ماذا نريد بالضبط في حياتنا الثقافية الوطنية ؟ هذا السؤال يطاردني دائما ويعيش معي باستمرار ، وكلّما تأملت حصيلة حياتنا الثقافية مع نهاية كل عام وحلول عام جديد ، أجدني كمن يحرث في الماء، فالطموح والأحلام في واد غير ذي زرع والواقع في واد آخر غير ذي زرع هو الآخر ، المشكلة في اعتقادي ليست في الأغلفة المالية المرصودة ولا في البرامج ، التي لا تؤدّي غرضها الإنساني والثقافي ، في وعي الناس ، في واقع حياتهم اليومية ، إنها مشكلة / نوعيات / الكائنات البشرية التي تفكّر للثقافة في بلادنا ، أغلبها لا صلة له بحس جمالي ، في الأدب أو المسرح أو الفن التشكيلي أو فلسفة هذا الفن وذاك ، ولذلك يأتي كل حديث عن مشاريع ثقافية ضرب من الفوضى والإهمال ، لأن العقل الذي يفكّر ويخطّط غائب عن الوعي الوطني والحضاري ، في هذا البلد الغني الرّائع ، ولذلك رأينا كثيرا من البرامج الثقافية ، أقرب ما تكون للخرافة ، منها للعقل العلمي ، الذي يستطيع تسطير سياسات إستراتيجية ، صحيح أن الدولة الجزائرية خلال السنة الماضية والسنوات الفائتة ، وفّرت الكثير من المال للتنمية الثقافية ، لكن مازال ينقصها العمودي الفقري ، الذي هو روح فلسفة البناء الثقافي الوطني القوي والناجح ، وأقصد بذلك أهل الثقافة ، ولا يمكن الحديث عن أهل الثقافة بلغة التعميم ، لأن ثقافة أي بلد ، لا ينهض بها المتطفلون على الثقافة وهم أخطر على مستقبل البلاد من كل إستعمار، بحيث يصبح هذا الأخير - أي الإستعمار - تحصيل حاصل - وأقصد بأهل الثقافة أولئك المنتجين للمعرفة الإنسانية بكتاباتهم ومؤلفاتهم وحضورهم الفكري في حركة المجتمع وتفاعلاته الداخلية والخارجية ، من الفلاسفة الوطنيين والأدباء والرسامين والسينمائيين ، الحاملين لأفكارالتنوير والنقد البناء المجرّد من الأهواء والحساسيات السياسية الظرفية · في سنة 2009 ، كما في قبلها ، المشهد الثقافي في الجزائر وإن كان يتوفّر على إمكانات مالية هامة وهياكل ووسائل بيداغوجية ، إلا أن عنصر الإنسان في هذه العملية هو أكبر إعاقة في طريقه، لأن الجميع منشغل بحب الظهور و/ شهوة القيادة/ ، مازال صراع الأشخاص يغتال /ضمير المؤسسة/ ، رغم وجود / بعض الجعجعة / و/ بعض الطحين / ، إلا أن الفكر الثقافي ، يحتاج إلى مزيد من الحكمة وكثير من الهدوء والصبر ، للوصول إلى فهم الطريقة الأنسب ، حتى يتم النجاح في إخراج / مشهد ثقافي جزائري بكل ألوان الطيف /، لكن الخوف ، ليس من قيمة الثقافة في حياة الإنسان / المواطن والإنسان / الدولة والإنسان / المجتمع ولكن الخوف ، كيف نجد الطريقة العلمية التي تحترم الوسائل الثقافية ، في مؤسسات البلاد ، وفي نفس الوقت نعاقب ضميرنا ونواجهه لوحدنا ، دون خوف من رقيب ، أو هروب من منافسة ، حتى تنتصر في الجميع ثقافة/ الإنسان الجزائري/ على ثقافة /الإنسان العشائري/ ، الذي - بكل أسف - يقوم بعملية إبادة جماعية لفكرة / الثقافة الوطنية / وإن كان حاملا لشعار الوطنية ، مرة باسم / الحق المشروع في النضال الحزبي والثقافي / ومرة باسم / الحق في التمثيل النيابي / ، لكن بكل الوسائل التي تبرّر / الغاية الخاطئة/ والفهم الخاطئ للسياسة الثقافية في المجتمع · مشكلة المشهد الثقافي في الجزائر التي تتعافى بحكمة على مستويات أخرى، يشارك في إزعاجها أصحاب المصالح / غير الثقافية /، التي لا تحمل مشروعا حضاريا ولا تتوفّر لديها مؤهلات تمثيل شخصية الثقافة الجزائرية في الداخل ، أمام مواطنيها ولا في الخارج أمام الثقافات الأخرى ، وطريق التطلّع إلى بناء وتشكيل المشهد الثقافي الجزائري اللاّئق والمشرّف لمكانة الجزائر الطبيعية ، موجودة في مثال / السياسة الرياضية الجديدة/ ، بحيث لا مكان للرداءة ، مهما كان المبرّر، وأعتقد أن كلامي واضح ، فلا حديث عن الثقافة الناجحة ، إلا عندما يحضر العقل، كونه الوحيد القادر على التفكير الإحترافي والإبداع الراقي، بداية من سياسة ثقافية واضحة ، دقيقة وأهدافها مضمونة لكل الجزائريين·