مباشرة بعد صعود ضئيل للزئبق بفعل الحرارة "غير الشديدة" بدأ المخطط الإستعجالي الذي تضعه سونلغاز للمرة "الألف" منذ مجيء بوطرفة على رأس الشركة، بدأ يفقد فعاليته ويضرب بوعود وأوامر الوزير الأول عرض الحائط، بعدما أكد أن الدولة استثمرت في الكهرباء خلال عام ما لم تستثمره وتنجزه سونلغاز خلال خمس سنوات. ألم يعد تسيير بوطرفة، العائق الوحيد أمام استقرار تزويد الجزائريين بالكهرباء، خاصة أن الدولة منحته كل الإمكانيات لتحقيق ذلك؟ قال بيان لسونلغاز إن التيار الكهربائي انقطع عن 10.000 منزل بالجزائر العاصمة بعد الاضطرابات التي نجمت عن الإرتفاع الشديد في درجات الحرارة التي سجلت في نهاية الأسبوع. واعترفت الشركة أنه "من أصل 1.100.000 زبون، مس الانقطاع في التيار الكهربائي 10.000 زبون بمن فيهم الذين انقطعت عنهم الكهرباء مدة دقيقة. وقد تعرضت العديد من أحياء العاصمة لانقطاعات مفاجئة في التيار الكهربائي، لاسيما منطقة القبة التي حرمت من الكهرباء مدة ساعتين، حسب سكانها، والقصبة التي انقطعت عنها الكهرباء مدة دقيقة فقط". ما يعني أن سونلغاز متأكدة أن انقطاع الكهرباء في القصبة لم يتجاوز الدقيقة، بينما نسبت "عدم التأكد" من انقطاعه لساعتين في القبة، لأهل هذه البلدية، باستعمالها في البيان عبارة "حسب سكانها". وأوضحت شركة توزيع الكهرباء والغاز للوسط، في بيانها، أن هذه الانقطاعات سجلت رغم إنجاز 712 مركز تحويل "في إطار المخطط الإستعجالي الخاص بالعاصمة، والتي أضيفت إلى الشبكة الكهربائية لشركتنا". وقد تم تسجل الانقطاع في التيار الكهربائي بكل من وسط زرالدة ووسط الجزائر العاصمة والأبيار وبئرمرادرايس وحسين داي والمدنية وسعيد حمدين وبارادو (حيدرة) وباش جراح. الإشكال في سونلغاز أنها هي التي تحرر التقارير لوضعية توزيع الكهرباء للحكومة، والحكومة تبني وتسند في مخططها المالي لمساعدة سونلغاز على ما جاء في تقاريرها، ولو أن هناك رأيا آخر لمهندسي الشركة ذاتها يلفتون عناية الدولة ككل أن سونلغاز "تكذب على الدولة"، مثلما سبق أن نشرته على لسانهم "الجزائر نيوز" في تحقيقات سابقة. الوزارة الأولى، بقيادة عبد المالك سلال، تعلم علم اليقين بقضايا الفساد التي فتحت فيها مصالح الأمن تحقيقاتها التي تورط بوضوح الرئيس المدير العام، نورالدين بوطرفة، الذي لايزال على رأس الشركة رغم أن مسؤوليه يعطيهم الحق والصلاحيات كل التفويض لتوقيفه تحفظيا إلى غاية فصل القضاء في الملفات المتاورط فيها. ثم إن الحكومة ظلت تضخ الملايير من الأموال في أرصدة سونلغاز لتمويل مخططات استعجالية منذ سنوات، لا تضمن استقرار التزود بالكهرباء صيفا، ما تسبب في تهديد الأمن القومي والاجتماعي للجزائريين. المشكلة الأخرى والأساسية التي تخفى عن الحكومة أن سونلغاز تركز في مخططاتها الاستعجالية على إنشاء المزيد من محطات التوليد التي تسيل لعاب الفائزين بالصفقات، في حين أن المزيد من المحطات يزيد الضغط على شبكات التوزيع المهترئة أصلا، والتي هي في حاجة بشكل أولوي للإصلاح والصيانة حتى تضمن وصول الكهرباء لمستهلكيها بشكل مستقر، كما يقول بعض المهندسين في سونلغاز "إذ لا يُعقل أن تصرف الدولة الملايير في إنشاء محطات جديدة لإنتاج الكهرباء بينما شبكات التوزيع غير مناسبة لإيصال ما تنتجه هذه المحطات"، واضعين هذه الاستراتيجية في إطار فساد حقيقي. وتشير كل حصيلة سونلغاز منذ الثمانينيات إلى أن الجزائر لم تعان يوما من كمية إنتاج الكهرباء بل من شبكات التوزيع، وأن طاقة إنتاجها السنوية تفوق معدل استهلاكها. بهذه المعطيات تكون الدولة قد بذلت كل ما في وسعها ماليا لجعل سونلغاز في "راحة" من أجل ضمان التزويد الجزائريين بالطاقة الكهربائية. والأدهى من ذلك أطلق الوزير الأول، وليس وزير الطاقة كما جرت العادة، وعودا بأن طاقمه سيعمل على ضمان رمضان بالضوء والبرودة للجزائريين، إذ قال في إحدى خرجاته للولايات أن الدولة منحت لسونلغاز مبالغ مالية لاستثمار سنة ما لم تستثمره في خمس سنوات مضت، إلا أن الواقع مغاير لذلك تماما. ورغم كافة الحلول التي حاولت الدولة تطيبقها على "أزمة الكهرباء"، يبقى الحل الوحيد الذي لم تجربه الدولة هو استبعاد بوطرفة وفريقه من تسيير سونلغاز، للتأكد أن الأمر يتعلق بسوء تدبيره على رأس هذه الشركة، فهل يفعلها سلال؟؟ جدير بالذكر أن نورالدين بوطرفة حظي بحوالي ربع ساعة من الحديث مع الرجل القوي في الدولة، سعيد بوتفليقة، على هامش جنازة اللواء صنهاجي بمقبرة سيدي امحمد.