لم ولن أشبع يوما من مشاهدة عروض مسرحية، المسرح تلك العملية المكثفة التي تختصر الفنون كلها، قد أشتري كتابا ولا أقرأه، فالقراءة قد تكون متاحة في وقت لاحق، قد أضيع فرصة الذهاب إلى عرض فيلم ما، فالحصول على الأفلام لم يعد مستحيلا، لكن المسرح الجزائري مازال يواجه أزمة التوثيق، الأمر الذي يعني أنك إن ضيّعت فرصة متاحة لمشاهدة عرض ما، معناه أنك قد لا تراه أبدا، وعليه الأولوية دائما لمشاهدة العروض المسرحية، والباقي مشاريع قابلة للتأجيل. وهكذا بشكل آلي، برمجت نفسي على عدم تضييع أي عرض من أسبوع المونولوغ الذي اختتم البارحة بفضاء «بلاصتي»، ضمن سهرات «ألف نيوز ونيوز» الرمضانية، كانت فرصة جيدة لمشاهدة تسعة عروض منوعة، بداية مع مونولوغ «فوت غول» لجهيد هناني الذي تميز بمعالجة معاناة حكام مباريات كرة القدم في الجزائر، على عكس بقية المونولوغات الرجالية، التي تطرقت إلى مشاكل الشباب، وكانت «الحرڤة» حاضرة فيها، بداية مع «المدني ولد المنسي» لسيف الدين بوهة، «احميدة في غبينة» لبومدين قندسي، «حفناوي شو لسفيان عطية»، «محمد في بلاد السراب» لسمير زموري، والختام مع «يا ليام» لحميد قوري، الذي جاء بخبرته الطويلة في المسرح، تاركا بصمته في كل شبر من الفضاء. أما حضور المونولوغ النسوي، فكان بتجارب مختلفة، بين العرض الكوريغرافي المعنون ب «حفلة حب» لخديجة حابس، والعرض الكوميدي «مايا» لجنات سعاد، التي أبهرت بمستواها الفني العالي، وعرضها الذي فتح باب السؤال مجددا عن علاقة الإمكانيات المادية بالخلق، خاصة وأن العرض أنتج بإمكانيات خاصة محدودة، وبدا على درجة عالية من الإتقان، والحرص على التفاصيل. هل يكفي أسبوع واحد للمونولوغ ليفي الفن الذي صارع لحماية المسرح الجزائري خلال العشرية السوداء حقه؟ طبعا لا، لكنه يعطينا لمحة عن طاقات، تستحق أن تجد لها مكانا في المشهد الإبداعي الجزائري، طاقات تستحق أن تدعم لأنها تشتغل بجدٍ، وتحاول الذهاب بأعمالها إلى مستويات عليا. هؤلاء هم أمل المسرح الجزائري، في إعادة الجمهور إلى قاعات العرض، بعد أن هجرها بسبب الرداءات المنتجة بأموال البايلك.