“في انتظار غودو" هي مسرحية شهيرة للمؤلف المسرحي الإيرلندي بيكيت.. أحدث بها قطيعة في التقليد المسرحي، وتمحور موضوعها، حول لا جدوى الانتظار... أو جدوى اللانتظار... كل شيء يحدث، إلا الغاية الأساسية، وهي مجيء غودو... وهذا ما يحدث منذ نتائج التشريعيات السابقة مع تشكيل الحكومة.. إننا على أبواب الدخول الإجتماعي، الذي جاء في ظل أجواء طقسية وسياسية واجتماعية حارة وخانقة.. وتحول هذا الإنتظار إلى رمز حقيقي للعطالة التي شلت معظم القطاعات والمؤسسات والوزارات، بحيث أصبحت الإشاعة هي التي تحكم السلوكات والآراء والنزاعات داخل وخارج مجال الحكم.. ولقد أصبح مثل هذا الجمود يشكل قلقا حقيقيا قد ينعكس بصورة عميقة على صدقية الحكم والمؤسسات، وعلى صدقية قرارات وسياسات الرجال.. فيقول قائل أن هذا اللاقرار، قد ميز بشكل أساسي حقبة بوتفليقة، وذلك منذ مجيئه إلى الحكم، فلقد انتظر الجزائريون أكثر من ستة أشهر لتعيين أول حكومة التي لم يدم رئيسها أكثر من سنة على رأسها.. ولقد تكرر الأمر في عدة مواعيد كان من المفروض أن تكون كبرى وتعبيرا عن إرادة تغيير عميقة، لكن ذلك لم يحدث وهذا ما ترك انطباعا عاما لدى هؤلاء المراقبين أن بوتفليقة الذي طالما شدد على أن يكون رئيسا بكامل الصلاحيات أضاع وقتا كبيرا للتأكيد على هذا المطلب من أجل أن يجازف باتخاذ قرارات كبرى، انتظرها منه الكثير من الأنصار والمتحمسين الذين وضعوا فيه ثقتهم.. ولقد أدى هذا التردد في اتخاذ القرار إلى ترهل الحكم، وإلى اضمحلال درجة الثقة التي كانت معلقة على بوتفليقة، وفتحت الباب على مصراعيه لإستشراء ظاهرة الفساد.. في قطاعات شتى عندما لاحظ الفاسدون غياب الردع وهيمنة الجمود وانتصار العطالة على الحركة والديناميكية السياسية.. ويتساءل البعض الآخر، هل يعني هذا الصمت والتذبذب في الإعلان عن الحكومة أن هناك انسدادا في موازين القوة داخل الحكم؟! ويجيب هذا البعض، أن يد بوتفليقة الآن أصبحت طليقة لكن مع ذلك، فهو لم يعد يمتلك نفس الحماسة والقوة والإقبال والعناد الذي تميز بهم في بداية عهدته.. ربما يرتبط ذلك بوضعه الصحي، لكن ذلك يرتبط أيضا بثقافة جيل يخشى إحداث القطائع وذلك بسبب تهيجه من النتائج.. إلا أن أي تأخر في الإقبال على تغيير شجاع، جريء وجذري قد يفقد الحكم ما تبقى له من صدقية، وتكون نتائج ذلك سلبية وخطيرة على مستقبله، خاصة وأنه لم يعد يفصله إلا وقت قصير عن أهم محطة تاريخية في حياة الجزائر وهي رئاسيات 2014...