أن تفكر في تصوير فيلم عن عيد ميلاد طفل في الخامسة من عمره داخل مقبرة حيث الموت يحوم فوق الرؤوس، أمر يستفز مشاهد فيلمك القصير؟ حاليا في العراق نتساءل جميعنا كيف العيش وسط ركام الموت، ومع ذلك جاء الفيلم ليقول إن كمية الحياة في بلادنا تفوق كمية الموت رغم كل شيء. والعراق أقدم رقعة في العالم سنوات غابرة من الوجود، لا يمكن أن يموت ويتوقف مصيره على شخص أو مجموعة أشخاص. أي متطرف أو غاز أو فكر شوفيني أو حزب معين، يمكنه أن يقدح حياة الناس. أردت القول إننا اليوم نريد أن نعيش في أي مكان في المقبرة أو خارجها، والعراقيون يشبهون هذا الطفل، يلعب بين القبور ويفرح، هم يعيشون بين الانفجارات حياة هانية، شاب يعانق حبيبته وآخر آت إلى العمل. أن يسخر طفل من الموت كما فعل ... جعلته لا يبالي كثيرا؟ هو يريد أن يحتفل بعيد ميلاده وفقط. والصمت الرهيب في الفيلم معناه أننا لا نملك سوى الصمت أمام الموت. فقط هذا الطفل وغيره يسخرون من فكرة الموت. وظل الطفل البطل الوحيد في العمل، وبقيت الأم التي رافقها إلى المقبرة عنصرا ثانويا جدا؟ بالضبط وهذا مقصود. هي قصة الطفل وليس لشخص آخر. والصورة أيضا بتقنية عالية وإتقان؟ اعتمدت على فيلم خام 35 ملم، صورت كل اللقطات في بغداد، كل الإطارات من العراق، الممثلون، وسافرنا إلى مهرجانات عالمية مثل برلين السينمائي ثم نيوروك وأمستردام. القصة قابلة للتمديد إلى فيلم طويل، هل فكرت في ذلك؟ لا بتاتا. حاليا أشتغل على فكرة جديدة، تتضمن فكرة الموت دائما. ما هو هدفك من إخراج فيلم، هل لتروي للعراقيين بعض حياتهم أم ليطير بك العمل إلى مهرجانات دولية؟ أولا الفيلم أصنعه لنفسي، والسينما في نظري هي حالة وجودية بالضبط. ثانيا أصنع الفيلم للناس الذين كانوا يموتون كل يوم في بغداد في السابق وسيموتون في أي حادث انفجار مستقبلا، للذين يتمسكون بالحياة أيضا. أعرف معنى الشعور بالفقدان، وأنا في 1991 فقدت ستة من أقرب الناس إلي وانتهى بهم الأمر في مقابر جماعية، وفي 2003 فقدت عمي، يراودني سؤال يؤرقني دائما، ما العمل أمام شبح الموت الدائم الذي يلاحقنا في كل مكان؟ 50 سنة بالعراق مسلسل الموت لم يتوقف. بصراحة فيلمي متوجه للعراقيين، لسكان الحواري، الذين كبرت معهم، فأنا اقطن في حي يشبه أحياء وهران الشعبية، لهذا أحببت هذه المدينة سريعا، كما أحببت أغاني الراي والشاب خالد، الذي يهزنا كثيرا حينما يغني.