قامت السلطات العمومية لسطيف بتحويل موقع تاريخي يشهد على مجازر الثامن ماي التي كان يقوم المستعمر برمي جثث المجاهدين والشهداء من المرتفعات الشاهقة فيه إلى مفرغة عمومية ترمى فيها القاذورات وتهدد الصحة العمومية. جنّ حماري عندما سمع هذا الكلام وغضب لدرجة أحسست به يكاد ينفجر مثل البالون وقال، عوض وضع أكاليل الزهور والحفاظ على الموقع من أجل أجيال المستقبل هاهم يدمرون بأنفسهم ما تبقى من التاريخ ببلادة ورعونة. قلت... ليست سطيف وحدها من تُدمر التاريخ ولكن كل البلاد تقوم بنفس الشيء مع اختلاف طفيف في طريقة التهديم والتدمير. قال ناهقا... ولكن من يقوم بهذا يجب أن يعاقب ويُعلم له ما معنى الوطنية. قلت ساخرا... بهذا يجب أن تعيد درس الوطنية على الجميع لأن أهم شيء يموت كل يوم في بلادنا هو التاريخ وفقط. كادت الدموع تنهمر من عينيه ومع ذلك أمسكها بصعوبة وقال... هل هذا مقصود؟ قلت... على الأغلب يكون مقصودا، لأن الدولة التي تعجز عن حماية ماضيها كيف يمكن أن تبني مستقبلها، وأنت دائما تقول بأن كل شيء مبرمج في هذا البلد حتى لا نرفع بالرأس. قال... كلامك صحيح، معظم المعالم والآثار والمواقع التاريخية أصبحت مأوى للمشردين ومبولة للصيع والضائعين وأكثر من ذلك، صارت أيضا وكرا للمجرمين والهاربين. قلت... سبحان الله حتى ما هو موجود نعجز عن حمايته. قال... ما رأيك في دولة بهذه المواصفات العبثية؟ قلت... إما وإما قال ناهقا... ماذا تقصد بهذا أريد جوابا صريحا وصادقا وواضحا. قلت... لا أدري ماذا أقول ولكن ما يحدث عيب في حق الإنسانية وحق التاريخ الضائع. ضرب الأرض بحافريه وقال... هل فهمت لماذا قلت لك لا جدوى من طلب الاعتذار من فرنسا ونحن لم نستطع حتى الحفاظ على أبسط الأشياء التاريخية وقد رمينا بها في المزبلة.