المخرجة النيوزيلندية جين كامبيون، نموذج حقيقي للمرأة المبدعة، والسينمائية الحقيقية، التي لم تنشغل بهوامش السينما، بل ذهبت إلى العمق، حيث قضايا الإنسان.. والمرأة على وجه الخصوص، مشوار طويل من العطاء والإبداعات والبصمات والتحديات، وسط حرفة يكاد يسيطر عليها الرجال. ولدت جين في ويلينفتون في 30 أفريل 1954 بنيوزيلندا، والدتها هي أوبث (ممثلة نيوزيلندية) ووالدها ريتشارد كامبيون مخرج مسرحي وأوبرالي شهير. بعد تخرجها من جامعة فيكتوريا عام 1975، سافرت إلى العاصمة البريطانية عام 1976 حيث التحقت في مدرسة تشيلسي للفنون. وفي تلك السنوات قامت بالسفر إلى أنحاء أوروبا، لتعود بعدها إلى أستراليا وبالذات كلية سيدني للفنون حيث حصلت على ديبلوم جامعي في الرسم عام 1979. ولكنها استطاعت عام 1981، أن تضع فيلمها القصير الأول بعنوان بيل وهذا ما جعلها تتفرغ لدراسة السينما اعتبارا من عام 1982، حيث التحقت بمدرسة السينما والتلفزيون في أستراليا لتحقق عددا من الأعمال القصيرة. فيلمها الأول كان بيل 1982 بعدها فاز بجائزة السعفة الذهبية لأفضل فيلم قصير في مهرجان كان السينمائي عام 1986. وتأتي النقلة الأولى الأساسية مع فيلم سويتي 1989 والذي يمثل فيلمها الروائي الأول الطويل، ومعه بدأت شهرتها العالمية تتسع.. وحصد الفيلم كثيرا من الكتابات النقدية الإيجابية المهمة. وفي عام 1993 تأتي القفزة الكبرى، والمحطة الأهم التحفة السينمائية، درس بيانو عنه حصلت على السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي، كما فازت عنه بعدة أوسكارات، وجائزة أفضل مخرجة من معهد السينما الأسترالي، وأوسكار أفضل سيناريو أصلي. بالإضافة لأوسكار أفضل فيلم وأفضل ممثلة (هولي هنتر) وأفضل ممثلة مساعدة. في عام 1996 قدمت فيلم “بورتريه الليدي" المقتبس عن رواية بنفس الإسم لهنري جيمس وبحضور نجوم كبار أمثال نيكول كيدمان وجون مالكوفيتش وبربارا هيرشي. وفي عام 1999 قدمت فيلم “الدخان المقدس" مع هارفي كيتل، ومعه النجمة كيت وينسليت بعد عام واحد من تقديمها فيلم “تيتانيك". وتعود إلى الأعمال الروائية، لتقدم فزي عام 2003 فيلم في القطع معتمدا على نص روائي مشبع بالرغبات والأحاسيس لسوزانامور وجسدت الدور الرئيسي النجمة ميغ ريان. في عام 2009 قدمت فيلم “النجمة اللامعة" في مزيج بين الشعر والسيرة الذاتية للشاعر جون كينش جسده في الفيلم بن ويشو ومعه بدور المعشوفة فاني براون، وقد عرض الفيلم في المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي. على الصعيد الشخصي، تزوجت جين في عام 1992 بمخرجها المساعد كولين انجلارت في فيلم “بيانو" ومنه رزقت بابنتهما “أليس" التي ولدت عام 1994 وفي ذات العام حصل الانفصال. فوزها في عام 1993 بالسعفة الذهبية، جعلها أول امرأة في تاريخ مهرجان كان السينمائي تفوز بهذه الجائزة، بعدها فتحت لها الأبواب لتحصد الأوسكار وتنطلق عالميا. جميع النجمات اللواتي عملن معها ترشحن للأوسكار إلا أنها ورغم عروض هوليوود ظلت تفضل أن تعمل بين نيوزيلندا.. وتريد أن تمنح الفكر والإبداع. ويبقى أن نقول.. جين كامبيون.. مبدعة تحول السينما إلى قصيدة عامرة بالمعاني والقيم.