زاويتا الجلالية و اللفيعة الحمد لله الّذي له مَا في السّموات و مَا في الأرض و له الحمد في الآخرة و هُو الحكيم الخَبير يعلم مَا يَلِج في الأرض و مَا يخرج مِنها و مَا ينزِل مِن السّماء و مَا يعرج فيها و هُو الرّحيم الغفور، و الصّلاة و السّلام على سيِّد الخلق أجمعين، الرّسول النّبيّ الأمّيّ مُحمّد بن عبد الله، و على آله الأطياب، و صحبه الأخيار، و على مَن كَان على دَرْبِهم عقيدةً و مَنهجًا و سُلوكًا، إلى يوم الدِّين. و بعد : إنّ مبعث السّعادة و السُّرور و الغِبطة حقًّا أنّنا حِين مَا نُناظر و نتأمّل و نتكشّف الحياة الدِّينيّة بِمِنطقة الجلفة الكبيرة، الّتي تقطنها و تعمرها قبائل مُختلفة المنسل و المشرب و المنزع[1] و مُمتزجة في مَا بعضها، و مُتناغمة في مَا بينها، جمعها الإسلام و اللِّسان العربيّ، في عهد المُستدمر الفرنسيّ الغاشم الحقير، نجدها قائمةً مُثمرةً مُنتجةً بِشكلٍ مُميّزٍ، رغم الحرب الّتي أعلنتها عليها، و رغم العراقيل و العواثير الّتي وضعتها، و المُضايقات و المُكدِّرات و المُنغِّصات الّتي تختلقها و لا تزال السُّلطات الاستعماريّة، في ذلك الحِين. و مِن آيات ذلك نشأة المساجد و المُصلّيات و الرّباطات و الزّوايا و المحاضر و المقارئ و الكتاتيب، على أرضها، و ظُهور الخِزانات الخاصّة لِلكتب و الرّسائل و الوثائق و الرُّقوق و القراطيس و الألواح[2]، و الأُسر و الدِّيار (الدُّور) و البُيوت المُهتمّة لِذلك[3]، بين أفراد سُكّانها المُنشرين في أرجائها المُختلفة، و هي ظواهر باديات و دالّات على مَا استخلصناه، مِن بقاء الحياة الدِّينيّة تسري بين المُجتمع الجِلفيّ (الجلفاويّ)، عبر جميع أحواز مِنطقته الشّاسعة و أعتابها و نُجوعها... و لقد كان و لا يزال المذهب المالكيّ[4]، و هُو أحد المذاهب السُّنّيّة الشّهيرة، المُقلّد بِهاته المِنطقة، و لا جرم في ذلك، فإنّ الغرب الإسلاميّ أغلبه على هذا المذهب، مِن لدن بُروزه و ظُهوره و هيمنته على هاته البلاد الإسلاميّة الكبيرة، و على جميع كُورها، بِفعل سلاطين الدُّول الّتي تداولت (توالت) في الحُكم عليها و إلى يوم النّاس هذا[5]. و كانت الطّريقتان الرّحمانيّة (الخلّوتيّة)[6]و القادريّة[7] المُعتبرتان في السُّلوك الصُّوفيّ لدى آهلة المِنطقة هُما السّائدتين فيها بِنسبة عالية، و لهما أتباعٌ و مُريدون كثيرون، ثمّ مِن بعدها بِواسعٍ التِّجانيّة (التِّيجانيّة)[8]و الدّرقاويّة[9]و الشّاذليّة[10]، و لهنّ نزرٌ قليلٌ جِدًّا مِن المُعتنقين، هذا في العُقود الأولى، مِن وُجود المُستدمر الفرنسيّ العاتي، على بِقاعنا الجلفيّة (الجلفاويّة)... و إنّ المسوح الدِّينيّ الّذي كان موجودًا بِربعنا الجلفاويّ المُمتدّ شمالاً و جنوبًا و شرقًا و غربًا، كان حقيقيًّا غير مُزيّفٍ، يُخالطه الحياء و الخجل، و تَلفُّه العِفّة في القول و العمل، رغم مَا شابه مِن سوءات و عِللٍ و مزالق، تمثّلت في رذاذ الشّرك و الخُرافات و البِدع و الشّوائب، عن هوًى و تعصّبٍ و جهلٍ، و بِفعل المُبطلين و المُرجفين و الحاشرين و الخانعين و المُتردِّدين و المُزيّفين و الطُّرقيين، و مَنْ كان على ركبهم... و بِترويجٍ و دعمٍ مِن اللُّوبي الفرنسيّ الحاقد، و لا تزال عقابيل هذه الأفعال السّمجة تنخر قِوام و أصالة مُجتمعنا، إلى يوم النّاس هذا... و بِرغم الفاقة و الفقر فقد أُسِّست مساجد و مُصلّيات بِالبلدات و القُرى الّتي كانت ظاهرة فيها (أي مِنطقة الجلفة الواسعة الّتي تتعدّى حُدودها الحُدود الإداريّة المعروفة)، و ترى ذلك مُشاهدًا و مُتمثّلاً في المساجد العتيقة القديمة بِالإدريسيّة (زنينة)، و أولاد جلّال، و البِيرين، و حاسي بحبح، و حدّ الصّحاريّ (السّحاريّ)، و دار الشّيوخ (حوش النّعاس، أو حوش المرابط، أو سبت أولاد العقّون)، و بُوسعادة، و سِيدي خالد، و الشّارف، و عمورة، و عين الإبل، و عين معبد، و عين الملح، و عين وسّارة، و المُجبارة، و مجدّل (امجدّل)، و مِسعد (مِنعم) ذات الرّوض الوضّاء و الدّوحة الغنّاء، و الهامل، و بِغيرها... كما أنّه شُيِّدت