أصبح بن لادن من مناضلي منظمة السلام الأخضر ''غرين بيس''؟! هل هذه نكتة أم مقلب من مقالب سمكة أفريل· لحسن الحظ أن شهرين كاملين يفصلاننا عن أفريل وإلا لصدقنا ذلك·· لكن، إنها الحقيقة، زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن يحمّل، الدول الصناعية الكبرى، وعلى رأسها الولاياتالمتحدة مسؤولية التغير المناخي ومخاطره· ودعا في تسجيل صوتي جديد إلى التخلي عن الدولار كعملة عالمية، ووصف الشركات الكبرى بأنهم ''جناة حقيقيون'' يتحكمون بمصير العالم· ربما يكون الفرق بين مناضلي السلام الأخضر وبن لادن في اللون تحديدا، فالمدافعون عن الكوكب أيديهم ملونة بلون الهيموغلوبين، بينما يدي بن لادن مخضبة بدم الأبرياء من المسلمين الذين سقطوا في العمليات الإرهابية في شتى أصقاع الكوكب· لا يوجد أي قاسم مشترك بين تنظيم أسامة بن لادن ومنظمة السلام الأخضر، اللهم إلا في هذه النقطة، أي الدفاع عن البيئة التي تشكل تحولا مثيرا في الخطاب الإيديولوجي لزعيم القاعدة، حيث قال بن لادن في تسجيل صوتي بثته قناة الجزيرة القطرية، إن الحديث عن التغير المناخي ليس ترفا فكريا، وإنما هو حقيقة واقعة· واتهم الدول الصناعية خاصة الولاياتالمتحدة بالمسؤولة عن التغير المناخي في العالم، وما يتسبب عن ذلك من مخاطر، بعد أن قاطعت تلك الدول اتفاقية كيوتو التي تمثل أول معاهدة دولية لخفض الانبعاثات العالمية· ويبدو أن بن لادن الذي اختفى عن الأنظار منذ فترة ليست بالوجيزة، يحاول تحيين بل عصرنة خطابه بتناول موضوع بهذه الجدية على مصير العالم، جاعلا منه ميدان معركة آخر ضد الولاياتالمتحدة والغرب بعد إفلاس خطابه القديم الذي كان يعزف من خلاله على وتر معاداة الإسلام والمسلمين مستغلا عواطف المسلمين، يتوجه الآن إلى توسيع دائرة المتعاطفين دفاعا عن البيئة··· ولكن بسلاحه الرشاش· زعيم القاعدة قال ''إن جميع الدول الصناعية تتحمل مسؤولية أزمة الاحتباس الحراري، غير أن معظمها قد تداعت إلى اتفاقية كيوتو ووافقت على الحد من انبعاث الغازات الضارة، ولكن الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن ومن قبله الكونغرس رفضوا هذه الاتفاقية إرضاء للشركات الكبرى، فهؤلاء هم الجناة الحقيقيون على المناخ العالمي''· واعتبر بن لادن أن ''هؤلاء الجناة'' هم الذين تسببوا ''بالأزمة المالية العالمية الراهنة، وهم أنفسهم وراء المضاربة والاحتكار وارتفاع الأسعار في أرزاق العباد، وهم أيضا وراء العولمة وتبعاتها المأساوية، فقد أضافت عشرات الملايين إلى قوائم الفقراء والعاطلين عن العمل''· ولم يتوقف بن لادن عند هذا الحد، بل بجعبته مقترحات للتقليل من الاحتباس الحراري وطرح خمسة حلول للخروج من الأزمة المالية، منها تجنب الإسراف ومقاطعة البضائع الأمريكية كي تتوقف المصانع التي تضر بالمناخ العالمي، والتخلي عن الدولار عملة تعامل عالمية رغم ما لذلك من مخاطر· خوض بن لادن في موضوع يخص الاحتباس الحراري في هذا الظرف، وبهذا الأسلوب يدعو للتفكير مليا فيما يفكر فيه المطلوب الأول في العالم· وليس من قبيل السخرية أن ندعي أنه يسعى وراء جائزة نوبل للسلام بعد أن سخر من منحها لأوباما، ويبدو أنه أصبح على قادة العالم توجيه دعوة رسمية لبن لادن لحضور قمة الأرض المقبلة، ربما قد ينجح بن لادن فيما فشل فيه الآخرون·