عاشت عاصمة جرجرة ليلة الخميس إلى الجمعة، ليلة بيضاء ميزتها أجواء هستيرية كان من ورائها الآلاف من المواطنين الذين توافدوا من كل بلديات وقرى الولاية إلى وسط مدينة تيزي وزو، للاحتفال بالتأهل التاريخي للمنتخب الوطني إلى الدور الثاني من مونديال البرازيل ولأول مرة في تاريخ الكرة الجزائرية. حيث رسم عشاق الخضر من كل الفئات والأعمار، أطفالا رجالا ونساء، لوحات وصورا عمتها أجواء الفرحة والبهجة، زادت من متعتها أكثر زغاريد النساء والأغاني المساندة للفريق الوطني والألعاب النارية ومواكب السيارات، وهي الأجواء التي لا يقدر على صنعها أي حدث سوى الكرة المستديرة وحب الجزائري الفخور بإنجازات منتخبه. أجواء حماسية تسبق موعد المباراة وتجمع بالمئات من الأنصار أمام الشاشة العملاقة بعاصمة جرجرة رغم حالة القلق التي سبقت موعد مباراة المنتخب الجزائري ونظيره الروسي، إلا أن عشاق وأنصار رفقاء سليماني الذين توافدوا من كل بلديات الولاية على مدينة تيزي وزو لمشاهدة ومتابعة مجريات المباراة، صنعوا أجواء مميزة تقاسمتها "الجزائرنيوز" معهم بحضورها كالعادة إلى جانبهم. حيث كانت كلها حماس وبهجة إيمانا منهم بقدرات الفريق الجزائري في تجاوز عقبة الروس وتحقيق أول تأهل إلى الدور الثاني من منافسة كأس العالم في تاريخ الكرة الجزائرية، وهي الأمنية التي تداولت على لسان كل مواطن، فلا حديث في الشارع القبائلي إلا عن الفوز والتأهل، حيث أن ساحة متحف المدينة أين تم تعليق شاشة كبيرة لمتابعة المباراة تحولت ساعتين تقريبا قبل موعد دخول أشبال حاليلوزيتش أرضية الميدان إلى مسرح لعرض اللوحات الجميلة التي رسمها المواطنون بالأعلام الوطنية والأغاني الخاصة بالفريق الوطني التي دوى صوتها بجميع أزقة عاصمة جرجرة والتي يمكن سماعها في كل منزل وكل سيارة تعبر وسط مدينة تيزي وزو التي تحولت مع اقتراب موعد المباراة إلى مدينة شبه فارغة وكل الأنظار كانت مشدودة إلى الشاشة العملاقة في انتظار بداية اللقاء. الإعلان عن تشكيلة الخضر تزيد الأنصار حماسة وهدف الروس المبكر يحبس الأنفاس «وان، تو، ثري فيفا لا لجيري" تعالت بساحة متحف المدينة مباشرة بعد الإعلان عن التشكيلة الأساسية التي اعتمد عليها الناخب الوطني في المباراة، حيث أن عدم إجرائه تغييرات إلا تعويض في بلكالام مكان مجيدة بوقرة والاعتماد على خطة هجومية أرجع الثقة إلى الأنصار الذين كانوا متخوفين من تبني حاليلوزيتش استراتيجية دفاعية. الأجواء نفسها حتى مع إعطاء الحكم التركي شاكير كونيت إشارة انطلاق المباراة، إلا أن الهدف المبكر للفريق الروسي الذي سجله في الدقيقة السادسة من عمر اللقاء، تسبب في حبس أنفاس عشاق الخضر الذين تخوفوا من تأثير الهدف نفسيا على معنويات رفقاء مبولحي وتلقي أهداف أخرى قد تخيب آمالهم، الوضع الذي جعل الآلاف من الأنصار يشدون النفس ويتابعون في صمت ما تبقى من الشوط الأول محاولين طمأنة بعضهم البعض، ولا تسمع إلا كلمة واحدة وهي "سنفوز مازال الوقت". حرارة لاعبي الخضر في الشوط الثاني ترجع الثقة للأنصار وهدف سليماني