سنطور العلاقات الجزائرية الفرنسية حين نصل إلى الحكم أعلن فرنسوا هولند أمس بأنه سيعمل على تطوير العلاقات الجزائرية الفرنسية في حالة فوز الاشتراكيين بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية الفرنسية في النصف الأول من عام 2012. وأوضح السكرتير الأول السابق للحزب الإشتراكي في تصريح صحفي عقب مباحثات جمعته أمس بأمين عام جبهة التحرير الوطني بمقر الحزب بالعاصمة بأن هناك "ما يوحدنا على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والعاطفي وإذا وصلنا للحكم سنعطي قوة جديدة لهذه العلاقة". وكشف في تصريحه عن مبادرة حزبه بتحضير نشاطات بذكرى مرور 50 على استقلال الجزائر عن بلاده، وأضاف أن الاحتفال سيكون مناسبة لنقول ما نعتقده وكيف نرى العلاقات بيننا في الخمسين سنة المقبلة المقبل أو على الأقل في السنوات الخمس الموالية في حالة فوز حزبنا بالانتخابات. وأشار إلى أهمية فتح صفحة جيدة في علاقات البلدين في المستقبل.وأضاف هولند الذي عمل سنوات طويلة في مكتب الرئيس الفرنسي السابق فرنسوا ميتران وقاد الحزب الاشتراكي بين 1997 و 2005 إلى أن تطوير العلاقات بين البلدين في قلب تفكيره. في حين لفت عبد العزيز بلخادم النظر في تدخله إلى أهمية القيام بتصفية الإرث بين البلدين قبل المضي إلى الأمام، وأضاف أنه لا يمكن بناء علاقة سليمة بين الدولتين دون أن تعترف الدولة الفرنسية الرسمية بالاستعمار كجريمة و تدينه أيضا. وأظهر أمين عام الافالان خيبة أمله في مستوى العلاقات بين البلدين، مستدلا على ذلك بضعف تدفق الاستثمارات والفرنسية في بلادنا وتقييد تنقل الأشخاص ومنح التأشيرات. لكنه رحب بالتعاون مع الحزب الاشتراكي مشيرا إلى وجود قوائم مشتركة بين الحزبين والرغبة في بناء علاقات وثيقة بين البلدين تقوم على تبادل المنافع و المصالح . و كرر هولند مواقف اليسار والخطاب الرسمي الفرنسي من قضية الماضي الاستعماري،موضحا أن الفعل الاستعماري يجب أن يدان، موضحا أن موقفه من المسألة لم يتغير. وتناولت المباحثات حسب هولند قضايا تخص الاتحاد من أجل المتوسط في محادثاته مع أمين عام الأفلان، وفي هذه النقطة تدخل عبد العزيز بلخادم بالقول "تمنينا هبوب رياح جديدة"، ورد عليه هولند بالقول "يجب أن تكون هناك رياح أولا" في إشارة إلى جمود الاتحاد الحالي. وأطلق هولند إشارات ود للجانب الجزائر من خلال التعبير عن خطته لمنح الجزائر دور المحرك في المنتدى الجديد رفقة فرنسا، وإعطائها مكانتها عكس توجه الرئيس الحالي الذي اعتمد على مصر. و جدد ممثل الحزب الاشتراكي الفرنسي تأييده لانضمام جبهة التحرير الوطني إلى الأممية الاشتراكية، موضحا أن القرار بيد جبهة التحرير لتحديد كيف له أن يقوم بذلك. وتصطدم رغبة الافلان المعبر عنها منذ بداية العشرية الحالية للعودة إلى الأممية الاشتراكية بمعارضة الاففاس الذي يعطيه النظام الداخلي حق الفيتو لرفض أي طلب من الأحزاب الجزائرية للالتحاق. و تناولت المباحثات الوضع السياسي في فرنسا، و هنا أشار أمين عام الافلان إلى تشابه وضع الحزبين الاشتراكي وجبهة التحرير في هذه المرحلة ، وقال أن الحزبين معا يعانيان من "ظاهرة التموقع "، في إشارة إلى الصراعات التي يشهدها الحزب الاشتراكي بسبب تعدد الترشح والخلافات بين أقطاب الحزب بخصوص من يحق له تمثيله في الانتخابات الرئاسية المقبلة،يقابلها في الافلان جماعات ضغط في الافلان تحسبا للتشريعيات المقبلة. وبخصوص الانتخابات الرئاسية المقبلة في فرنسا، قال هولند انه لم يأت للجزائر كمرشح يبحث عن الدعم، في حين قال بلخادم أن الرئاسيات الفرنسية شأن داخلي وليس من حقنا التدخل فيها، ويجب احترام إرادة الفرنسيين، و تمنى لهولاند حظا سعيدا. و اجتمع هولند أيضا خلال اليوم الثاني من زيارته برئيس المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي محمد الصغير باباس تناولت الجوانب المتصلة بالعلاقات الثنائية بين الجزائر وباريس وبخاصة موضوع الذاكرة والاتحاد من اجل المتوسط. وشدد مسؤول الكناس على ضرورة أن تعترف فرنسا بجرائمها الاستعمارية في الجزائر وأن تضع حدا لسياسة الهروب إلى الأمام، وتساءل كيف لفرنسا أن تتهرب عن تحمل مسؤولياتها فيما يخص موضوع الذاكرة في وقت العديد من الدول سبقتها لذلك في إشارة واضحة إلى اعتراف ايطاليا باستعمارها لليبيا وإقرار تعويضات بلغت 5 ملايير دولار. وأضاف أن فرنسا لا يمكنها أن تتجرد من احترام واجب الذاكرة وهي مهد حقوق الإنسان الذي سيحتفل باليوم العالمي غد 10 ديسمبر. وقال أن معالجة موضوع الذاكرة سيسمح للجانبين بالمضي قدما نحو المستقبل وبناء علاقات أكثر تميزا، وتضع حدا ل"الأزمة" التي عرفها البلدين من 2007 إلى 2009 في إشارة واضحة إلى فترة حكم الرئيس الحالي نيكولا ساركوزي. وأكد في نفس السياق أن مسالة الاعتذار لا مفر منها وانه من الضروري ان يتم معالجتها في الوقت الحالي أي مع الجيل الذي عرف تلك الحقبة الاستعمارية، وتجنب تحميل الأجيال القادمة عبء ذلك التاريخ المؤلم. وحيا رئيس الكناس مواقف هولند إزاء موضوع الذاكرة مع الجزائر باعتبارها تصب في سياق ما تسعى الجزائر إلى تحقيقه. وتضم أجندة الكاتب السابق للحزب الاشتراكي الفرنسي لقاءات مع مسؤولين و شخصيات وطنية منهم الرئيس الأسبق أحمد بن بلة الذي استقبله أمس ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية عن أول رئيس للجزائر المستقلة تمنياته بتحسين العلاقات الجزائرية الفرنسية وكذا عرضه لتاريخه الطويل مذ كان جنديا في الجيش الفرنسي مرورا بانتسابه لقيادة ثورة التحرير ثم ترؤسه للدولة حيث فرض إجبارية التعليم ومنع نشاط مسح الأحذية في الشوارع الجزائرية وعبر هولاند عن سعادته لاستقباله من طرف بن بلة في سابقة بالنسبة لمسؤول سياسي فرنسي.