يرى قاسة عيسي، الأمين الوطني المكلف بالاتصال في المكتب السياسي للأفلان، أن العلاقات الجزائرية الفرنسية طغى عليها التاريخ مع التأكيد على ضرورة التطلع إلى المستقبل، مشيرا إلى العلاقات المتميزة التي توجد بين الأفلان والحزب الاشتراكي الفرنسي والمبنية على مبدأ التوافق خاصة ما تعلق بالطرح الخاص بالذاكرة· كما هو معلوم للأفلان علاقات وطيدة مع الحزب الاشتراكي الفرنسي، كيف تقيمونها؟ أولا، علينا التأكيد على نقطة وهي أن العلاقات مبنية على أساس المصالح المتبادلة سواء بالنسبة لفرنسابالجزائر أو العكس، كما أن المجال الاقتصادي يمثل الأساس في العلاقات ما بين البلدان ذات السيادة· وفي جانب آخر، لا ننسى أن العلاقات الجزائرية الفرنسية، طغى عليها التاريخ، وهو الأمر الذي لا يمكننا تجاهله، مع إقرارنا بالعلاقات الموجودة بين الشعبين انطلاقا من كوننا جيران في البحر المتوسط، ولا أضيف شيئا إن قلت مثلا مدينة مرسيليا قريبة من الجزائر مقارنة ببعض المدن الجزائرية، ناهيك عن وجود جالية جزائرية بفرنسا من الجيل الثالث أو الرابع مما يترك العلاقات الإنسانية ذات طابع خاص، ولهذا كانت الجزائر حريصة على ضرورة فتح المجال لرأس المال والصناعة مع الأخذ بعين الاعتبار قضية تنقل الأشخاص· أما بالنسبة للأحزاب، فالأفلان له علاقات مميزة مع الحزب الاشتراكي الفرنسي، وسبق لنا أن استقبلنا المترشح الفرنسي هولند منذ عام ونصف، وكذا شخصيات بارزة في الحزب الفرنسي مثل هوتبورغ، وهو ما يجعلني أقول إن علاقاتنا مبنية على بعض التوافق خاصة في ما يتعلق بالطرح الخاص بالذاكرة الذي تقدمت به الجبهة، وضرورة اعتراف الدولة الفرنسية الرسمية بجرائم النظام الاستعماري في الجزائر منذ الاحتلال إلى غاية ثورة نوفمبر، دون أن ننسى كل ما حدث خلال المقاومات· ونحن اليوم على يومين من ذكرى مجازر 8 ماي 45 التي هي صورة لا تنسى عن جرائم الاستعمار الفرنسي، كما أننا ودون التدخل في الشؤون الداخلية للشعب الفرنسي في اختيار المؤسسات وقادته، نركز على كون الجزائر دولة محورية سواء في الفضاء المتوسطي أو الأفريقي أو المغاربي أو العربي، ويجب أن يعطى لهذا الجانب أهميته· في تقديركم ماذا سيتغير في العلاقات بين البلدين في حالة فوز هولند؟ لا يخفى على أحد أن علاقات الأحزاب مرتبطة بالمصالح المشتركة، وكذا الأهداف المسطرة في برنامج كل حزب، فمثلا لا نستطيع الحديث عن ضرورة مساندة الشعوب في تقرير مصيرها في بعض المناطق من العالم ونتجاهل القضية الصحراوية المتواجدة على حدودنا، كما لا نستطيع التكلم على حقوق الإنسان دون الإشارة إلى ما يجري من انتهاكات لهذه الحقوق في فلسطين، وما يتعلق بحق الشعب الفلسطيني لبناء دولته وعاصمتها القدس· واستنادا إلى كل هذه القضايا، فإن الأفلان يترك الجسور مفتوحة مع كل القوى الوطنية في فرنسا التي تتقاسم نفس المبادئ والرؤى والتطلعات، رغم أننا في التاريخ الجزائري لم ننس أنه خلال الثورة التحريرية كانت بعض الأحزاب الفرنسية التي كانت لها مرجعية اشتراكية آنذاك ناضلت لبقاء الجزائر فرنسية، لكن التاريخ أعطى برهانا يقضي بأن إرادة الشعوب لا تقهر، والتنظيمات الثورية مثل الأفلان تبقى متمسكة بالمبادئ المكرسة في بيان أول نوفمبر 54 وفي أدبياتها، وفي الوقت نفسه تبقى أيضا متفتحة أساسا على المستقبل لإنشاء علاقات على أساس المصالح المتبادلة واحترام خيارات كل شعب، وهذا هو مجال العمل المشترك في المستقبل لحزب جبهة التحرير الوطني والحزب الاشتراكي الفرنسي· هل هناك قضايا أخرى جوهرية بغض النظر عن قضية اعتراف الجانب الفرنسي بجرائمه الاستعمارية؟ أعتقد أن حل بعض القضايا العالقة اليوم في مصلحة كل القوى الفرنسية التي لها نظرة مستقبلية، وليست حبيسة الأيدولوجيات التي قضى عليها التاريخ، ومنبعها هي العنصرية والتمييز والاضطهاد، كما هي ظاهرة الاستعمار واستعباد الشعوب، ولهذا فإن الأفلان يناضل مع كل القوى لتجريم الاستعمار ليس في الجزائر فقط، بل في كل الأقطار التي كانت تحت سيطرة هذا النظام الاستبدادي الذي يكرس العبودية، وعلينا اليوم انتظار مرور الانتخابات الفرنسية التي يبقى فيها الشعب الفرنسي حرا في اختياراته، ونحن سنتعامل مع كل القوى التي لها نظرة مستقبلية وتقاطع النظام الاستعماري الذي قضت عليه الثورة الجزائرية بالسلاح واسترجعت سيادتها المغتصبة، ونعمل اليوم على محو آثار هذا النظام الاستعماري ومخلفاته ونتطلع لتعاون مثمر بين البلدين والشعبين·