لم تعد جولات - المبعوث العربي والأممي - الأخضر الإبراهيمي المكوكية، لعشرات الدول المؤثرة على القرار الدولي والإقليمي، تفضي إلى شيء أكثر من الطموح الأسمى المتمثل في عقد "لقاء جنيف 2"، ذلك بعد أن تبين بشكل واضح أن لقاء "جنيف 1" لم يقدم شيئا يذكر للأزمة السورية، عدا أنه أثخن جراحاتها وأتخمها بالخيبة المضافة. جولات جون كيري (وزير الخارجية الأمريكي) هي الأخرى لم تختلف كثيرا عن تحركات الديبلوماسي الجزائري المخضرم، وتصريحات منتسبي "نادي الكبار الخماسي" في المنظمة الأممية، وغيرها من التحركات الديبلوماسية والسياسية ظلت تدعو في غير مناسبة إلى شيء واحد لا غير يتمثل في "عقد لقاء جنيف 2" وكأن اللقاء قد أصبح هدفا في حد ذاته وليس وسيلة للوصول إلى الأهداف الرئيسية المتمثلة في إنهاء هذه الحرب التي طال أمدها أكثر مما ينبغي. وتمكين الشعب السوري من حقوقه المشروعة في اختيار حكامه وضمان عدم افلات المتسببين في حمام الدماء السوري من العقاب. ولعل ما يجعل هذا الاختزال واضحا في النظر إلى الحالة السورية المتأزمة هو تلك الضغوط الدولية والإقليمية الكبيرة التي مورست على "الائتلاف السوري المعارض" من أجل ثنيه عن موقفه المبدئي الرافض للقاء إن لم يسبقه بند واضح يضمن أن الأسد لن يكون جزءا من أي مرحلة انتقالية قادمة .. وهي الضغوط التي أتت أُكلها أخيرا بالموافقة المشروطة للائتلاف في المشاركة بجنيف 2. لكن السؤال الأهم الذي سيواجه الجميع هو: ماذا بعد اللقاء. بل إلى أين سيفضي هذا اللقاء فهو في أحسن الحالات لن يكون مختلفا بشكل جذري عن سابقه "جنيف1" هذا الأخير الذي فشل في تنفيذ أبسط الالتزامات التي أطلقها منذ أكثر من عام، وفي حين لم يتوقف أعضاء "جنيف 1" أمام مسؤولياتهم التاريخية فيما يخص التزامات اللقاء، ها هم اليوم يهرولون لاعادة القاطرة إلى ذات السكة القديمة.