تأتي احتفالات الذكرى المزدوجة لتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين وتأميم المحروقات، هذه المرة، في ظروف خاصة جدا، حيث يعرف قطاع المحروقات بالبلاد تهديدا مزدوجا من الفساد والتدهور الأمني على حدود البلاد الجنوبية. لم يخص الرئيس، عبد العزيز بوتفليقة، ملف فساد بعينه، في خطاباته منذ اعتلائه سدة الحكم، إلا ملفين. الأول كان حول بنك الخليفة والثاني حول سوناطراك. ولكن الظرف الذي تحدث فيه عن ملف الخليفة بنك، يختلف عن الظرف السياسي والأمني الذي يثير فيه، اليوم، ملف سوناطراك. فالفساد استشرى أكثر فأكثر وتوسع بشكل أشمل على النحو الذي كان في بداية الألفية الحالية، حيث أصبح للفساد أنصار وأعداء منهم المضمر والظاهر، أوضحى الملف قضية سياسية واسعة الاستهلاك الانتخابي في الحملات، وملفات على اختلاف الأحجام والآثار، سواء في دور العدالة أو على أعمدة الصحف، وذهبت بسبب ذلك المحللون إلى غاية التأكيد بأن درجة الفساد التي بلغتها مؤسسات البلاد، هي عند عتبة تهديد الأمن والاستقرار الأمنيين. ليس هذا فحسب، بل تأتي المسألة الأمنية لتزيد من تعقيد ملف المحروقات، كون منشآته ومصانعه الكبرى والهامة تقع في الجهة الجنوبية من البلد، والتي تعرف الحدود المتاخمة لها نارا مستعرة بين جماعات مسلحة ذات توجه إسلامي وأخرى ذات توجه إسلامي متطرف، بالإضافة إلى دخول قوى غربية على خط الصراع، مما زاد الطين بلة، ورهن استقلال وسيادة المنطقة.