هل ستكشف المحاكمة الجديدة لبشير فريك، الوالي الأسبق لوهران، حقائق جديدة تدفع العدالة لتسليط الضوء على ملف الثلاثي.. زنجبيل بارون المخدرات، ومختار مقراني رئيس أمن وهران، وواليها مصطفى قوادري، السابقين؟ الأكيد أن الطعن بالنقض الذي رفعه بشير فريك للمحكمة العليا في 2007، أتى أكله بقبول هذه الهيئة القضائية في 2009 طلبه، ومن المنتظر أن يمثل والي وهران الأسبق من جديد أمام مجلس قضاء العاصمة، الأحد المقبل. وهي الفرصة التي سيحاول من خلالها رد الاعتبار لنفسه، بافتكاك البراءة من تهم التبديد والمشاركة في التبديد، التي أدين بها وجعلته يقبع في السجن لثماني سنوات كاملة، بعد تحقيق ومحاكمة شغلا الرأي العام لمدة طويلة بُعيد مجيء عبد العزيز بوتفليقة للحكم. الأكيد أيضا أن دفاعات الأطراف ستعيد استعمال أسماء شخصيات نسيها الرأي العام قليلا، منها الثلاثي مختار مقراني، مدير أمن وهران الأسبق، والوالي الأسبق مصطفى قوادري، والمدعو زنجبيل أحد البارونات التاريخية لتهريب المخدرات بالجزائر. حيث يُعتبر مقراني وقوادري الخصمان المباشرين للوالي بشير فريك، والذي حُركت ضده قضية تبديد والمشاركة في التبديد، فور تفجير ملف تورط خصميه في المتاجرة بالمخدرات ضمن شبكة المدعو زنجبيل. وما جعل جزءا من الإعلام يصنف قضيتهما على أنها “مافيا دولة"، هو تفجيرها من طرف مسؤول رسمي هو المدير الولائي للنشاطات الاجتماعية الأسبق، قادة هزيل، وهو ما جعل مقراني وقوادري يعتقدان أن الوالي بشير فريك هو من يقف وراء تفجير الملف، وأن قادة هزيل مجرد واجهة. واندلعت بذلك حرب حقيقية، ظل يُفسّرها المتابعون للملف بأنها حرب انتقام وتآمر، ضد فريك، بدأت ملامحها في الواقع منذ مجيء الأخير إلى وهران سنة 94، حيث نشبت صراعات غير معلنة بينه وبين قائد الناحية العسكرية كمال عبد الرحمان، مضمونها محاولة كل منهما بسط يده على تسيير الولاية، رغم وضوح صلاحيات كل مؤسسة، مع العلم أن سنة 94 كانت أوج مرحلة للنشاط الإرهابي بالجزائر، عرفت خلالها مقاربة حل الأزمة والمأساة آنذاك وفق مبدأ “الكل الأمني"، مقاومة سياسية شديدة على الصعيد الوطني. وقد ظهر ملف بشير فريك مباشرة تصريح بوتفليقة في 22 أوت 1999، بعدم متابعة الولاة المشطوبين، وبعد انفجار فضيحة تورط قوادري ومقراني في المتاجرة بالمخدرات، وهو الذي غادر وهران إلى عنابة وخلفه في منصبه واليان (بدريسي وقوادري) دون أن يلحظ أيا منهما سوء تسيير أو تبديد، وهو ما يبني عليه كثير من المطلعين على هذه الملفات أن بشير فريك يكون دفع ثمن “هيمنة الأمني على السياسي" في فترة حالكة على الجزائر. معلوم أن محكمة الحال ستسأل بشير فريك عن ملفين أساسيين، الأول معروف باسم قضية ابن رشد يتضمن تخصيصه لقطعة أرضية لوكالة التسيير العقاري تحت إشراف لجنة عمومية، والثاني تبديد في توزيع شقق ومحلات. إلا أن المحكمة قد تصطدم بتقرير الخبرة الذي يؤكد بعد 27 شهرا من التحري، أن وجه التبديد غير متوفر، الأمر الذي سيجعل المحاكمة تحت المجهر لمراقبة رد فعلها تجاه الملف ومدى إمكانية تجسيد احتمال متابعة قوادري ومقراني، ومن معهما ووراءهما، بالتآمر والانتقام، أو اكتفاء العدالة بتبرئة بشير فريك. إذ يُنتظر أيضا أن تشهد المحاكمة أيضا مرافعات راقية ورفيعة، كون المحاميان الكبيران مقران آيت العربي وميلود براهيمي سيُسجلان وجودهما. يوجد اليوم زنجبيل في الحياة الأخرى، حسب الرواية الرسمية. أما قوادري مصطفى ومختار مقراني وكمال عبد الرحمان وقادة هزيل، في حالة تقاعد مثلهم مثل بشير فريك، الذي يعتزم نشر 13 كتابا عما قريب خطّهم في فترة سجنه، منها كتاب بعنوان “لماذا سُجنت.." وكتاب عن أزمة السكن، وسلك الولاة وتعريب الإدارة.