الفيلم عرض البارحة أمام الصحافة الوطنية والمهنيين بقاعة ابن زيدون برياض الفتح، وبحضور الكاست والمخرج خالد بركات الذي قال إن "تيتي" هو أول عمل يروي حكايات جزائرية تسجل يوميا في مجتمعنا. "تيتي" (آدم ميسلي) هو طفل في الحادية عشر من عمره، يعيش متشردا في ثالث سنة من عيد ميلاده، بعد أن أضاعته والدته (مليكة بلباي)، على حين غفلة، راح فيها الصبي يتبع جروا أثار فضوله، إلا أنه يقع بين مخالب عائلة تستغله بكل الطرق، الى أن يقرر الهروب منها رفقة صديقه الكلب. يتميز "توفيق" الصغير بسرعة البديهة وخفة الظل، يعيش في أماكن متعددة، حيث المأكل و المأوى، لا رفيق سوى "جومبو" كلبه الوفي، الذي يستعين به في وحدته وللدفاع عنه. يعلم "تيتي" أنه يعيش حالة فقدان عاطفي، وأن والدته المرسومة في مخيلته الصغيرة، تعيش في مكان ما في هذه البلدة، لكنه غير متأكد من وجودها. لهذا رسم لها صورة تتجلى له كلما شعر بالخوف في ظلمة الليل، والوحدة بعيدا عن دفء البيت. الوالدة من جهتها، تعيش رفقة زوجها "خالد" (مصطفى لعريبي)، الذي تزوجت منه بعد وفاة أب "تيتي". خالد يظهر من الوهلة الأولى متورطا في حادثة اختفاء الطفل، لكنه يغض الطرف، لتحقيق أطماعه الضيقة والظفر بتركة زوجته بعد أن فقدت كل أفراد عائلتها. تتطور القصة على منحنيين: "تيتي" يحاول العيش بعيدا عن مخاطر الشارع فيجد في شخصيات مثل "الحاج الما" (ارسلان لوراري) وبائع الورد (امين بومدين) وغيرهم رفقة صالحة، يشتغل نادلا ومنظفا، يتعلم القراءة والكتابة، الا أنه يقع في حب فتاة جميلة (سهيلة معلم) تشبه في ملامحها أمه البعيدة. في الجهة الأخرى من المشهد هناك الأم التي تدخل في حالة مرضية نفسية، تفقدها توازنها، ويستغل الزوج الفرصة، ليدخلها مصحة الأمراض العقلية، محاولا الاستيلاء على ثروتها وأموالها. لولا تدخل بعض الأصدقاء والأطباء (عبد القادر جريو، عزيز بوكروني) وشخصية المفتش (أحمد بن عيسى). كان يمكن للفيلم أن يكتسي نفسا مرحا بوجود ممثلين أطفال أبانوا عن قدرة في التقمص واتباع تعليمات المخرج بركات، في أول تجربة له في هذا المنصب. إلا أن إدارة الممثلين الصغار لم تترك لهم مجالا للتصرف كأطفال، وبالتالي ترك "اللعبة التمثيلية" تتم وفق نفسية "الصغار" وليس نفسية "راشدة". كما كان لوجود الكلب المطيع "جومبو" حضورا ثانويا، لم يستغل كفاية، وبشكل درامي أولا. "جومبو" كان يمكن أن يكون رأس الخيط الذي يقودنا الى حياة "تيتي" ومعه نتطرق الى المواضيع المتشتتة التي حام فوقها خالد بركات، مثل الطفولة المتشردة، تفكك الاسرة الجزائرية، الرشوة، الفساد، الحرقة، المخدرات.... كلها مواضيع ظهرت في الحكاية كفلاشات لا غير. يحسب للفيلم محاولة ايجابية وجهد واضح في تأليف الحوار، وعدم إهمال لهذا الجانب الذي طالما شكل حجر عثرة الأفلام الجزائرية، حيث جاءت اللغة متقاربة بين كل الممثلين، جمل قصيرة معبرة عن الحالة بعينها. اعتمد المخرج كثيرا على توجيهات مدير التصوير علال يحياوي، الذي اختار مواقع تصوير بولاية الجزائر، منطقة الحراش تحديدا، كمناظر خارجية، وأخرى داخلية في الأغلب، لتسهيل عمل الفريق التقني، وقد جاءت الصورة جميلة لحد مقبول، ناهيك عن الصوت، فيما اختيرت الموسيقى التصويرية من ريبتوار خالد بركات المغني والمعروف في المجال منذ الثمانينات من القرن الماضي.