ومن بعيد رأيت الشاعر مفدي زكريا، كان هو الآخر برفقة إحدى الحوريات، طويلة، ممشوقة القامة، ذات عينين دعجاوين، وشعر حالك طويل وساقين جميلتين.. يضع ذراعه في ذراعها ويقرأ على مسمعها آخر قصيدة له، يتغنى بعظمة الرب جل جلاله، ونِعَم الجنة، وكان يتحدث إليها كاللامصدق أنه في الجنة، وقال لها، إنه كان خائفا أن يجد نفسه في النار.. واعترف لها أنه اقترف ذنوبا كثيرة في الدنيا، فضحكت قائلة له، إن الله غفور رحيم يا مفدي.. ثم قال لها عندما اجتازا أحد البساتين حيث الحياة مخملية وهادئة إنه مشتاق إلى الثورة، وإلى لعلعة الرصاص، فقرصته من خده وهي تقول له متغنجة، حرام يا مفدي.. انسى ثورتكم قليلا، فإنها لم تعط في الاستقلال سوى الثمار المرة، ودعنا نتمتع بحياة الخلد.. فنظر إليها وكأنه يريد أن يعتذر، فعانقها وطبع على خدها الأحمر السليل قبلة طويلة وعميقة..