مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (الأحزاب) ولد " لغريسي عبد العالي" ( عبد الغني) سنة 1932 بدوار "شومال" ، بلدية سواحلية دائرة ندرومة بولاية تلمسان ، وسط عائلة ميسورة الحال ، ومعروفة ببساطتها في الحركة الوطنية ، وأتم الطفل "عبد الغني " دراسته الابتدائية بمسقط رأسه ، لينتقل بعدها إلى مدينة تلمسان لدراسة اللغة الفرنسية ، التي مكنته من معرفة وضعية بلاده و ما تعانيه تحت ويل الاستعمار ، وفي هذه الظروف هاجر إلى فرنسا لمواصلة مستواه التعليمي . إثر اندلاع الثورة التحريرية المباركة قرر الشاب " عبد الغني " العودة إلى الوطن و الالتحاق بصفوفها ، وتم ذلك في أكتوبر 1956 بالولاية الخامسة ،و نظرا لما امتاز به من فطنة و ذكاء ،إضافة إلى مستواه الدراسي المعتبر ، فقد تقلد " لغريسي عبد الغني " عدة رتب في وقت قصير حتى أصبح ملازم مسؤول كتيبة، و أرسل إثرها إلى الجنوب " المنطقة الثامنة" ناحية البيض ، أين شارك في عدة معارك و اشتباكات . وفي أواخر صيف 1957 ، وعند عودة الرائد " عمر إدريس" من الحدود المغربية من رحلته التي تزامنت و المؤامرة التي شهدتها الولاية السادسة من طرف الخائن " بلونيس" ، عمدت قيادة الولاية الخامسة إلى إنشاء منطقة العمليات رقم " 09" أسندت قيادتها للرائد " عمر إدريس" بعدما زودوه بكتيبتين أحدهما بقيادة " عبد الغني لغريسي " ومع بداية شهر سبتمبر تحركت الكتيبتين باتجاه الولاية السادسة ، في رحلة شاقة و محفوفة بالمخاطر من جراء ما تشكله جماعات " بلونيس" من جهة ، وقوات الاستعمار المهيمنة على المنطقة من جهة أخرى . فبعد سلسلة من الاشتباكات و المعارك الضارية استطاعت الكتيبتين الوصول إلى المنطقة ، وقد شكلتا قوة ضارية للعدو ، و سندا كبيرا للرائد " عمر إدريس" في مواجهته لقوات العدو و قوات الخائن " بلونيس" معا. شرع الرائد " عمر إدريس" في تنفيذ مخططاته و هجماته ساعده في ذلك الملازم " عبد الغني لغريسي "، وكانت منطقة العمليات رقم " 09 " قد تمركزت بجبال " مناعة" ، وأخذت في التوسع نحو جبال ( بحرارة و حواص و جبال الشارف و الإدريسية ) خاصة بعد إعادة هيكلة الولاية السادسة، فحلت المنطقة الثانية محل منطقة العمليات رقم "09 " ، وأسندت قيادتها للضابط " فرحات الطيب" ، ومع بداية 1959 أصبح الضابط " عبد الغني لغريسي " على رأسها ، فشهدت المنطقة نشاطا مكثفا من العمليات العسكرية ، ونصب الكمائن و الاشتباكات اليومية ، مما اضطر العدو إلى تعزيز قواته بالمنطقة و دخوله في عمليات تمشيط واسعة ، أدت إلى استشهاد واعتقال عدد كبير من المجاهدين ، وكان الضابط الثاني " لغريسي عبد الغني " من بين هؤلاء الشهداء ، إذ داهمته دورية عسكرية بالقرب من " العطشانة" و هو مكان ما بين (حاسي بحبح و الزعفران ) وقد كان في طريقه لزيارة مسؤول الناحية الثانية الملازم " ابن عمران ثامر " الذي كان متواجد بالقرب من الإدريسية – وبعد اشتباك عنيف سقط " عبد الغني لغريسي " شهيدا رفقة ثلاثة من جنوده في 17 جوان 1959 .