كان جون مارستون أحد الأسترالييين القلائل الذين حققوا النجاح في الخمسينيات، ومرت عقود كثيرة قبل أن ينجح لاعب آخر بفضل شجاعته الإستثنائية بتمهيد الطريق أمام آخرين حذوا حذوه لاحقاً. لم يكتف كريغ جونستون في تخطي حاجز هام فقط، بل أنه حطمه. كان من النادر على لاعب استرالي أن يعيش مسيرة احترافية بالكامل، لكن جونستون كسر هذا القاعدة عندما دافع عن ألوان نادي ليفربول في أوج ذروة النادي الإنجليزي العريق في الثمانينيات حيث توّج في صفوفه بعشرة ألقاب كبيرة بينها كأس أبطال الأندية الأوروبية (دوري أبطال أوروبا حاليا). وكان جونستون قد تحدى أحد أساتذته بأنه سيصبح يوماً ما لاعب كرة قدم محترفاً عندما يكبر ربما ليثأر منه بعد أن سخر منه عندما كان شاباً في الخامسة عشرة من عمره ويقطن في ضواحي مدينة نيوكاسل التي تقع على بعد ساعتين من سيدني. ومنذ تلك اللحظة قرر جونستون تحقيق هذا الهدف. قام نادي ميدلسبره الإنجليزي بزيارة غير اعتيادية لمدينة نيوكاسل عام 1975، ولم يتردد جونستون اليافع في مراسلة ميدلسبره وأندية إنجليزية أخرى طالباً الحصول على فرصة للقيام بتجربة في صفوفها. وما زاد من صعوبة مهمة جونستون بأنه اضطر للغياب عن جولة قام بها فريقه حيث أمضى فترة في المستشفى عندما قيل له بأنه لن يستطيع ممارسة كرة القدم بعد الآن. بيد أن عائلته قامت بتمويل ابنها للقيام بالرحلة إلى إنجلترا من خلال بيع منزلها. ولحظة وصوله إلى إنجلترا، كان جونستون صاحب الشعر الأشقر، ضائعاً تماماً في البرد القارس في شمال شرق إنجلترا. وسرعان ما فرض جونستون نفسه في صفوف الفريق الأول لميدلسبره بعد ثلاث سنوات من تلك الأمسية الشهيرة في دياره. وبعد أن لعب أساسياً في صفوف ميدلسبره على مدى ثلاث سنوات متواصلة، كانت المفاجاة أن ليفربول الذي كان قد توّج للتو بطلاً لأوروبا أراد الإستعانة بخدماته عام 1981. في مواسمه الأولى في صفوف ليفربول، لعب جونستون احتياطياً وشغل مركزاً على الجهة اليمنى من خط الوسط ، قبل أن يفرض نفسه في التشكيلة الأساسية للفريق وساهم بشكل كبير بإحراز ثلاثية رائعة عام 1984 في الدوري المحلي وكأس رابطة الأندية الإنجليزية وكأس أبطال الأندية الأوروبية. بات جونستون أول لاعب استرالي يبلغ هذه المرتبة المرتفعة، لكنه لم يفكر إطلاقاً بالدفاع عن ألوان منتخب بلاده نظراً للمسافات الطويلة والشاقة التي كانت تفصل بين البلدين. وكان يردد مازحا "اللعب لمنتخب أستراليا هو كتمثيل إنجلترا في رياضة ركوب الأمواج." كانت الخيارات كثيرة أمام جونستون الذي ينحدر من أصول أيرلندية واسكتلندية، وحاصل على إقامة في إنجلترا، وبالتالي قرر أن يدافع عن ألوان منتخب الأسود الثلاثة حيث لعب معه في الفريق الرديف في حين كان احتياطياً في المنتخب الأول. بعد ثلاث سنوات، بلغ ليفربول المباراة النهائية لكأس إنجلترا مجدداً، لكن جونستون عاش وفريقه إحدى أسوأ الذكريات في مواجهة ويمبلدون الذي قلب التوقعات رأساً على عقب وتوّج باللقب. كانت المناسبة حزينة لجونستون على أكثر من صعيد ذلك لأنه كان يخوض آخر مبارياته ال271 بقميص ليفربول وعلى ملعب ويمبلي بالذات. وفأجا جونستون الجميع عندما قام بأمر غير اعتيادي على الإطلاق اعتزاله وهو في سن السابعة والعشرين فقط. كانت شقيقته تعرضت لحادث سير وكانت حياتها في خطر وبحاجة لرعاية دائمة. لم تكن الكلمات الرقيقة من زميله كيني دالجليش أو من مجلس إدارة ليفربول كافية لدفع جونستون إلى تغيير رأيه. نجح جونستون في شق مسيرته الإحترافية بيديه، وسلك مساراً غير اعتيادي نحو النجاح وقد انتهت هذه المسيرة أيضاً بطريقة مفاجئة. وحتى بعد اعتزاله كرة القدم، لا يزال جونستون يتمتع بحيوية الشباب ويستمتع بالحياة. ساعد كثيراً في تصميم حذاء مبتكر في التسعينيات وكرس وقته لممارسة هوايته المفضلة في التصوير الفوتوغرافي وهو يمضي أوقاته حالياً متنقلاً بين فلوريدا وأستراليا. وقد دخل جونستون متحف مشاهير الإتحاد الأسترالي لكرة القدم عام 2005، وبعد ثلاث سنوات منح أعلى وسام شرف من اللاعبين المحترفين في أستراليا، وهو وسام لم يمنح من قبله، إلا إلى مارستون وأسطورة أستراليا جوني وارن.