالب المئات من الشباب التحقيق في الموضوع، كما طالبوا بنقلهم إلى مكاتب أخرى بفعل التجاوزات الحاصلة· وأضاف مصدرنا أن الوكالة الوطنية للتشغيل ''لانام'' لم تقم برفع أجور المدمجين في مناصب عمل لديها من حملة الشهادات الموظفين قبل بداية سنة 2011, حيث لا تزال أجور الآلاف منهم لا تتعدى 12 آلاف دينار، رغم أن الوزارة المعتمدة أكدت رفعها إلى 15000 دج، غير أن هؤلاء تفاجأوا بأقرانهم الذين دخلوا في الآونة الأخيرة يتقاضون 15 ألف دج وهم لا يزالون يقبعون في عتبة 10 آلاف دج، في وقت كانوا يستبشرون خيرا برفعها بحكم أنهم يحوزون مستوى جامعيا ويتساوون في الواجبات المهنية مع الذين وظفوا مؤخرا، بل أكثر من ذلك فهم يملكون الخبرة المهنية التي تؤهلهم لتقاضي منح إضافية· يشار إلى أن وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي الطيب لوح كان قد أعلن في وقت سابق عن مخطط رقابي في إطار تطبيق المخطط الوطني لترقية التشغيل ومحاربة البطالة وتوفير أكثر 627 ألف منصب شغل عبر مختلف الصيغ المعتمدة، حيث أكد أن مفتشيات العمل ستشرع في تكثيف عمليات الرقابة على المؤسسات، بما في ذلك المؤسسات ذات الطابع الصناعي والتجاري، متوعدا المؤسسات التي قد لا تحترم إجراءات التشغيل بعقوبات صارمة· وتعود تصريحات الوزير بعد أن تجاوز عدد الذين تم توظيفهم في مختلف الأجهزة النصف مليون بطال وهو ما يجعل مراقبتهم أمرا صعبا، خاصة في ظل النقص الذي تشهده مختلف مفتشيات العمل غير القادرة على التوفيق بين المشاكل اليومية التي تقع بين أرباب العمل والعمال من جهة، وبين الخروقات التي تقع في هذا الإطار من جهة أخرى· وتضمنت الأرقام التي قدمتها، في وقت سابق، الوكالة الوطنية للتشغيل، أنه في إطار المُخطط المذكور وفرت 280 ألف و114 منصب شغل ضمن التنصيب العادي أي الصيغ الثلاثة المذكورة، أما بخصوص صيغة جهاز المساعدة على الإدماج المهني فقد وفر 348 ألف و741 منصب شغل منها 111 ألف منصب شغل ضمن إدماج حاملي الشهادات و82 ألف و302 منصب ضمن إدماج مهني و154 ألف و682 منصب ضمن تكوين وإدماج· ويهدف هذا الجهاز الجديد إلى تسهيل الاستفادة من منصب عمل دائم للشباب طالبي العمل لأول مرة المسجلين لدى شبكة الوكالة الوطنية للتشغيل ''أنام''، بإدماجهم أكثر في القطاع الاقتصادي والعمومي والخاص· ويتمثل الهدف من ذلك في رفع النسبة السنوية للتوظيف المستمر من 12 بالمائة إلى 33 بالمائة، وهو يولي اهتماما كبيرا وخاصا لحاملي الشهادات بدون وظيفة· وتعتبر عقود الإدماج المهني لخريجي الطور الثانوي لمنظومة التربية الوطنية ومراكز التكوين المهني أو الذين تابعوا تكوينا تمهينيا وقدر عددهم ب 797 ألف حسب الديوان الوطني للإحصائيات أي 64 بالمائة من مجموع البطالين· كما تقوم الوكالة الوطنية للتشغيل بتسيير هذا الجهاز بالتنسيق مع مديرية التشغيل للولاية، أما عن طرق المراقبة فتضمن مراقبة ومتابعة هذا الجهاز مديرية التشغيل الولائية بالتنسيق مع مفتشية العمل والمفتشية العامة للوزارة المكلفة بالتشغيل والصندوق الوطني للتأمين عن البطالة والوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب·