أكدت إحصائيات الأمن الوطني أن عمليات اختطاف القصر، المتبوعة بالاعتداء الجنسي أو القتل خلال الفترة الممتدة من 2003 إلى 2013 بلغ عددها 11 حالة اختطاف، وجل الحالات المسجلة خلال سنة 2012 كانت عبارة عن أبحاث في فائدة العائلات، تضم حالات هروب واختفاء تراوحت أسبابها بين العنف العائلي والتسرب المدرسي، حيث أحصت المديرية العامة للأمن الوطني سنة 2012 في هذا الصدد 538 حالة، من بينها 292 فتاة. قدم مدير الشرطة القضائية، قارة عبد القادر بوهدبة، في منتدى الأمن الوطني، حسب المجلة الشهرية للشرطة لشهر أفريل الماضي، عرضه لحوصلة رقمية للأحداث ضحايا العنف حسب طبيعة الفعل المسجل خلال شهري جانفي وفيفري من سنة 2013. إلا أن جنحة الضرب والجرح العمدي احتلت الصدارة ب 552 حالة، تلاها التعدي الجنسي ب 276 حالة، سوء المعاملة ب 90 حالة، الاختطاف ب 54 حالة، الضرب والجرح العمدي المفضي للوفاة بحالة واحدة، والقتل العمدي بحالتين. كما أكدت الخبيرة النفسانية بالمديرية العامة للأمن الوطني، كوردورلي سيموشة، أن ما سمي بظاهرة اختطاف الأطفال في الجزائر، فيجب فيه التمييز بين مختلف الحالات، فليس كل اختفاء اختطافا، فالعديد من الأطفال والمراهقين يفرون من منازلهم لأسباب متعددة منها المشاكل العائلية أونتيجة لانهيار عصبي خطير أواضطرابات نفسية أخرى. كما يمكن للشباب والأطفال الهروب من المنزل بحثا عن مأوى بسبب التهميش. وأضافت الخبيرة النفسانية لتلك الأسباب، أن الرسوب المدرسي أوالنتائج السيئة للامتحانات يشكل أحد العوامل القوية التي تدفع بالأطفال للهروب خوفا من عقاب الأولياء. وعن الأسباب التي تدفع الشباب نحو العنف، قالت سيموشة، إن هناك عدة عوامل من بينها العوامل التي تتعلق بالشخص في حد ذاته، مثل الاضطرابات السلوكية أوالمشاكل النفسية، والتفكك الأسري بسبب الطلاق وسوء المعاملة وغياب الرقابة على الأطفال من قبل الأولياء. كما أن الظروف الاجتماعية الصعبة كالبطالة والفقر والتهميش وعدم المساواة الاجتماعية وانخفاض المستوى التعليمي والتسرب المدرسي وتعاطي الخمر والمخدرات والاستعمال السيء للأنترنت وغياب الحس المدني.. كلها عوامل مقترنة بالسلوك العنيف والعدواني. واعتبر البروفيسور مصطفى خياطي، رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث، أن الإجراءات التي يجب اتخاذها في حالات الاختطاف، هي إجراءات وقائية وتحسيسية لتفعيل دور ومسؤولية الأسرة والأولياء تجاه أبنائهم، وإذا اقتضى الأمر - يقول خياطي - نذهب إلى تجريم السلوكات اللامسؤولة للأولياء تجاه أبنائهم على غرار الحق في التمدرس، وتفعيل دور المدرسة والمدارس القرآنية للتكفل بالطفل المتمدرس خارج أوقات الدراسة، كما يجب تفعيل دور جمعيات أولياء التلاميذ ومصالح البلدية، لخلق مساحات للعب والترفيه. وبالنسبة لمرتكبي هذا النوع من الجرائم، قال البروفسور، إن التجارب العالمية أثبتت أنهم غالبا ما يعودون إلى سلوكاتهم الإجرامية، لهذا وضعت هذه الدول قوانين خاصة للذين يعودون للإجرام، مثل وضع شريحة لتحديد ومعرفة تحركات الشخص أو إرغامه على التقدم إلى مراكز الأمن بشكل منتظم، ما يخلق عنده إحساس أنه مراقب ويحد من ارتكابه للجريمة. وفي نفس السياق ألح عبد الرحمن عرعار، رئيس الشبكة الجزائرية للطفولة، خلال مشاركته في منتدى الأمن الوطني، على ضرورة التحدث بكل مسؤولية حول هذه الظاهرة، لأن ما يخشاه المجتمع ليس الأرقام بل الواقع المعاش، ما يستلزم الفعل مباشرة على الحد من هذه المشكلة التي تشهد تزايدا مخيفا بسبب الانحراف الذي بات متفشيا وسط الشباب. ودعا عرعار إلى ضرورة التعجيل بإنشاء المرصد الوطني لحماية الطفل، الذي لابد أن يتشكل من جميع الأطراف الفاعلة في مجال حماية الطفولة. كما طالب بجعل الطفل أولوية في اهتمامات السلطتين التنفيذية والتشريعية، مشيرا إلى أن الدولة هي من تتولى حمايته بقوانين جديدة وإجراءات ميدانية فعالة، وطالب بفتح نقاش معمق وجدي لتشخيص مسببات هذه الظاهرة وإيجاد الحلول المناسبة لها. وأوضحت رئيسة مكتب حماية الطفولة بمديرية الشرطة القضائية، خيرة مسعودان، أن جريمة الاختطاف في الجزائر ليست وليدة اليوم، بل تعود لسنوات سابقة، حيث أن مصالح الأمن تسجل حالات محدودة لاختطاف الأطفال، وغالبا ما يكون الفاعل فيها أحد المقربين من العائلة. وقد سجلت مصالح الشرطة عبر الوطن بين 01 جانفي و15 مارس 2013، 57 بلاغا عن حالات اختطاف، وأظهرت التحقيقات فيما بعد أن 17 حالة “كاذبة" لا أساس لها من الصحة، و10 منها هي حالات اختطاف فعلية، أما بالنسبة ل 30 بلاغا الباقية فتبقى التحقيقات فيها جارية.