على بعض أماكن جهاتها رباطات و زوايا دِينيّة، مِنها الّتي اندثرت و اندرست، و مِنها الّتي مَا تزال موجودة تُصارع و تُطاول لِأجل البقاء... و قد عرفنا أعلامًا قاموا بِذلك و أقاموا عليها سرمدًا، يُواصلون النّهار بِاللّيل، و قد بذلوا جهدهم و مَا يملكون، بُغية إنجاح مَا شرعوه و أراده لِأوّل مرّة، و قد نجحوا بِكلّ المعايير و المقاييس المُعتبرة و المُتّبعة، في هذا الشّأن.. مِنهم مثلاً لا حصرًا (على التّرتيب الألفبائيّ حسب ألقابهم) : اخذاريّ مُحاد السّعيد، و بشيريّ عبد الرّحيم، و بُصْري بلقاسم، و بُوبكراوي مُوسى، و بلعدل يادم، و بيض القُول عطية، و بيض القُول لخضر، و بن التُّونسي السّعدي، و جرو لزهاريّ، و حاشي المصفى، و حاشي معمّر، و حرفوش بن حمزة، و حسنيّ المُختار، و الحفناويّ مُحمّد، و حمرورش أحمد، و خليفة المُختار، و الخنقيّ عاشور، و الدِّيسيّ مُحمّد، و بن دنيدينة عليّ، و رابحي بربيح، و رحمانيّ مُحاد، و رحمون لخضر، و الرّفيس مُحمّد، و بُوزيديّ مُحمّد، و زيزن بلقاسم، و السّالميّ السّلاميّ، و سعيد العلميّ، و بن سليمان بلقاسم، و شرشاريّ أحمد، و بن الشّيخ الصّادق، و شيهب عليّ، و صادقيّ أحمد الصّغير، و طالبيّ السّعيد، و طاهريّ عبد القادر، و طعيبة بلخير، و طهيريّ عبد الرّحمان، و بُوعبدليّ عبد القادر، و بن عطالله مُحاد، و بن عطية بن محمّد (فتحًا)، و عمّاريّ عمر، و فرح عليّ، و قاسم عطية، و القاسميّ بن عزّوز، و قرميط الشّيخ بن محمود، و قُوريدة أحمد، و بن قويدر بُوبكر، و قويدري المصفى، و القيزي عبد الحفيظ، و مبخوتة البداويّ، و محفوظيّ بُولرباح، و مُختاريّ المُختار، و مرباح مُحمّد، و بن مرزوق مُحمّد، و مسروقيّ بُوبكر، و مسعوديّ عطيّة، و بن مشيه بلقاسم، و بن مُعطار أحمد، و النّعّاس عبد الرّحمان، و الهامليّ مُحمّد، وحشي بُوبكر، و غيرهم كثيرون... و إنّ كان لنا مضربُ مثلٍ على مَا أوردناه، فإنّنا نجلب إلى هذا الموضع تعليلاً و تدليلاً.. أخبار زاويتي اللّفيعة و الجلّاليّة مثلاً لا حصرًا[11] اللّتين كانتا تُحفِّظان القُرآن، و تُحلِّيانه بِالمعارف الشّرعيّة و اللُّغويّة و الأدبيّة، و تُوفِّران لِلطّلبة و لِلواردين عليها المأكل و المشرب و المبيت، و تُكرمان الضُّيوف و الوافدين إليها، رغم شظف العيش و ندرة الأقوات، و رغم مَا نزل بِحال القُطر الجزائريّ، بعد حُلول المُستدمر الفرنسيّ الغاصب بِأرضه الطّيّبة، الأُولى افتتاحها كان سنة 1839 م، على يد الشّيخ بن مشيه بلقاسم الصّدّيقيّ القوينيّ النّايليّ (ت 1880 م)، و الثّانية كان سنة 1870 م، على يد الشّيخ بيض القول (الغول) عطيّة بن أحمد بن عطيّة العثمانيّ القوينيّ النّايليّ (ت 1917 م). و قد بلغ أعداد الطّلبة بها، في أوجّ عطائهما، الأُولى مَا يُقارب 300 طالبًا، و الثّانية 700 طالبًا. و الأُولى مِنهما تحديدًا قصدها شيوخٌ مغاربة أَقَرَأُوا[12]و درّسوا بها، على غِرار الشّيخ سي عبد الملك، الّذي دام بقاؤه بِها (أي زاوية لَمْشَاه) مُقرِئًا و مُدرِّسًا و مُفتيًا، مُدّة أربعة عشر، أو خمسة عشر عامًا، و ذلك قبل سنة 1920 م، و يكون مجِيئه إليها في بِداية القرن العشرين الميلاديّ، رُبّما في أثناء سنة 1905 م، أو قَبلها بقليلٍ، مِن خِلال أحد الطّريقين، أو الخطّين المعروفين اللّذين استعملهما المُتنقِّلون المغاربة إلى الشّرق[13]. و قد كان صاحب صوتٍ جَهْوَريٍّ رخيمٍ، و قد يكون أيضًا غيره مِن أهل العلم المغاربة، على سبيل الشّيخ مُولاي عبد الله المغربيّ الأصل، الّذي وفد على مدينة حاسي بحبح موئل أولاد سي محمّد (فتحًا)، مِن نسل أولاد سِيدي نايل الإدريسيين الحَسنيين الأشراف، قبل سنة 1920 م، و كانت وفاته بِبلدة دار الشّيوخ، في نِهاية السّتِّينيات، مِن القرن المِيلاديّ المُنخرم، و الشّيخ عبد القادر القبّاج الفاسيّ المغربيّ الرّجلٌ الصُّوفيٌّ، الّذي تُوفّي في نِهاية السّتِّينيات، أو بِداية السّبعينيات مِن القرن المُنصرم. و لقد كان لِلمغاربة الرّحّالة المارِّين بِهاته المِنطقة[14]تأثيرات علميّة و