بحسب أهواء و آمال عبد العزيز بلخادم فإن حزب جبهة التحرير الوطني أنهى عملية تجديد الهياكل، لكنها نهاية "بتخياط مهلهل" و هياكل حسب المقاس بعيدا عن الجبهة النوفمبرية ، و على عكس باقي التنظيمات و الأحزاب العالمية التي تبدأ تجديد هياكلها من القاعدة وصولا إلى القيادة حتى يظهر تأثير و ميول القاعدة ، نجد جبهة التحرير الوطني تجدد هياكلها بدءا من القيادة وصولا إلى القاعدة، حتى يضمن الأمين العام و حاشيته الإستقرار و يتركون المناضل في مواجهة المؤامرات الخسيسة و في مواجهة سياسة المال و "الشكارة" و رغبات المحافظين و امناء القسمات الذين يحتضنون الأختام و يتشبثون بها معتقدين أن النضال أختام و بطاقات يحتكرونها حتى اصبح الحصول على تأشيرة الفيزا اسهل من الحصول على بطاقة مناضل بالجبهة، و لا يقع اللوم على امثال هؤلاء فقد لقوا دعما رهيبا من الكثير من الاشخاص و الداهية العظمى ان من بين هؤلاء إطارات شعارها "أنا مع الكاشي" أو انا "مع الجلدة"، و في احسن الاحوال و هي سيئة طبعا يلجأ البعض إلى السكوت السلبي و انتهاج سياسة الكرسي المشغور التي فسحت المجال أمام أمثال فلان و فلان و فلان أصبحوا مسيطرين على قاعات الحزب و هياكله و أدخلوا سياسة الشوارعية و بكل وقاحة و بجاحة أضحى هؤلاء من كبار البلاد و أعيانها يقررون مصير بلاد بأكملها، و خير دليل عندنا في ولاية الجلفة المجلس البلدي لمدينة الجلفة و أخواتها. النفور ،الغضب، التذمر، الإستياء هي مصطلحات يتخذها مناضلو الجبهة عنوانا لمسيرتهم النضالية، و اتفق الجميع على أن الحزب مريض في حاجة إلى قرارات تاريخية جريئة تضخ داخله دماء جديدة، و تجعل سياسته أكثر ديناميكة مواكبة للتغيرات التي يفرضها الشعب و مواكبة للحراك الإقليمي. المتتبع لمسيرة الجبهة منذ الإنفتاح على التعددية يدرك فعلا أنها تمتلك قاعدة فقدت القيادة، فقد ظلت قاعدة الحزب عريضة طويلة لكن أركانها اهتزت بفعل قرارات القيادة المتموجة، و نتساءل ما الفرق بين الأفلان الحالي بقيادته و الحزب الحاكم سابقا بمصر الذي أورد دولته و شبعه المهالك، فحتى مسميات المناصب بالمكتب السياسي الحالي مستنسخة من الحزب الحاكم بمصر سابقا، و حتى اسلوب الدعوة التي كان يتبناها الحزب المصري للتوريث و استمرار قبضته على مفاصل الدولة انتقلت عدوتها لحزبنا، رغم الفارق التاريخي الكبير بين الحزبين، فالحزب المصري اسسه رئيس لخدمته و خدمة سياسته ، أما حزبنا فجاء نتيجة لعملية مخاض للحركة الوطنية قبل 1954 و انصهرت فيه كل قوى الشعب السياسية و كانت غايته تحرير الوطن و بناء دولة عصرية .
صراع قيادات دفعت ثمنه القاعدة
رغم أن القيادات المتعاقبة على الحزب منذ ممارسة التعددية حرست على أن تحمي نفسها من غضب القاعدة بانتهاج أسلوب معين في تجديد الهياكل، إلا أنها لم تحم نفسها مما إصطلح عليه بالمؤامرات العلمية التي أطاحت بكل من عبد الحميد المهري-بوعلام بن حمودة-علي بن فليس، و أثبتت هذه القيادات هشاشتها و ضعف ارتباطها بالقاعدة التي لم تحميها بل كانت تسير في التيار المعاكس للتعبير عن غضبها و سرعان ما تكتوي بنار الإقصاء و التهميش بمجرد نجاح الإنقلاب، فأتباع بن حمودة انتقموا من أتباع مهري و أتباع بن فليس انتقموا من أتباع بن حمودة و أتباع الحركة التصحيحية "بلخادم" انتقموا من أتباع بن فليس، و سيأتي الدور على بلخادم إن استمر في نفس النهج، و هو ما حاد بالحزب عن مسيرته التي تأسس من اجلها و بقي يرزح في حرب الإنتقامات الكريهة و حاد عن دربه في قيادة البلاد و التنظير للسياسة العامة و تكوين المناضلين و استقطاب فئات الشعب التي نفرت من الحزب رغم ارتباطها العميق به . و بالعودة إلى رئاسيات 1999 نجد أن الحزب تقدم بثلاثة مرشحين من خيرة أبنائه و من إطاراته المؤثرة في الدولة عبدالعزيز بوتفليقة- مولود حمروش-أحمد طالب الإبراهيمي و لنا أن نقيس قواعد هؤلاء المرشحين و مدى ارتباطها بالأفلان؟؟، و تكرر نفس المشهد في رئاسيات 2004 بين "عبدالعزيز بوتفليقة" و "علي بن فليس"، و لنا حق التساؤل هل المشكل في القاعدة أم في القيادة ؟؟.
