تحول الاختناق بالغاز المحروق من حالات استثنائية كانت نادرا ما تسجل، وتقتصر على مناطق معينة خاصة الريفية منها، إلى ظاهرة تهدد كل الجزائريين في الوقت الحالي، بعد أن توسعت هوة استعمال أجهزة تفتقر لأدنى معايير السلامة سواء تلك المستعملة في التسخين أو تلك التي يلجأ إليها المواطن للتدفئة، وتسببت في مقتل حوالي 20 شخصا واختناق أزيد من 200 على مستوى الجهة الشرقية منذ بداية السنة في حصيلة مرشحة للارتفاع، ما دامت هذه الأدوات القاتلة تدخل بعيدا عن أعين الرقابة ويلجأ إليها المواطن البسيط لأن أسعارها في المتناول... فرحة الحصول على وسيلة تدفئة وسط أفراد العائلة لم تعد طويلة لأنها كثيرا ما أصبحت تتحول إلى مآتم، بسبب جهاز تدفئة غير صالح للاستعمال، أو سخان ماء لا يحرق الغاز أو قنوات نقل وتوصيل مغشوشة... هذه هي الأسباب التي أصبحت تهدد سلامة وحياة الجزائريين واعتلت سلم ترتيب الحوادث المنزلية المميتة خلال السنوات الماضية، حيث أحصت مديرية الحماية المدنية أكثر من 205 حالة وفاة اختناقا بالغاز، منها 26 طفلا السنة الماضية. وفي هذا الصدد، أوضح الملازم نسيم برناوي بالمديرية العامة للحماية المدنية، أن مصالح الحماية المدنية سجلت أكثر من ألف تدخل من أجل إنقاذ وإسعاف ضحايا الاختناقات بالغاز غير المحروق، أو ذلك الذي تسرب من أجهزة تدفئة وتسخين مغشوشة، وهي القضية التي تقصت بشأنها “الجزائر نيوز" مع بعض الباعة، وفي هذا المقام أجمع كل من تحدثنا إليهم، أن المشكل الرئيسي يكمن في المستهلك الذي لا يراعي شروط السلامة والتركيب وأخذ الحيطة والحذر، كما أن الزبون الجزائري يبحث عن كل ما هو رخيص الثمن برغم علمه بخطورة اقتناء مثل هذه الأجهزة. في حين اعترف آخرون بوجود أجهزة تدفئة مقلّدة غير مطابقة للمعايير المعمول بها في التصنيع، دخلت السوق الوطنية، وحذروا المواطنين من استعمالها باعتبارها أجهزة ضعيفة الجودة ومزيفة لا تتوفر على شهادة ضمان أو تحوز على شهادة ضمان السلامة لفترة محددة. بين 2 و7 حالات معدل الاختناقات بالغاز بالجهة الشرقية خلال فترة البرد الأخيرة أحصت مصالح الحماية المدنية على مستوى الجهة الشرقية بين 2 و7 حالات تدخل يوميا لإنقاذ أشخاص من الموت، جراء استنشاقهم للغاز على اختلاف أنواعه بين المحروق المنبعث من أجهزة تدفئة وتسخين مغشوشة، أو أجهزة توصيل لم يراعَ في وضعها شروط السلامة، وإلى غاية منتصف فيفري الجاري، سجلت ذات المصالح أكبر عدد من الحالات على مستوى ولايات الهضاب العليا والمناطق الريفية، آخرها تلك التي راحت ضحيتها سيدتان بولاية سطيف قبل يومين عثر عليهما جثتين هامدتين داخل منزلهما بقرية جرياطة بعد أن استنشقا غاز أحادي الكربون المنبعث من المدفأة، بينما لا يزال أخوهما البالغ من العمر 24 سنة يصارع الموت بمستشفى الولاية، هي حالات تضاف لأخرى كتلك التي راحت ضحيتها سيدتان بنفس الولاية وعائلة تتكون من 8 أفراد بميلة وأخرى فقدت أبناءها ال 6 بقسنطينة، إلى جانب أخرى لم تعد تخلو منها صفحات الجرائد وشاشات التلفزيون وأصبحنا نقرؤها ونشاهدها يوميا. وفي ذات الصدد، فقد أنقذت ذات المصالح 78 شخصا من الموت لنفس السبب، خلال الشهر الماضي، وهي الحصيلة التي ارتفعت للضعف مع موجة البرد الأخيرة، حيث تم إنقاذ ما يفوق ال 60 حالة في 4 أيام فقط على مستوى الولايات الشمالية.