ثقافيّة، و حتّى عمليّة على ساكنتها، لاسِيما مِن قِبل أهل العلم و المعرفة و الصّنعة فيهم، و تجلّى ذلك في بعض الصُّور و النّماذج الّتي يعسر جمعها في هذا الحِين... و الحديث في سرد أخبار هاتين الزّاويتين، في أثناء الفترة الاستعماريّة، يطول و يتشعّب، و مَا ذكرناه يفي بِالغرض المطلوب، و قد كُنّا قد أوردنا في الماضي حديثًا مُفصّلاً بعض الشّيء، عن الأُولى مِنهما، مِن خِلال جريدتنا الجلفة إنفو الإلكترونيّة[15]، و إنّنا حِين مَا نتحدّث عن التّعليم العتيق (التّعليم الشّرعيّ)، في مِنطقتنا، إبّان الحقبة المُمتدّة مَا بين 1850 م، و 1950 م تقريبًا نتمثّل حقيقة قول الشّاعر : رأيت بِها مَا يملأ العين قُرّة... و يُسلّي عن الأوطان كُلّ غريب و في كلامٍ مُتّصلٍ جدًّا نقول أنّ الرِّواية الشّفويّة[16] كان لها حُضورٌ و مشهدٌ بِهاته المِنطقة، فقد كانت سادرةً و فاشيةً بين مُنتسبي العُلوم الدِّينيّة الرّائجة، في ذلك الوقت، و لا جرم في ذلك، فإنّ كُلّ عُلوم الإسلام المعروفة، و كُلّ فُنون اللِّسان العربيّ، مُتونًا و أغراضًا و أنواعًا، و شرحًا و تحشية و تقريرًا، مِن لدن ظُهورها و استقرارها، و لِطيلة أكثر مِن سبعة (07) قُرونٍ مُتتالية خلت الأُولى، تمّ تناقلها و تسامعها بِالسّند و بِالرِّواية الشّفويّة، و قد اجتمعت في ذلك المجالس و انعقدت الأمالي، و هذا مِمّا تميّزت بِه أُمّتنا عن باقي الأمم الغابرة و الحاضرة، و قد تلقّت و تناقلت القُرآن العظيم كِتاب ربِّها العزيز بينها شفويًّا، قُرابة أربعة عشر (14) قرنًا، و نصف قرنٍ، و لا تزال... و قد رأينا و اكتشفنا الأسانيد المُستعملة في نقل بعض العُلوم الشّرعيّة، على غِرار عُلوم القُرآن و التّفسير و الفقه و الفرائض...، و في نقل وظائف و أوراد و أحزاب الطُّرق الصُّوفية الرّحمانيّة و القادريّة الموجودة بِكثرة، على مَا فيها مِن علّات، و كذا الشّاذليّة و التِّجانيّة (التِّيجانيّة)، و هُما قليلتا الأتباع و المُريدين و الأنصار بِجِهتنا... و أنّ مُعظم أسانيد الفقه و السُّلوك بِمِمنطقة الجلفة تدور رحاها و تمرّ بِالشّيخ مسعوديّ عطيّة بن مُصطفى الدّنيديّ البُوعبدليّ النّايليّ (ت 1989 م)، هاته الشّخصيّة المعروفة المحوريّة في هذا الشّأن.. عن شيخه طاهريّ مُصطفى (ت 1967 م)، عن شيخه بيض القُول (الغُول) عطيّة صاحب الجلّاليّة (ت 1917 م)، عن شيخه الهامليّ مُحمّد بن أبي القاسم، المعروف بِجهتنا بِالشّيخ محاد بلقاسم (ت 1897 م)، عن الشّيخ الحدّاد مُحمّد، المعروف بِابن الحدّاد، أو بلحدّاد (ت 1873 م). عن تلامذة[17]الشّيخ القجطوليّ (القشطوليّ) مُحمّد بن عبد الرّحمان (ت 1793 ه، أو 1794 م)، مُؤسِّس الطّريقة نفسه... و مِن فريضة القول في هذا السِّياق الّذي نحن فيه، أن لا نغفل مَا قدّمته جمعيّة العُلماء الجزائريين السّلفيّة الإصلاحيّة، مِن طريق مدرسة الإخلاص، و مَا أدراك مَا مدرسة الإخلاص، الّتي مرّ عليها حينٌ مِن الدّهر، مِن لدن تأسيسها و ظُهورها، و إلى غاية فِترة السّتِّينيات، الّتي تلت تاريخ الاستقلال (1962 م)، كانت فيه شيئًا مذكورًا.. فقد علّمت و درّست و أرشدت و وجّهت، وِفق التّعليم الأصيل، و تخرّج بِها قومٌ لا يُحصون، و بذلك تُعدّ بِحقٍّ صفحة ناصعة في تاريخ الحياة الدِّينيّة بِمِنطقتنا (الجلفة)، مُنذ بِداية الثّلاثينيات مِن القرن المُنقطع، و إلى قيام ثورة التّحرير المُباركة (1954 م 1962 م)، و كان مِن أبرز رِجالاتها (على التّرتيب الألفبائيّ) : الرّايس مُحمّد، و شونان مُحمّد، و الشّيخ عبد القادر، المعروف بِعبد القادر المِسعديّ، و هُو مِن أفضل أهل العِلم الّذين أنجبتهم مِنطقة الجلفة في وقته و لا نُغالي و كاس مُحمّد، و غيرهم نجعٌ آخرون. ثُمّ إنّ نِسبة أكثر مِن سبعين (70) بِالمِئة مِن فُضلاء الجلفة الّذين ترجمناهم في كِتابنا المُسمّى " مِن فُضلاء مِنطقة الجلفة مِن 1861 م إلى مطلع القرن الحادي و العشرين "، و قد بَلغنا فيه في طبعته الرّابعة (04)[18] مِئة و سبعة و أربعين (147) فاضلاً منشرين عبر اتّجاهات بِقاع مِنطقة