- الإخوان يسعون إلى استنساخ السيناريو الجزائري - جماعة الإخوان وصلت إلى الحكم وتورطت في إعادة إنتاج الاستبداد - الإخوان يمثلون إرادة الغرب بلافتة إسلامية مزيفة كيف تقرأون الوضع السياسي والأمني القائم الآن في مصر، خاصة بعد الأحداث الأليمة التي راح ضحيتها المئات من المصريين؟ الوضع يقرأ قبل الأحداث حيث مقدماته كانت واضحة لكل متابع حصيف. وسبق وأن حذرنا من مخططات "جماعة الإخوان المسلمين" التي تمثل إرادة الغرب ب لافتة إسلامية، والآن ما كان يعد شططاً في التحليل من قبل البعض أصبح واقعاً معاشاً، حيث بدأ مخطط حرق مصر بالكامل، وكما بدا واضحاً منذ اليوم الأول أن الاعتصامات لم تكن سلمية، وجرت محاولات كثيرة من قبل أطراف متعددة من أجل الوصول لصيغة مناسبة يتم من خلالها فض الاعتصام دون قطرة دم واحدة، لكن الجماعة قررت أن تتم بطريقة دامية لتكسب التعاطف الدولي، بل وتجاوزت الاعتصام إلى تنظيم مسيرات، وعمليات قطع الطرق واستفزاز المواطنين وتهديد السلم الأهلي، ثم بعد أن بدأت عملية الفض، شهدنا كم السلاح الذي تم استخدامه من قبل منتسبي الجماعة. كما شهدنا كيف تم حرق الكنائس وأقسام الشرطة، والسجون، ونهب المتاحف، وإحراق مقرات المحافظات، فما علاقة ذلك بالاعتصام السلمي وبحق التظاهر ! الجماعة تقوم الآن بالانتحار السياسي من خلال تصدير سيناريو العنف وبعث شبابها إلى محارق مؤكدة. فمثلا تم الاعتداء على الكثير من الكنائس وعلى مركبة تابعة لأحد البنوك تحمل 9 مليون جنيه تم نهبها وقتل سائقها، كل هذه العمليات لا يمكن اعتبارها عملا سياسيا سلميا، إذن نحن أمام مشهد إرهابي بامتياز. لكن هذا لا ينفي المذابح التي ارتكبت بحق التيار الإسلامي عند فض الاعتصام وكذلك ما تلى ذلك من أحداث راح ضحيتها العشرات، أليس كذلك؟ قوات الأمن تعاملت مع الحدث برد فعل. فض الاعتصام تم بتفويض من النيابة. وعندما بدأت عملياتها جوبهت بالرصاص من قبل المتظاهرين وكان عليها الرد. ما ينبغي أن يعرفه العالم، أن العملية لم تكن فض اعتصام سلمي بل مسلح، وهذا يفترض مواجهة مسلحة. وإذا ما افترضنا انهم سلميون وعزل من قتل العشرات من ضباط الشرطة، أكثر من 47 ضابطا ومجند سقطوا شهداء في مواجهة المتظاهرين، منهم اثنان من لواءات الشرطة والعمليات الخاصة. فكيف مات هؤلاء ؟! ثم الاعتداء على قسم بوليس كرداسة وقتل جميع الضباط والمجندين بداخله والتمثيل بجثثهم، هل تم ذلك بطريقة سلمية أم بأسلحة فتاكة. الحديث عن المذابح ينبغي أن يسبقه الإجابة على هذه الأسئلة، وسيادتك صحفي بإمكانك أن تجري تحقيقا صحفيا عن هذا الأمر وكيف تم اقتحام الأقسام في كرداسة وفي الأزبكية، وكيف تم اغتيال رجال الشرطة، وهي حقيقة مذابح بحق رجال الأمن لم يسبق لها مثيل ولم تحدث إلا في عام 1952، عندما هاجم الضباط المصريون داخلية الاستعمار الإنجليزي. فيما يخص أخطاء الشرطة، في رأيي الخطأ هو عندما سمحت لجميع المعتصمين في كل من ميداني "النهضة ورابعة العدوية" بالمغادرة عبر فتح ممر آمن. دون إيقافهم والتحقيق مع قادتهم . كان ينبغي على الوحدات الأمنية إجراء كشف أمني لهؤلاء، لكن نظرا لضيق الوقت والسعي للتخلص من الاعتصام تم فتح الممرات الأمنية وغادر الجميع، مسلحون وسلميون دون أي إيقاف وهذه إحدى أخطاء عملية الفض. لكن في الواقع أن هناك إدانات واسعة من قبل المجتمع الدولي للأمن والدولة المصرية بشأن هذا الأمر وليس العكس؟ إدانات الخارج كان مخطط لها ويمكن فهم ذلك إذا ما درسنا طبيعة العلاقة التي تربط الإخوان بالإدارة الأمريكية، وتعهداتهم بشأن مخططات معينة، وسقوطهم بهذا الشكل فاجأ الغرب خاصة عندما خرج ملايين المصريين في الثلاثين من يونيو، رافضين حكم الإخوان الذي كان يتصوره الغرب بأنه حكم الأغلبية وبأنهم يتمتعون بالشعبية والانتشار، وبالتالي كان يراهن على حكمهم. وعلى الحكومة المصرية المؤقتة تجاوز الحاجز النفسي، الذي تمثله هذه الإدانات والمضي قدما في عمليات اجتثاث الإرهاب، خاصة أن الشعب فوض الجيش للقيام بهذه المهمة في السادس والعشرين من الشهر الماضي. فالأخوان وبعد أن يئسوا من استيراد السيناريو السوري عبر دعواتهم المتكررة وإشاعاتهم التي ملأت الدنيا بشأن انشقاقات متخيلة في جسد الجيش المصري، يسعون الآن الى استنساخ السيناريو الجزائري، عبر تبني جملة من العمليات الإرهابية التي تستهدف الدولة والمواطنين. على ذكر السيناريو الجزائري، هل تعتقدون فعلا إمكانية تكراره في مصر؟ وهل هناك مؤشرات حقيقية لاستنساخه؟ فعلا هناك من يتبنى هذا السيناريو داخل الجماعة، وقد هدد به بعض قيادات الإخوان، خاصة في المناطق الجبلية كمنطقة سوهاج التي تتميز بتضاريس جبلية، وتنشط فيها الجماعات الجهادية، خاصة تنظيم الجماعة الإسلامية، بجانب من يسمون بالمطاريد. أمام هذه السيناريوهات المفترضة، والوضع السياسي والأمني الملتبس، كيف ترون "المخارج" من هذه الأزمة؟ في تصوري هناك مخارج يمكن قراءتها على ثلاثة أصعدة: أولا على الصعيد الشعبي والجماهيري ينبغي على الشارع الثوري أن يبقى يقظاً لكل مخططات حرق مصر، وأن يعيد ويؤكد في كل مرة وبطريقة سلمية مطالبه التي خرج من أجلها في 25 يناير/ جانفي 2011 ثم جددها في الثلاثين من يونيو/جوان، وأن يقف مع الدولة من أجل القضاء على بؤر الإرهاب. ثانيا: على الصعيد السياسي ينبغي على الخارجية المصرية والهيئة العامة للإعلام، تصدير الصورة الحقيقية للوضع الداخلي وتوضيح الأمر لكافة الأطراف الداخلية والخارجية. باعتبار أن مصر تواجه أكبر تحد إرهابي منذ قيامها كدولة عريقة. ثالثا: على الجيش المصري والشرطة، أن يقوموا بدورهم الهام في حماية الدولة والشعب، ويضعوا مخططا واضحا لاستئصال الإرهاب بكافة أطرافه وأذرعه، وأن لا يتوانوا في متابعة وضبط القيادات الهاربة التي خططت وحرضت على العنف، ومنهم قيادات الإخوان كالمرشد العام للجماعة الذي قيل إنه هارب ومتحصن في سفارة دولة قطر بالقاهرة وبعض القيادات الهاربة من مذكرات الضبط التي أصدرتها الجماعة محصنة في سفارة تركيا. وكأنكم تشيرون إلى إقصاء جماعة الإخوان من المشهد السياسي كليا، وهذا ما تحذر منه الكثير من الأطراف باعتبار أن هناك تجارب عديدة أكدت عدم جدواها، كما هو الحال بالنسبة لاجتثاث حزب البعث في العراق، وغيرها من الدول، ألا ترون أن هناك مخاطر ما في سيناريو الاجتثاث؟ كما تعلم تاريخيا "جماعة الإخوان" قامت ضد فكرة الدولة، ومن أجل إقامة "الخلافة الاسلامية" وهي مناقضة لفكرة الدولة القومية، سواء في فترة الحكم الملكي أو الجمهوري، وقد منحت الفرصة على طبق من ذهب، من أجل مراجعة هذه الفكرة وتطبيق مشروع دولة مصرية ديمقراطية، لكنها انحازت لفكرتها الأساس وسعت لتطبيق فكرة التمكين، وكما قال مرشدها السابق مهدي عاكف "طز في مصر إذا كانت لا تحقق مشروع الخلافة الإسلامية.. وان الباكستاني المسلم أقرب إليه من مسيحيي مصر" هذه هي جماعة الإخوان وحزبها السياسي، فكيف يمكن أن تتواءم هذه الجماعة مع مشروع الدولة الديمقراطية، إلا إذا ما قامت بمراجعات حقيقية على المستويين الفكري والسياسي وأعادت التفكير في تبني مشروع يتواءم مع إرادة المصريين، وقدمت قياداتها المتورطة في العنف ليد العدالة. بعيدا عن مظاهرات الثلاثين من يونيو/ جوان، هناك من يرى بأن الأحداث الأخيرة أثرت كثيراً في شرعية وشعبية تلك المظاهرات وأعطت "مظلومية" أو قبلة حياة للإخوان المسلمين أكثر من ذي قبل، ألا ترون وجاهة في هذه الرؤية؟ بالعكس تماماً .. صحيح أن جماعة الإخوان عاشت لأكثر من 8 عقود على منطق الضحية ومفهوم المظلومية لأنها كانت مضطهدة من قبل نظام الحكم وأنا كنت أحد قادتها، لكن طبيعة الصراع اليوم بات مختلفا تماماً، لأن الجماعة وصلت للحكم وتورطت في إعادة إنتاج الاستبداد، مما دفع الشعب للخروج عليها كما خرج على نظام مبارك. وأصبحت طبيعة الصراع بين جماعة مستعدة لحرق مصر في سبيل السلطة وبين شعب يدافع عن حقه في الحياة الكريمة، كيف يمكن لشعب أن يتعاطف مع من يقطع الطريق، ويقتل المواطنين العزل، كيف يمكن التعاطف مع مسلحين ملثمين يعيثون قتلا وتخريباً. لعل مشهد مسجد الفتح كان معبرا بشكل كبير عن طبيعة الصراع عندما تحصن المسلحون فيه وأطلقوا النار من مئذنته على المارة ورجال الشرطة، وكيف حمى الجيش المعتصمين ووفر لهم ممراً في حين حاول المواطنون وسكان المنطقة الاعتداء عليهم وبالتالي الحديث عن المظلومية غير وارد تماماً كحديث التعاطف. ربما هناك دوائر ضيقة من المتعاطفين مع فكر الإخوان وحدها من تتضامن معهم اليوم وهي دوائر ضعيفة وذات توجه معروف، أما عامة الشارع فقد تبدى موقفه سواء قبل فض الاعتصام في جمعة التفويض أو بعد فضه في ميدان رمسيس ومسجد الفتح، لذلك لا أعتقد أن الأحداث أثرت في تنامي شعبية الإخوان في ظل خروجهم على الشعب بالأسلحة والذخائر. كيف يمكن تصور دور الجيش المصري وجماعة الإخوان في الفترة القادمة؟ في تصوري الجيش المصري له دور مهم في الفترة القادمة، وعليه أن يتجاوز الهزيمة النفسية التي يشعر بها جراء الضغوط الخارجية، فهو يتحرك باستحياء وببطء شديد نتيجة الانتقادات الكثيرة من الخارج وخشيته من وصف ما حدث بالانقلاب، وعليه الآن أن يتجاوز هذا الأمر ويشرع في التأسيس لدولة القانون مستخدماً الشرعية الثورية التي منحه إياها الشعب المصري في جمعة التفويض، وأن يتحرك بسرعة ووضوح وبقوة حاسمة. تتصورون أن الجيش يفتقد للقوة والحسم بعد كل ما حدث؟ مرة أخرى تعيدني للمربع الأول وتكرار ما قلته في الأسئلة السابقة، سأقول لك نعم هو يفتقد لذلك أو يقوم على استحياء بتلك المهام المنوطة به منذ خروج الشعب على حكم الإخوان ثم تفويضهم للجيش لاستئصال الإرهاب كليا قبل أن يتنامى في الجسد المصري، وأعتقد أن التجربة الجزائرية حاضرة في ذاكرتكم وما قامت به الجماعات الإرهابية، بعد إلغاء نتائج الانتخابات، ونحن لا نريد لهذا الشعب أن يعيش ذات التجربة. تطرحون آراءكم بهذه الصورة التي قد يصفها البعض بأنها متطرفة تجاه جماعة الإخوان التي كنتم قياديا في تنظيمها .. ألا ترون ثمة تناقض في ذلك؟ إطلاقا بل أقول ذلك من واقع تجربتي مع الإخوان وفكرهم، كنت عضوا في اللجنة القانونية للجماعة، وكنت المحامي المكلف للدفاع عن قيادات الإخوان وعلى رأسهم المرشد الحالي محمد بديع، وأعرف هذه الجماعة من الداخل، وهذا ما يضاعف مسؤوليتي أكثر في التصدي لمخططاتها التي أعرفها جيدا وخبرتها من واقع وجودي في التنظيم. وشخصيا أجريت مراجعات فكرية وسياسية مهمة ربما كانت الأولى من نوعها التي جرت في العلن، وذلك قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير /جانفي 2011، وقبل وصول الجماعة للحكم ، وأصدرت كتابا يرصد كل صغيرة وكبيرة حول أحداث ووقائع ومواقف الإخوان مدعمة بالوثائق ولم يتمكن أحد منهم وهم في سدة الحكم من إثبات العكس أو متابعتي قضائياً، لأنني كنت أملك كل الأدلة التي تدينهم وتدعم موقفي. هذه جماعة تمثل إرادة الغرب بلافتة إسلامية مزيفة، وهي مستعدة لفعل كل شيء من أجل مشروعها المناقض لمشروع الدولة الوطنية الديمقراطية، لذلك لا أستحي حين أطالب بضرورة إصدار قانون حظر هذه الجماعة التي تورطت في سفك دماء المصريين. أما من يجري مراجعة فكرية وسياسية ويدين العنف ويتفق مع الأجندة الوطنية ومشروع الدولة المدنية الديمقراطية فأهلا به، وهذا ليس تطرفا بل هو إبطال لمبررات قيام أي من مشاريع التطرف التي تحملها الجماعة.