قلت لحماري الذي بدا حزينا للغاية رغم تسكعه طوال النهار تحت المطر الذي يحبذ المشي تحته برومانسية الحمير الزائدة. قلت له: كيف ترى مستقبل الأفلان بعد كل ما حدث؟ قال وكأنه استفاق من حلم جميل على كابوس مرعب: تقصد بعد وفاة رجل الإجماع بينهم؟ قلت: ليس ذلك فقط. قال ضاحكا: هل تراني أقرأ الفنجان حتى أبصر لك؟ قلت ساخرا: تقصد فنجان السلطة أم فنجان آخر؟ قال: لا، فنجان السلطة لا أجيد قراءته وما عليك سوى أن ترى شخصا من السلطة حتى يفك لك الرموز. قلت: أنت تشير إلى أن الحل في يد السلطة إذن؟ قال مقهقها: طبعا، ولا تظنني غبيا لدرجة أن أصدق كل ما يقال هنا وهناك. قلت: إذن أنت لا تعطي أهمية لنضال هؤلاء الذين يعتقدون أنهم أسقطوا بلخادم؟ قال: وأنت هل صدقت ذلك؟ قلت: على الأغلب نعم. قال: إذن، عليك أن تعيد رسم تصوراتك وتعرف أن لا شيء يهدم أو يبنى إلا بموافقة السلطة وكل آلياتها. قلت: وهل كانت السلطة بحاجة إلى كل هذه المسرحية الكبيرة حتى تطيح ببلخادم؟ قال ناهقا: أين هي المسرحية التي تتكلم عنها يا عزيزي؟ قلت: مسرحية سيدي فرج القديمة والحديثة، التي تمت بالعصي والتي تمت بالصندوق. قال ساخرا: كلها ذر للرماد في العيون وإياك أن تصدق شيئا تراه بعينك. اندهشت وقلت: إذن، ماذا أصدق يا حماري؟ قال: صدق ما لا تراه فقط لأنه هو الحقيقة التي تخفيها السلطة على شعبها المغفل مثلي ومثلك.