الجلفة، أدركوا و عاصروا الحِقبة الاستعماريّة، و قدّموا فيها بِما استطاعوا و قدروا عليه خيرًا كثيرًا، هذا بِالإضافة إلى الأعداد الكبيرة مِن حُفّاظ القُرآن و مُدرِّسيه في تلك الفترة العصيبة، الّذين كانوا موجودين في أغلب الأماكن الأهليّة و المجامع السُّكّانيّة، الواقعة على أرض المِنطقة (الجلفة) وقتئذٍ، و قد تعرّضنا بِالقول إلى مَنْ جايلوا الثّورة التّحريريّة المُباركة (1954 م / 1962 م) بِمدينة الجلفة تحديدًا[19]، و هذا كُلّه يُثبت مِمّا لا مجال فيه لِلرّيب، أنّ هذه المِنطقة العربيّة العزيزة دِينًا و لِسانًا، كان التّعليم الإسلاميّ قائمًا بِها، لاسِيما مَا يتعلّق مِنه بِجانب تحفيظ كتاب الله العزيز، و تعليم نُطق و قواعد و كِتابة لُغته العربيّة العظيمة، و ظلّ ذلك بِها لِدُهورٍ، و اشتدّ كثافة عِندما دَاسَ أرضَها الطّاهرة المُستدمرُ الفِرنسيّ الغاشم، و ظلّ يُطاول و يُغالب، يفترُ حِينًا، و يَسْبَطَرُّ أحيانًا، إلى بُزوغ فجر الاستقلال، و قد خالط بشاشته شيءٌ مِن المحاذير و المُحدثات، و لصق بِه كثيرٌ مِن الرّذاذ، و اعترته عقابيل و آثارٌ، و مِمّا اشتهر في ذلك الحِين على ألسنة الجلفاويين (الجلفيين) قولهم : " القُرآنُ شُرفيٌّ، و خليلٌ [20] دلماجيٌّ ".. و شُرفيٌّ نِسبة إلى الشُّرفة البوازيد[21]، و دلماجيٌّ نِسبة إلى الدّلامجيّة مِن رفقة (فرقة) أولاد شيبوط، مِن عرش أولاد سي محمّد (فتحًا)، و هُو أحد البُطون الكُبرى لِأولاد سِيدي نايل الأشراف الحَسنيين... و قد عَددنا عدًّا نِسبيًّا غير دقيقٍ البتّة المساجد العتيقة القديمة الّتي كانت قائمة و دائمة العمل و الحُضور[22]، في عهد الاستعمار الفِرنسيّ، بين الآهلة و السّاكنة الجلفاويّة (الجلفيّة)، عَبر البلدات و القُرى الّتي كانت ظاهرة وقتئذٍ في رُبوع مِنطقتنا، فوجدناها أكثر مِن أربعين (40) مسجدًا، مُقسّمة على النّحو الآتي (حسب التّرتيب الألفبائيّ) : الإدريسيّة (02)، و أولاد جلّال (03)، و البِيرين (02)، و الجلفة (05)، و حاسي بحبح (02)، و حدّ الصّحاريّ (02)، و دار الشّيوخ (02)، و بُوسعادة (03)، و سِيدي خالد (03)، و الشّارف (02)، و عُمورة (01)، و عين الإبل (02)، و عين معبد (01)، و عين الملح (01)، و عين وسّارة (02)، و فيض البُطمة (01)، و المُجبارة (02)، و مجدّل (02)، و مِسعد (04)، و الهامل (01)، و غيرها. و أمّا الزّوايا الّتي كانت موجودة في ذلك العهد، أي عهد الاستدمار الفرنسيّ، و في رُبوع نفس المِنطقة، فقد وجدناه قد بلغت نحوًا مِن خمسة و عِشرين (25) زاوية عِلميّة، تأسّست كُلّها و رأت النُّور، في تلك الفِترة الصّعبة العويصة الّتي مرّت بِها كُلّ البِلاد الجزائريّة الحبيبة، مِنها اثنان أو ثلاثة ظهرت أصلاً قبل حُلول فِرنسا بِأرضنا بِمُدّة[23]. و أمّا المقارئ و الكتاتيب فقد تجاوزت في مَا نعلم حدّ السّتِّين (60)، في ذلك الحِين... أمّا الحياة الأدبيّة بِالمِنطقة المُومى إليها غير مَا مرّة، فقد كانت نشطة نِسبيًّا، تجلّى بعض ذلك في نظم الأشعار و القصائد و الأمداح و الأنظام بِالفصيح و بِالملحون[24]، ذات المُناسبات و غير المُناسبات، و في المُراسلات الّتي بقي بعضها، و في الحِكم و الأمثال و الطّرائف و المُلح و الشّرائد، الّتي تناقلها النّاس مُشافهةً بينهم، منِ زمنٍ إلى آخر، و مِن جِهة إلى أُخرى في ذات المِنطقة، و قد تجلّى ذلك في القصائد الشّهيرة و المُنتشرة على ألسنة المُجتمع الجلفيّ (لجلفاويّ)، و في قولنا قالت العرب، و حديث العرب ياسر (أي كثير)، و حديث العرب حِكمة، و هكذا..... و نودّ في الأخير أن نُشير إلى نقاطٍ مُهمّة، و هُي أنّ كثيرًا مِن الباحثين و المُهتمِّين لِلشّأن الجلفاويّ (الجلفيّ) يرون أنّ تاريخ مِنطقة الجلفة، لا يكون إلّا مِن خِلال الكِتابات و الوثائق الفِرنسيّة. و أنّ آخرين اختصروا تاريخ مِنطقة الجلفة في بلونيس، و في حركته الخائنة. و أنّ مِنهم مَنْ حصره في تاريخ والده، أو في تاريخ جدّه، أو في تاريخ عرشه فقط. و أنّ مِنهم مَنْ ألغى العمل بِالرِّواية الشّفويّة