عرفت الحكومة الجديدة استبعاد وجوها كبيرة، لكن في الوقت ذاته حافظت في مجملها وتوجهها العام على ملامح لا توحي بوجود أي تغيير، خاصة وأن ال 15 وجها جديدا بينهم أربعة، سبق وأن تقلدوا حقائب وزارية في الماضي. صحيح أن عبد العزيز بلخادم وأحمد أويحيى وجمال ولد عباس وسعيد بركات وأبو بكر بن بوزيد والهادي خالدي والهاشمي جيار وعبد الحميد تمار ونور الدين موسى ويزيد زرهوني، غادروا الحكومة، وصحيح أيضا أن القطاعات التي كانت تحت مسؤوليات هذا الفريق عرفت أوقاتا عصيبة وكثيرا ما كانت تثير القلاقل في الساحة الوطنية، خاصة، مثلما كان بن بوزيد في التربية وولد عباس في الصحة وبركات في التضامن وموسى في السكن وجيار مؤخرا في الرياضة مع خيبة أولمبياد لندن، إلا أن ذلك لم يمحُ عن الحكومة جوهرها الثابت البعيد عن أي تغيير، إذ بقي في الحكومة 22 إسما قديما وهي غالبية الحقائب الوزارية. الملاحظ في التشكيلة الجديدة أن المغادرون عرفوا طيلة تواجدهم داخل الجهاز التنفيذي بقربهم من الرئيس من جهة وانتمائهم إلى حزبه جبهة التحرير الوطني، وهم أربعة وزراء، بينما عُرف كل من يزيد زرهوني وعبد الحميد تمار وبلخادم بأنهم من المحسوبين على الرئيس مباشرة، لكن حافظت شخصيات مثل مراد مدلسي وعمار تو ورشيد حراوبية وخليدة تومي والطيب لوح على طابع احتسابهم على زمرة الرئيس. الأسماء الجديدة لم تحز على مناصب حسّاسة أو مهمة، وإذا كانت كذلك، فكانت من نصيب من سبق وتقلدوا حقائب وزارية وهم محمد شرفي بقطاع القضاء، وعمارة بن يونس بالصحة والأشغال العمومية وعبد المجيد تبون الذي عاد لقطاعه وهو السكن، وعبد العزيز زياري الذي تقلد زمام وزارة العلاقة مع البرلمان، وقبلها العمل، هذا إذا لم نحتسب محند سعيد أوبلعيد رئيس حزب الحرية والعدالة، الذي سبق وتقلد مناصب سامية، في الخارجية . أما الوجوه الجديدة فاكتفت بمناصب كتاب الدولة وعددهم عشرة، ويُعتبر الشاب بشير مصيطفى الخبير الدولي في الاقتصاد من أهم تلك الوجوه الجديدة التي ستُعنى بالاستشراف لدى الوزارة الأولى. وكانت من بين أهم المفاجآت، استلام محند سعيد أوبلعيد حقيبة الاعلام وهي حقيبة حساسة كثيرا ما خرج من تقلدوها دون إنجاز يذكر، وإذا كان فلم يُستكمل، ولكن بالمقابل تكون مغادرة بن بوزيد قد صنعت الحدث، لما كان يثيره مكوثه في الحكومة لقرابة العقدين، من جدل. ومن اللافت أيضا أن هناك 20 وزيرا غير متحزب، بالحكومة الجديدة و 18 بالمقابل لهم انتماءات حزبية، وفقدت وفق هذا المنطق جبهة التحرير الوطني أربع وزارات هي وزارة دولة والتكوين المهني والتضامن والرياضة، مقابل خصم اثنين من الأرندي ليتفرغ كل من أويحيى وبلخادم للأزمة الداخلية في حزبيهما. ومن المنتظر أن يثير بن بادة الذي يكون قد قبل بالوزارة لورود اسمه، جدلا كبيرا داخل حركته، خاصة وأنه كان من الموقعين على رسالة الإلتزام بقرار مجلس الشورى المقاطع للحركة، وكان أبوجرة سلطاني قد صرح أمس عقب اعلان الحكومة أن حركته ليست معنية بالحكومةرغم توزير بن بادة الذي لم يظهر له صوت إلى اليوم.