تمر، اليوم، سنة كاملة على انطلاق ثورة 25 يناير التي تمكنت في أقل من عشرين يوما من زحزحة مبارك من الحكم، وهو الذي بقي فيه ثلاثين سنة كاملة، غير أن الذكرى الأولى تمر والجدل يستمر معها، هل يحتفل المصريون بإشعال الشموع وإقامة الأفراح بنجاح ثورتهم؟ أم سيعودون إلى ميدان التحرير بوسط القاهرة لا للاحتفال بانتصار الثورة وإنما من أجل مواصلتها في إطار موجة ثانية للثورة، أو ما يسميها بعض المصريين ''سنة ثانية ثورة''؟ الداعون للاحتفال هم الذين قطفوا ثمار المرحلة، وهم بالأساس من الفائزين في الانتخابات التشريعية الأخيرة، وأساسهم من الإسلاميين الذين التحقوا متأخرين بالثورة أو لم يشاركوا فيها أصلا أو من السلطة العسكرية التي تحاول إعطاء الانطباع بأن الثورة نجحت في تحقيق كل أهدافها، ومن -حسبه- فلا مبرر لاستمرار المظاهر الاحتجاجية التي من شأنها تخريب الاقتصاد وإدخال البلاد في حالة فوضى المستفيد منها الأول هو بقايا النظام السابق· إنه صراع إرادتين، إرادة الثورة، وإرادة ''الأمر والواقع''، ويبدو ''ظاهريا'' أن الإرادة الثانية المدعومة بقوة العسكر وقوة التيار الإسلامي هي المسيطرة، غير أن قانون الثورة لا يعرف هذه الواقعية، وهو الأمر الذي يعيدنا إلى الخامس والعشرين من هذا الشهر في السنة الماضية، حيث كان أكبر المتفائلين من الثوار أنفسهم يحلمون بإقامة مظاهرات قوية تزعج النظام على أن تتجدد في كل مرة على غرار ما حدث في حركة السادس من أفريل ,2008 وكان النظام يستعرض قوته باحتفالات مبهرة بعيد الشرطة الذي يرمز إلى قوة السلطة البوليسية التي قمعت كل حركات التحرير في التاريخ المصري المعاصر، لكن الانخراط في الفعل الثوري حقق ما لم يكن في الحسبان وأجبر مبارك بكل عنجهيته على مغادرة كرسي الحكم بعد أن تحوّلت مظاهرات الآلاف من الشباب إلى الملايين الكثيرة التي نجحت في تحقيق الخطوة أولى ثمار الثورة، وقد تتحقق باقي الثمار بإقامة نظام ديمقراطي· إنه صراع الإرادتين الذي يتكرر في مصر التي قد تشهد بداية من اليوم ميلاد ''سنة ثانية ثورة''، كما يقول بعض الشباب الثوار·