يفجر الأفراح كانت عودة لاعبي المنتخب الوطني إلى أرضية الميدان للعب مجريات الشوط الثاني بحماس كبير من المايسترو فيغولي ورفاقه، وهو ما مكنهم من تدارك التأخر وتعديل النتيجة، وكان ذلك كافيا لاسترجاع محبي المنتخب الوطني ثقتهم في فريقهم، وتعالت من جديد الشعارات المساندة لهم على غرار "ها هو انشاء ها هو انشاء الله"، "انشاء الله ياربي انشاء الله ياربي الجزائر كاليفيي". وقد انتظر عشاق الخضر إلى غاية الدقيقة ال 60 حين استطاع سليماني برأسية ذهبية تعديل النتيجة ليعطي انطلاقة أجواء هستيرية فجرت وسط مدينة تيزي وزو أين تعالت من شرفات المنازل المحاذية للشاشة العملاقة زغاريد النساء وتحول المكان إلى عرس حقيقي ميزه إطلاق الألعاب النارية وإشعال "الفيميجان"، وهي الأجواء التي دامت لأكثر من 10 دقائق ليشد من جديد الأنصار أنفاسهم خصوصا مع المحاولات العديدة التي سجلها لاعبو الروس، إلا أن تدخلات رايس مبولحي الرائعة كانت كافية لطمأنة الجميع بتحقيق التأهل، وهو ما تحقق فعلا بعد صفارة نهاية الحكم التركي للمقابلة. ليلة بيضاء بتيزي وزو والفرحة لم تستثن أحدا الإنجاز التاريخي الذي حققه رفقاء سليماني جعل الآلاف من سكان تيزي وزو على غرار الملايين من الجزائريين، يطلقون العنان لأفراح غزت مختلف شوارع وأزقة عاصمة الولاية، وهي الفرحة التي لم تستثن أحدا ومن جميع الفئات والاعمار، من شباب وشيوخ وأطفال وكذا النساء والعجائز وحتى الرضع الذين كان لهم نصيبهم من الفرحة بإلباسهم بذلات رياضية للمنتخب الوطني، حيث أن عاصمة جرجرة التي فضلها الآلاف من المواطنين القادمين من مختلف قرى وبلديات الولاية، قبلة للاحتفال بالإنجاز التاريخي لمنتخبهم، عاشت ليلة بيضاء على وقع أبواق مواكب السيارات وكذا زغاريد النساء والألعاب النارية، وحتى "الفليتوكس" كان حاضرا في مكان الشماريخ. حقيقة كانت أجواء استثنائية لا يقدر على رسم لوحاتها إلا عشاق الكرة المستديرة التي تفعل في محبيها ما تشاء، وهي الفرحة التي استمرت إلى بزوغ الفجر بوسط مدينة تيزي وزو. الأهم تحقق في انتظار المباراة التاريخية مع الألمان ما تداول على ألسنة محبي الفريق الوطني بعد نهاية المباراة، هو أن الأهم تحقق في لقاء المنتخب الوطني أمام نظيره الروسي بالتأهل إلى الدور الثاني من مونديال البرازيل ولأول مرة في تاريخ الكرة الجزائرية، وهو الأمر الذي اعتبروه إنجازا بحد ذاته من طرف رفقاء حليش في انتظار المباراة ضد المنتخب الألماني التي تعد أيضا بالنسبة للملايين من الجزائريين تاريخية بسبب ما جرى من أحداث في مونديال 1982 وترتيب مباراة الألمان والنمسا بعد هزيمة المنتخب الألماني أمام المنتخب الوطني الجزائري، إذ أن المباراة القادمة هي مباراة وصفها العديد من الأنصار بمقابلة الثأر والمواطنون بدؤوا يفكرون منذ أول أمس بإطلاقهم شعارات "مازال مازال الألمان" فهل فعلا يمكن للناخب الوطني قيادة محاربي الصحراء إلى تحقيق إنجاز ثان في مشواره الكروي وكذا في تاريخ الكرة الجزائرية بالتفوق على أكبر الفرق المرشحة في هذا المونديال؟.