بِالكُلّيّة، و قد أشرنا إلى ذلك آنفًا و بيّناه. و أنّ البعض مِن كُتّاب التّاريخ يرون أنّ مِنطقة الجلفة كُلّها هِلاليّة، و أنّه لا وُجود لِلأدارسة و لا لِلبربر[25] فِيها بِالمُطلق، و يقولون بِمُطلق اللِّسان أنّ مَنْ ينسب نفسه مِن أهلها (أي أهل مِنطقة الجلفة) إلى العترة الشّريفة، فهو كاذبٌ، و أنّ نسب أولاد سِيدي نايل مجهولٌ، لا يصحّ و لا يثبت، و الأَوْلَى تركه.. فنقول هذه المقالات كُلّها في نظرنا خطأ يجب الإقلاع عنه، فمِنطقة الجلفة موجودة مُنذ الأزل، لها تاريخٌ و لها امتدادٌ و وُغولٌ، مع وُجود البشريّة على أرضها، و لها حُضُورٌ في تعاقب حُكم دُول الإسلام عليها، مُنذ الفتح و احتكام أرض المغرب الأوسط إلى هذا الدِّين العظيم الخاتم، و حتّى دُخول العُثمانيين (الأتراك) إليها، و لها رِباطٌ و تصدٍّ و مُدافعة ضِدّ فِرنسا العاتية الغاشمة، و الخائن بلونيس و حركته، لا يُمثِّلونها، و لا يمتّون لها بِصلة، و لها أعلامٌ و أفاضل و رِجالات أنجبتهم، لا يُحصيهم عددٌ، و قد غدت بِفضل الله مَوئلِاً صَالحًا و كريمًا، يجمع بين الأدارسة الأشراف، و بين عرب هِلال بن عامر، و سُليم بن منصور، و بين المَواركة و المغاربة، و بين سُكّانها الأصليين، مِن البربر. و نقول أيضًا أنّ نَسب جدّ أولاد سِيدي نايل، المُسمّى مُحمّد بن عبد الله الخُرشفيّ، و المُلقّب بِنايل، معلومٌ و صحيحٌ و ثابتٌ، فهو إِدريسيٌّ حَسَنيٌّ شريفٌ، ينتهي إلى الدّوحة النّبويّة العطرة، بِلا مِراءٍ و لا جِدالٍ، و قد حقّقه أهل الاختصاص، و لا حاجة إلى تفصيل القول في ذلك[26]، و النّاس مُؤتمنون في أنسابهم..... هذا مَا قرأناه في لوحة التّرائي الّتي أقمناها لِلتّطرّق إلى الحياة الدِّينيّة بِمِنطقة الجلفة في عهد الاستعمار الفِرنسيّ، و الحديث عنها بِشيءٍ مِن التّوضيح بُلْطةً، و مَنْ رأى غير مَا أوردناه في هاته المقالة، فذلك حسبه و مدركه من العِلم. قال الشّاعر : و إذا خَفِيتُ على الغَبيّ فَعَاذِرٌ... أنْ لا تَراني مُقْلَةٌ عَمْيَاءُ[27] و إن كان على أدبٍ و علمٍ و بيّنة و حُجّة مِن عِنده، فنقول له نحن تحت تصرّفك و خِدمتك، و جلّ مَنْ لَا يُخطِئ. قال الشّاعر : و إن كان خرق فادّركه بِفضلة... مِن الحلم و ليصلحه مَن جاد مِقْولا و الحمد لله الّذي تتمّ به الصّالحات، و الصّلاة و السّلام على سيِّدنا مُحمّدٍ، و على آله و صحبه الّذين سبقونا بجميع الكمالات. هوامش [1] مِن عرب الحِجاز مِن وَلَدِ عدنان (أدارسة و هِلاليين)، و مِن البربر، و مِن بقايا المَوَاركة و المغاربة ، و رُبّما مِن بني سُليم، و هُم أيضًا مِن عرب الحِجاز كما لا يخفى. و الله أعلى و أعلم. [2] لقد قامت فِرنسا المارقة بِنهبها و حرقها و إتلافها، ضِمن مشروعها المُدمِّر الخائب الّذي تولّى عليها بِفضل الله بِالحسرة و الخسارة جزاءً وِفاقًا، و لا يزال أمر الله قائمًا على الّذين يُفسدون في الأرض و لا يُصلحون. و الله أعلى و أعلم. [3] لقد عرف المغرب العربيّ الكبير، مُنذ القُرون الإسلاميّة الّتي مرّت عليه، ظاهرة نشأة و تأسّس الأُسر و الدُّور المُهتمّة بِالثّقافة الإسلاميّة عامّة، و بِجميع لوازمها و تبعاتها، و قد لاحظنا ذلك بِشكلٍ لافتٍ، بِتُونس و المغرب الأقصى، و لا يزال بعضها قائمًا إلى يوم النّاس هذا.. فَمِن الدِّيار التُّونسيّة مثلاً لا تقيّدًا الّتي لا زال يُحافظ عليها مِن قِبل القائمين عليها، مِن لَدُن خمسة (05) قُرون خلت (حسب التّرتيب الألفبائيّ بينها) : دار أمينة، و دار التّاجّ، و دار جُعيّط، و دار الجلُّوليّ، و دار حيدر، و دار ابن الخُوجة، و دار السّعادة، و دار سعيد (اسْعِيد)، و دار ابن أبي الضّياف، و دار ابن عاشور، و دار ابن أبي العتور، و دار العطّارين، و دار النّخليّ، و دار النّيفر، و..... و الّذي ساعد التُّونسيين على هذه المُحافظة، و على هذا الاهتمام، و على هذا البُروق، عدّةُ أُمور، مِن أبرزها كثرة مراكز الإشعاع الدِّينيّ بِأرضهم، كالزّيتونة مثلاً، و مَا أدراك مَا الزّيتونة، هذا مِن جِهة. و مِن جِهة أُخرى وُقوعهم، مُنذ الفتح الإسلاميّ الأوّل الّذي عرفه الشّمال الأفريقيّ، تحت حُكم الأُمراء، ثُمّ حُكم الأغالبة، ثمّ... ثُمّ حُكم الحَفصيين الّذين كان لهم امتدادٌ إلى أكثر الشّرق الجزائريّ، و مِنه حاضرتا عنّابة و قسنطينة، و حتّى تُخوم أشير و قلعة بني حمّاد، ثُمّ حُكم المُراديين، و تحت حِماية آل عُثمان (الأتراك)، ثُمّ حُكم الحُسينيين، و تحت حِماية آل عُثمان، و مِن بعدهم الفِرنسيين، و كان الحُسينيون هُم آخر مَنْ حكم القُطر التُّونسيّ، قبل قِيام الجمهوريّة التُّونسيّة الحَديثة، و كُلّ هؤلاء الّذين توالوا على حُكم التُّونسيين، كانت لهم عِناية بِالمعارف الإسلاميّة، و بِالثّقافة العربيّة، و بِغيرها، و قدّموا أعمالاً جليلة في الكِتابة و التّدوين و الجمع و التّوثيق و النّشر، و في تأسيس المساجد و الرُّبط و المدارس القُرآنيّة، و في افتتاح الدُّور و الخزائن و المكتبات العامّة، و في تشجيع المكتبات الخاصّة، و في تسجيل المخطوطات و الرُّقوق و الرّسائل و القراطيس و الوثائق، و الحال شبيهة بِحال المغرب الأوسط (العُدوة) أيضًا، الّذي تداول على مُلك قُطره عدّة دُول إسلاميّة، على غِرار الإدريسيّة و المُرابطيّة و المُوحِّديّة و المرينيّة و الوطّاسيّة، و كذا السّعديّة الّتي اتّسع حُكمها، حتّى شمل قِطاعًا لا بأس بِه، مِن تُراب الجنوب الغربيّ الجزائريّ، فوقعت الإيجليّ و التّاغيت و التّنكوب و التّوات و التّيوط و السّاورة و العبادلة و القنادسة تحت وِصايتها، و كان السّعديّون هُم مِن أفضل مَنْ حكم المغرب، و كان لهم اشتغالٌ بِالعلم و بِالثّقافة، و بِالحرف و بِالصّنائع و بِالفُنون، و قد ازدهر المغرب في وقتهم ازدهارًا كبيرًا. و الله أعلى و أعلم. [4] نِسبة إلى الإمِام العَلَم المُجتهِد المُطلق مالك بن أنس الأصبحيّ المدنيّ (93 ه / 712 م 179 ه / 795 م). و الله أعلى و أعلم. [5] هذا ليس دعوةً مِنّا إلى التّقليد الأعمى المُجانِب و المُجانِف لِلصّواب (الدّليل)، و لا إلى التّعصّب المقيت، و إلى التّحزّب المُفرِّق المذموم أبدًا أبدًا أبدًا. إنّما هُو وصفُ حالٍ، لا أكثر و لا أقلّ، و دعوتنا هي الرّجوع إلى الأدلّة المعصومة، و إلى مَا كان عليه سلف هذه الأمّة في القُرون الثّلاثة الأولى، المشهود لها بِالخيريّة. و الله أعلى و أعلم. [6] نِسبة إلى الشّيخ أبي عبد الله مُحمّد أو مَحمّد (بِالفتح) بن أحمد بن يُوسف بن أبي القاسم الشّريف القشطوليّ، أو القجطوليّ الجرجريّ الزّواويّ الأزهريّ الجزائريّ، المعروف بِمُحمّد بن عبد الرّحمان، أو بِبوقَبْرَين (ت 1208 ه / 1793 م أو 1794 م). و الله أعلى و أعلم. [7] نِسبة إلى الشّيخ أبي مُحمّد مُحيي الدِّين عبد القادر بن مُوسى بن عبد الله بن جنكيّ دوست الحَسَنيّ الجيلانيّ، أو الجيليّ، أو الكيلانيّ الطّبرستانيّ، ثمّ البغداديّ العِراقيّ (ت 561 ه / 1166 م). و الله أعلى و أعلم. [8] نِسبة إلى الشّيخ أبي العبّاس أحمد بن مُحمّد بن المُختار بن أحمد الشّريف التِّجانيّ أو التِّيجانيّ، الأغواطيّ الجزائريّ، ثمّ الفاسيّ المغربيّ (1230 ه / 1815 م). طريقته عليها الكثير من النّقد مِن قِبل العُلماء الأثبات، و كان ينهى عن شدّ الرِّحال إلى زِيارة قُبور الصّالحين و التّبرّك بِها. و الله أعلى و أعلم. [9] نِسبة في ما أعلم إلى الشّيخ أبي عبد الله مُحمّد العربيّ بن مُحمّد الحَسَنيّ الدّرقاويّ المغربيّ المُتوفّى 1239 ه / 1823 م. و جُلّ تفاصيلها و أدبياتها مأخوذة من الطّريقة الشّاذليّة المعروفة. و الله أعلى و أعلم. [10] نِسبة إلى الشّيخ أبي الحسن عليّ بن عبد الله الغماريّ المغربيّ أصلاً و نشأةً، الشّاذليّ التّونسيّ تفقّهًا و تصوّفًا، الإسكندريّ المِصريّ مَسكنًا و وفاةً، ينتسب إلى أدارسة المغرب، و كان بصيرًا (ضريرًا). تُوفّي في طريقه إلى الحجّ سنة 656 ه / 1258 م. و ضبط كلمة الشّاذليّ إمّا بِجرّ (كسر، أو خفض) الذّال، و هُو المشهور. و إمّا بِضمّها، و نِسبتها تعود إلى بلدة شاذلة القريبة مِنْ مدينة تُونس عاصمة القُطر التُّونسيّ. و الله أعلى و أعلم. [11] هُناك