تجديد الهياكل.. أعطيني "الكاشي نهربلك الغاشي"
يتساءل المناضلون عبر كافة محافظات الحزب عن سر تكوين لجان مؤقتة تشرف على تنظيم و تأطير الجمعيات العامة الانتخابية؟؟ و في نفس الوقت تشرف على توزيع البطاقات؟؟ و في الوقت ذاته يقوم أعضاء هذه اللجان بالترشح؟؟ فيصبح "اللعاب حميدة و الرشام حميدة"، و يصبح رئيس اللجنة المؤقتة آليا هو أمين القسمة لأنه قام "يتخييط" الجمعية العامة رفقة الأعضاء الموالين له، بعد توزيع البطاقات على حاشيتهم و على أفراد لا علاقة لهم بالحزب يحضرون يوم الإقتراع ثم لكل وجهة هو موليها، في حين يتم إقصاء مناضلين أكفاء و أوفياء للحزب يمتلكون قوة التأثير و التعبئة في صفوف الشعب. فأين مبدا تكافؤ الفرص؟، و لماذا عششت الأساليب القديمة المبنية على إخفاء و تمزيق ملفات المترشحين من قبل بعض المسؤولين المحليين بالحزب؟؟، الجواب الوحيد على هذه الأسئلة يكمن في تصريحات عبد العزيز بلخادم حينما يقول " الإنتخابات القادمة لن تخرج عن فلك الأفلان و سنظل في الحكم إلى غاية 2030 " ما يقنع الرداءة بأن الأفلان حزب الدولة و ما عليك سوى ترتيب نفسك في القوائم الإنتخابية كي تكون في المجالس الإنتخابية، و هنا مكمن الداء إذ يصبح الحزب ساحة للصراع الكريه و يجلب الطالح قبل الصالح و يجلب الطامع قبل النزيه، مما ينتج التراخي و الإتكالية لأننا حزب الدولة و "صوالحنا مقضية"، بعيدا عن الإرتباط الحقيقي بالشعب و إقناع فئاته بالعمل داخل هياكل الحزب و انتهاج حملات انتخابية فارغة من المحتوى لا برنامج فيها . إن إصرارنا على انتهاج خط المعارضة البناءة و الفعالة نابع من قناعتنا ان هذا الحزب لم يسير في نهجه الحقيقي و تم تحويله إلى آلة و أداة للإنتخابات فقط ، فما الضير إن خسرنا مرحلة نرتب فيها البيت و نعيده إلى إديولوجيته النوفمبرية؟ و من بعدها نربح مراحل و نمنح الفرصة لهذا الحزب كي يعيش أطول مدة، و نؤسس لمرحلة تذوب فيها كل حسابات المصالح الذاتية و تتحرر القاعدة من سياسة التقويض التي دفعت بالعديد من الإطارات و الكفاءات بالعزوف عن الإنخراط. إن توجهنا إلى فضاء معارض تقوده وجوه ثورية و إطارات معروفة بولائها للحزب نابع من قناعة العمل و الحفاظ على النشاط النضالي خير من انتهاج الصمت السلبي و انتظار ما سيجود به جناح بلخادم ففاقد الشيء لا يعطيه، فهذا حزب تأسس في الجبال و الأرياف و لم يتأسس على البطاقات و لم يتأسس في الصالونات و القاعات المكيفة، و ما يقوم به بلخادم و جناحه من بهرجة إعلامية و تجمعات هنا و هناك لا يخيفنا و لا يهزنا و سيفصل بيننا الشعب،و إن كان بعض الأمناء العامون السابقون عرفوا بصفات مثل يحياوي المنظر و مساعدية المؤطر و مهري المفكر فبلخادم المدمر و لكم في جيراننا عبرة.