1 العودة إلى مكة عندما أُصاب بالذهول والقنوط تستولي علي فكرة مجنونة، تظل تلح على نفسي بقوة وعناد، وهي ماذا لو عاد الرسول عليه الصلاة والسلام، إلى عالمنا العربي والإسلامي الموبوء اليوم؟! من شاء، فليعش معي مثل هذه اللحظة المجنونة·· بينما كان الرسول (ص) جالسا إلى رسل وأنبياء آخرين على شاطىء نهر سرمدي، يسبّحون بحمده تعالى، اقترب جبرائيل بوجهه المضيء من النبي محمد (ص)، ليوحي إليه أن الله سبحانه وتعالى يأمره بتفقد أمته المحمدية، هل هي لا تزال سائرة على سنته ومتشبثة بحبل الله تعالى·· ابتهج، وظهرت على ملامحه الزكية إشعاعات نور وفرح·· ركب على متن البوراق الذي كان على أهبة الاستعداد منزول مجددا، إلى مسقط الرسول (ص)·· ما أن وطأت قدماه الطاهرتان أرض مكة، حتى استولى عليه العجب، لقد تغيرت صورة مكة جذريا، أثارته البناءات الشاهقة، والمحلات التجارية وذلك العمران الباذخ·· وبينما هو يتفقد الحرم المكي، رأى (ص) رجال الشرطة ينهرون الناس ويثيرون في قلوبهم الرعب والفزع، لكنه (ص) صمت، ثم في لحظة من اللحظات التي عادت به إلى زمنه، اقترب منه أحد رجال الشرطة، متفرسا فيه، وسأله عن أوراقه، لكن الرسول (ص) ظل صامتا وعلى وجهه المضيء ابتسامة روحية·· واستشاط رجل الشرطة وشلته غضبا وفكر أن يأخذ الرسول (ص) إلى مقر الشرطة·· وعندئذ، قال الرسول (ص)·· أهكذا علمكم الرسول التعامل مع الناس، لكن الشرطي أبدى تضايقه وراح يصرخ·· قلت ''هات أوراقك'' قال الرسول (ص) ''ألست هنا في مكان مهيب''؟! ولحظتها كان أمير مكة رفقة حرس كبير·· انتبه إلى الرسول وسط محاصرة الشرطة، فقال الأمير، ''من ذاك الرجل الذي يبدو غريبا عن زماننا''؟!، قالوا ''إنه رجل مشبوه، لذا نحن نحقق معه، لكنه يرفض أن يكشف عن هويته'' وعندها أمر أمير مكة، أن يأتوه به·· سأل أمير مكة الرسول (ص) ''لماذا ترفض الكشف عن هويتك أيها الرجل الغريب؟'' أجاب الرسول (ص) ''ومن أنت، أيها الرجل الكريم؟'' فاستشاط أمير مكة قائلا ''كيف تتجرأ على طرح السؤال علي أيها الرجل الغريب؟'' ثم أضاف ''ألا تعرف من أنا؟! أنا حاكم مكة؟!'' وعندها رفع الرسول (ص) وجهه إلى السماء وظل غارقا في صمت مبين، لكن أمير مكة الذي شعر بالإهانة أمر بلهجة غاضبة أن يقودوا الرسول (ص) إلى السجن للتحقيق معه··