زوايا كثيرة بِمِنطقة الجلفة كانت ناهضة بِالتّعليم الشّرعيّ تلقينًا و إملاءً و إقراءً و شرحًا و تدريسًا، لكنّنا اقتصرنا الحديث عن هاتين الزّاويتين، ليس تعمّدًا مِنّا و لا إقصاءً. يُنظر مقالنا " الزّوايا الجلفاويّة (الجلفيّة)... النّشأة و التّاريخ "، المنشور عبر الجلفة إنفو (أنفو)، بِتاريخ 17 مارس 2016 م. و الله أعلى و أعلم. [12] و يصحّ كتابتها : أَقَرَؤُوا، على اعتبار أنّ الهمزة الموجودة فيها هي همزة مُتوسِّطة، فيُطبّق عليها قانون الهمزة المُتوسِّطة.. و هُو قانون الحركة الأقوى , و الهمزة مضمومة فلابدّ أن تُكتب على الواو. أمّا إذا كانت هذه الهمزة الموجودة فيها، في الأصل مُتطرّفة، فيُطبّق عليها قانون الحركة المُتطرّفة، فتكتب على الألف، على أساس أنّ ما قبلها مفتوحٌ، و هُو ما أثبتناه في المتن. و الله أعلى و أعلم. [13] يُنظر مقالنا " طُرق المغاربة المُتنقِّلين إلى المشرق العربيّ عبر ولاية الجلفة "، المنشور في الجلفة إنفو (أنفو)، بِتاريخ 19 / 07 / 2016 م. و الله أعلى و أعلم. [14] يُنظر مقالنا " طُرق المغاربة المُتنقّلين إلى الشّرق بِولاية الجلفة "، الّذي نُشِر في جريدة الجلفة إنفو (أنفو)، بِتاريخ 19 جويلية 2016 م. و الله أعلى و أعلم. [15] يُنظر مقالنا " زاوية اللّفيعة بزاقز الشّرقي تستأنف طريقتها الأُولى"، الّذي نُشِر في جريدة الجلفة إنفو (أنفو)، بِتاريخ 12 جويلية 2017 م. و مقالنا " جلسةٌ مع أحد حفدة الشّيخ بن مشيه بلقاسم.. القائم الحالي على زاوية اللّفيعة " الّذي نُشِر في جريدة الجلفة إنفو (أنفو)، بِتاريخ 28 نُوفمبر 2017 م. و الله أعلى و أعلم. [16] يخرج علينا في هذا الزّمن الّذي كثر مُرجفوه و وضّاعوه و سَطْحِيُوه، مَنْ يرفض الرِّواية الشّفويّة جُملةً و تفصيلاً، و أكثرهم مِن أصحاب الشّهادات العُليا كالماستر و الماجستير و الدُّكتوراه المزعومة، الّذين انطوت أنفسهم على الخواء و الخلاء و الفراغ و الهواء. و لا حول و لا قُوّة إلّا بِالله العليّ العظيم، و قد رَددنا عليهم في حِينه، و في موضعه. و القُرآن حَكى بِرواية الآحاد في القَصَص، و هي مِن صميم الرٍّواية الشّفويّة كما لا يخفى على العارفين.. و جاء رجلٌ مِن أقصى المدينة يسعى قال يا مُوسى إنّ الملأ يأتمرون بِك لِيقتلوك فاخرج إنِّي لك مِن النّاصحين. القصص / 20. و جاء مِن أقصى المدينة رجلٌ يسعى قال يا قوم اتّبعوا المُرسلين. يس / 20. و قال رجلٌ مُؤمِنٌ مِن آل فرعون يكتم إِيمانه أتقتلون رجلاً أن يقول ربِّي الله و قد جاءكم بِالبيّنات مِن ربِّكم و إن يّك كاذبًا فعليه كذبه و إن يّك صادقًا يُصِبْكم بعض الّذي يعدكم إنّ الله لا يهدي مَنْ هُو مُسرفٌ كذّابٌ. غافر / 28. و على ذلك جاءت السُّنّة الشّريفة المُطهّرة، و وِفق ذلك عمل كِبار الصّحابة (رضي الله عنهم جميعًا).. فقد أعطى أبو بكر الصّدِّيق (رضي الله عنه و أرضاه) الجدّة السُّدس، و قَبِلَ خبر المُغيرة بن شُعبة (رضي الله عنه)، كما روى ذلك أبو داود و غيره، بعد مَا تثبّت بِمُوافقة مُحمّد بن سَلَمة الأنصاريّ (رضي الله عنه) له. و قَبِل عُمر بن الخطّاب (رضي الله عنه) خبر أبي مُوسى الأشعريّ (رضي الله عنه) أنّ النّبيّ (صلّى الله عليه و سلّم) قال إذا استأذن أحدكم ثلاثًا فلم يُؤذن له فليرجع، كما روى ذلك الشّيخان. بعد مَا تثبّت بِمُوافقة أبي سعيدٍ الخدريّ (رضي الله عنه) له، و على هذه الشّاكلة تابع المُسلمون في نقل القُرآن العظيم و الحديث النّبويّ الشّريف و بقيّة العُلوم الإسلاميّة و اللُّغويّة و الأدبيّة بينهم أزمَانًا مُتتالية، بِغير نكيرٍ يُذكر. و الله أعلى و أعلم. [17] أوّلهم الشّيخ عبد القادر بن المُختار التّيفيثيّ، و ثانيهم الشّيخ عليّ بن عيسى، و ثالثهم الشّيخ المهديّ السّكلاويّ. يُنظر مقالنا " تاريخ العُلوم العربيّة الإسلاميّة بِمنطقة الجلفة... و ذِكرٌ لِلإجازات ذات السّند المُحصّلة من طرف أهل العلم و الفضل بِالمنطقة "، الّذي نُشِر في جريدة الجلفة إنفو (أنفو)، بِتاريخ 11 نُوفمبر 2017 م. و الله أعلى و أعلم. [18] لِعام 