عرفت العمليات الإرهابية خلال شهر رمضان من العام الجاري تراجعا ملحوظا، إذ يمكن الجزم بأن رمضان هذا العام هو الأكثر أمنا منذ سنوات، من حيث تراجع الرعب الإرهابي والعمليات الإجرامية التي كانت تستهدف الأبرياء في الأعوام الماضية خلال شهر الرحمة· ولم تتجاوز التحركات الإرهابية بعض الأعمال المعزولة، بل وبلغت مؤشرات نشاط الجماعات المسلحة أدنى معدلاتها حتى بالمناطق المعروفة ''ساخنة'' على غرار ولايتي تيزي وزو وبومرداس، حيث خلفت العمليات الإرهابية التي نفذتها عناصر الجماعة السلفية بولاية تيزي وزو منذ بداية شهر رمضان الجاري قتيلين وجريحا في صفوف الجيش الوطني الشعبي، بعد نصب حاجز مزيف يوم السبت المنصرم على مستوى الطريق المؤدي إلى دائرة واضية· كما تم تسجيل عمليات إرهابية متفرقة خاصة بالمنطقة الغربية من الولاية، منها اختطاف ابن أحد رجال الأعمال بمنطقة بني دوالة يوم 24 أوت المنصرم، الذي يبقى رهينة هذه المجموعات المسلحة، حيث لا تزال المفاوضات سارية بعد أن تم ربط الاتصال مع عائلته قصد الحصول على فدية لإطلاق سراحه، حيث حاولت الجماعات المسلحة خلال نفس الفترة تكثيف مثل هذه العمليات قصد الحصول على موارد مالية لتمويل نشاطاتها، بعد الأزمة المالية التي يعيشها أتباع درودكال خلال السنوات الأخيرة، لكن ولحسن الحظ أنها لم تكلل كلها بنجاح بعد إحباط ثلاث محاولات اختطاف، أولها تم تسجيلها ببلدية آيت تودارت بعد استهداف أحد فلاحي المنطقة، لكن تدخل المواطنين أدى إلى إحباطها· نفس السيناريو يتكرر بمنطقة واضية يوم الخامس سبتمبر المنصرم، بعد محاولة اختطاف مغترب على مستوى إحدى قرى هذه البلدية، وهي العملية التي لم تكلل بنجاح لتضاف إليها محاولة مماثلة بمدينة أزفون خمسة أيام فقط من المحاولة الثانية بعد اقتحام مسكن أحد المقاولين الذي لم يتوان في إطلاق النار على هذه العناصر الإرهابية، والدخول معها في اشتباك عنيف أدى إلى إصابة أحد أفراد عائلته بجروح خطيرة، لتتدخل بعدها قوات الجيش وتباشر حملة تمشيط واسعة النطاق أدت إلى تدمير أحد المخابئ واسترجاع 2 كلغ من الكيف المعالج إلى جانب كمية من المواد الغذائية· كما تمكنت قوات الأمن خلال هذه الفترة من تفكيك شبكتين لدعم المجموعات المسلحة متكونة من ستة عناصر بكل من وادي قصاري وذراع الميزان· فعكس السنوات الفارطة، التي كانت فيها الجماعات الإرهابية تقوم، في الأيام الأولى من شهر رمضان، بعمليات انتحارية، عرف الوضع الأمني بولاية بومرداس في بداية شهر رمضان الجاري استقرارا، أرجعه المتتبعون للشأن الأمني ببومرداس إلى سيطرة قوات الأمن على منابع تمويل الجماعة الإرهابية بالمواد المتفجرة والسيولة المالية، وهو ما ساهم بشكل كبير في دحر شوكة الإرهاب، إلى جانب عمليات التمشيط التي تقوم بها في المعاقل الرئيسية للتنظيم الإرهابي، لتخرج بعد ذلك الجماعة الإرهابية من حصارها لتنفذ أولى عملياتها الإجرامية عن طريق المواجهة المباشرة ومباغتة خصمها مثلما حدث بقرية كودية لعرايس بلقاطة، حيث اغتالت عون حرس بلدي في مقهى القرية بواسطة سلاح الكلاشنيكوف، وبعد ذلك بأيام، نفذت عملية أخرى بقرية مندورة التي نجا منها عون الحرس البلدي المستهدف بعدما تفطن لها· ففي أقل من أربعة أيام، نجا عون حرس بلدي سابقا بقرية أولاد علال من محاولة اغتيال، وقبله نجا رئيس مفرزة الحرس البلدي لقرية إحسامن ببلدية الناصرية من محاولة اغتيال بواسطة قنبلة ذات التحكم عن بعد، وبمركز بلدية سي مصطفى، اغتالت ليلة الأحد إلى الإثنين الجماعة الإرهابية رجل الدفاع الذاتي سابقا حين عودته إلى منزله العائلي بعد صلاة العشاء، بعد أن كانت الجماعة الإرهابية قد هددته بالتصفية الجسدية· كما نفذت الجماعة الإرهابية اعتداءين راح ضحيتهما مواطنين، أولها ببلدية عمال التي استهدفت ممون الثكنة العسكرية بقرية بوعدل، والثانية ببلدية بغلية شرق الولاية، التي استهدفت دورية للدرك الوطني، وقد تزامن مرور عضو حركة الدعوة والتغيير وانفجار القنبلة مخلفة مقتله وجرح دركي· فاعتداء الجماعة الإرهابية خلال رمضان لم يقتصر على هذا، حيث استولت على بندقيتي صيد تابعتين لرجلي دفاع ذاتي قامت باحتجاز ابنيهما وإطلاق سراحيهما مقابل السلاح، وقد حاولت إعادة نفس السيناريو مع رجل دفاع ذاتي آخر الذي تفطن للأمر مما حال دون حصولها على السلاح، كما تمكنت قوات الأمن من تفكيك شبكة دعم وإسناد خطيرة ببلدية تيمزريت، التي كانت وراء العديد من العمليات الإرهابية التي استهدفت أفراد الأمن الوطني بالمنطقة، ويعود نشاطها، حسب مصدرنا، إلى نهاية التسعينيات· أما بولاية الشلف، فقد شهدت إحباط هجوم إرهابي بوسط المدينة يعد الأول من نوعه منذ سنوات ضد حاجز أمني يقع قرب ثكنة للدرك الوطني، وقد حال إبلاغ المواطنين دون ارتكاب الجريمة، فيما تم القضاء على إرهابي واعتقال ثلاثة آخرين بعد عملية ملاحقة·