إستنادا إلى التصريحات التي أدلى بها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، للقناة التلفزيونية الإسرائيلية، يرى أستاذ العلوم السياسية مسعود شعنان، أن الأمر طبيعي طالما أن المعني سبق له أن تحدث بنفس اللغة وواجه انتقادات كبيرة من شخصيات سياسية فلسطينية. في أي خانة يمكن إدراج تصريحات الرئيس الفلسطيني محمود عباس التي أدلى بها، مؤخرا، لقناة تلفزيونية إسرائيلية؟ أعتقد أن التصريح جاء ليطمئن القوى الكبرى والرأي العام الإسرائيلي والساسة الإسرائليين للتعامل معه وفتح الحوار من جديد والدخول في مفاوضات بعد الجمود الذي عرفته في الأعوام الأخيرة، ولكي يوضح لهم كذلك بأنه غير متشدد. كما أن ما أقدم عليه يدخل كذلك في إطار سعيه للمحافظة على منصبه كرئيس لدولة فلسطين. وما أريد قوله كذلك هو أنها ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها عباس بهذه اللغة، حيث سبق وأن انتقدته عدة شخصيات سياسية فلسطينية عن تصريحاته السابقة التي تسير في نفس الاتجاه والتي اعتبرها تنازلا. لقد تزامنت هذه التصريحات مع ذكرى وعد بلفور الذي سلم فلسطين لليهود، هل هي الصدفة أم الأمر مقصود؟ لست أدري هل هي الصدفة أم أن الأمر تم في مخابر إسرائيل وتم استدراجه من طرف الإعلام الإسرائيلي، لكن مهما يكن فإن الحوار الذي أجراه مع القناة التلفزيونية والعالمية برمتها ليست برئية، لأن العدو يخطط ويحضر كل الأشياء وما يجب القيام به. لعل أخطر ما تخلل الحوار ما صرح به فيما يتعلق بحق العودة، مما أثار جدلا كبيرا، كيف تقرأ ماهية هذا الأمر؟ بالفعل، النقطة التي أثارت الجدل كانت قضية العودة، حيث أعلن صراحة بأنه لا يعتزم العودة إلى مدينته “صفد" وكأنه أراد أن يوحي بأن قضية العودة تم الفصل فيها، وأنه من الناحية الإجرائية لا يمكن القيام بها، وبالتالي الاكتفاء بالضفة الغربية وقطاع غزة. وهنا أريد الإشارة إلى نقطة وهي أن إسرائيل استطاعت العودة إلى فلسطين بمباركة بريطانية بعد آلاف السنين، بينما الفلسطينيين لم تمض سوى 60 سنة تقريبا عن خروجهم من أرضهم ولا يستطيعون اليوم العودة إليها، وهنا أقول إنه لم يكن من حقه اتخاذ هذا القرار الذي يبقى من حق الفلسطينيين. كيف تتوقعون ردود الفعل الفلسطينية والعربية؟ أولا، أقول إن الدول العربية تخلت منذ زمان عن القضية الفلسطينية، حيث أن كل دولة مهتمة بمشاكلها وأوضاعها، وربما ستحاول فقط الدول التي عرفت الربيع العربي استغلاله لكسب بعض التأييد الشعبي في بلدانها، لكن الصراع الحقيقي سيكون بين الفلسطينيين أنفسهم خاصة حركة حماس التي ستستغل هذا الأمر وتدعو إلى انتفاضة ثالثة، من خلال تعبئة الشارع الفلسطيني.