1439 ه / 2017 م، عَنْ دار الجلفة أنفو لِلنّشر و التّوزيع. و الله أعلى و أعلم. [19] يُنظر مقالنا " مِن تجلِّيات التعليم القُرآني إبّان الثّورة التحريرية 1954 م 1962 م بِمدينة الجلفة "، المنشور عبر الجلفة إنفو، في تاريخ 30 جانفيّ 2018 م. و الله أعلى و أعلم. [20] يُقصد بِخليلٍ هُنا المُختصر الفِقهيّ المشهور، لِلإمام ضياء الدّين خليل بن إسحاق بن مُوسى الجُنديّ المِصريّ , المعروف بِالشّيخ خليل (ت 776 ه)، و هُو أحد المُقرّرات الفقهيّة المُعتبرة، لَدى المذهب المالكيّ، و قد وقعت عليه شروحٌ و حواشٍ و تقريرات عديدة. و الله أعلى و أعلم. [21] نِسبة إلى سِيدي بُوزيد، أو أبي زيد (دفين مدينة أفلو) بن عليّ بن المهديّ بن سفيان بن يسّار بن مُوسى بن عيسى بن مُحمّد بن مُوسى بن سليمان بن مُوسى بن مُحمّد بن عيسى بن إدريس الأصغر بن إدريس الأكبر بن عبد الله الكامل بن الحسن المُثنّى بن سيّدنا الحَسَن السِّبط بن سيّدنا عليّ بن أبي طالب و سيّدتِنا فاطمة الزّهراء بِنت سيّدنا الرّسول النّبيّ مُحمّدٍ (صلّى الله عليه و سلّم. (و الله أعلى و أعلم. [22] عدّنا هذا جاء على مضرب المثل لَا الاستقصاء. و الأمر في نظرنا يحتاج إلى مُراجعة ميدانيّة، و إلى مُعاينة دقيقة، و لعلّ إنفو جلفتنا صاحبة السّبق الإعلاميّ، تقوم بِهذا العمل الجليل في قابل الأيّام. و الله أعلى و أعلم. [23] أوّل زاوية على الإطلاق في مَا نعلم عرفت النّور بمِنطقة الجلفة الكبيرة المُترامية النّظر، هِي زاوية بن عرعار، بزاقز الشّرقي، بِنحو 06 كلم، عبر طريق البرّاكة، سِيدي بايزيد، مِن الجِهة اليُسرى، الّتي تأسّست سنة 1780 م، من طرف الشّيخ بيض القول (الغول) عطيّة الأوّل، العُثمانيّ القوينيّ النّايليّ، و عُرفت في ما بعد بِإسم أحد حفدته، و هو الشّيخ بن عرعار بن البشير بن أحمد بن عطيّة بيض القول المُتوفّى 1954 م، و لا يزال التّعليم بِها موجودًا. يُرجع إلى مقالنا " الزّوايا الجلفاويّة (الجلفيّة)... النّشأة و التّاريخ "، المنشور عبر الجلفة إنفو (أنفو)، بِتاريخ 17 مارس 2016 م. و الله أعلى و أعلم. [24] سُمّي ملحونًا لِلّحن اللّغويّ الّذي أصابه و اعتراه، أو لِموافقته الوزن (الدّرب) الموسيقي الّذي اُستعمل له. و الله أعلى و أعلم. [25] لقد وقع خِلافٌ بين مُحقِّقي التّاريخ و الأنساب المُسلمين، في أُصول البربر (الأمازيغ)، و محلّ خِلافهم في ذلك، انحصر في صنهاجة و البرانس مِنهم تحديدًا، أمّا البقيّة فلا.. فالطّبريّ و ابن الأثير و ابن خلِّكان و ابن الكلبيّ و ابن تغري بردي، و غيرهم، يرون أنّها قبيلة عربيّة من حِمير ؛ فصنهاج هو ابن المُثنّى بن المنصور بن مصباح بن عيصاب بن مالك بن عامر بن حمير الأصغر من سبأ. و يرى آخرون أنّها عربيّة، من قيس عيلان. لكنّ ابن حزم و ابن خلدون و مُعظم المُحْدَثين من أهل التّاريخ يقولون أنّها بربريّة أصلاً و فصلاً. و أكثر النّسّابة على هذا الرّأي ؛ فحقيقة نسب صنهاج هُو ابن برنس بن برّ بن مازيغ بن كنعان بن حامّ بن نُوحٍ. و أمّا كلام الإمام أبي يعلى الزّواويّ في أنّ أصل البربر هُو مِن عرب حِمير القحطانيين، فهو مُقصودٌ مِنه بأصالته و سِياقه بربر الزّواوة ؛ و ذلك حين مَا ذكر عُنوان كتابه مرّتين.. الأُولى بِعنوان : تاريخ الزّواوة، و الثّانية بِعنوان أصل البربر بِزواوة، و هُما نفس الكِتاب صلبَا و متنًا و مضمونًا. و الله أعلى و أعلم. [26] سيكون لنا في قابل الأزمان إن شاء الله ردٌّ مُفصّلٌ على صاحب كُتيّب " المُكوِّن العربيّ الإسلاميّ في الهُويّة الجزائريّة "، الّذي جاء متنه مُشْحنًا بِالأغاليط، و دلّ على أنّ صاحبه ليس له بِضاعة، و لا إحكامٌ لِلصّنعة التّاريخيّة، و ليس له لِسانُ صدقٍ، حتّى يتحدّث بِلسان مِنطقتنا المُترامية النّظر. و الله أعلى و أعلم. [27] قال أحدهم : معنى ذلك ؛ إذا خفي مكاني على الجاهل فلم يعرف قدري و لم يقرّ بفضلي فأنا عاذرٌ له ؛ لِأنّ الجاهل كالأعمى، و المقلة العمياء إن لم ترني كانت في عذر من عماها، كذلك الجاهل. اه. و الله أعلى و أعلم.