بعيدا عن أضواء المدينة، و عن ضجيجها الصاخب وعن أعين المسؤولين وعن المنتخبين والمترشحين الذين وضعوا لافتاتهم الإشهارية لخوض غمار الإنتخابات المحلية القادمة، الذين يعدون المواطن حال فوزهم بأنه سوف ينعم بكل الخير من سكن وعمل قار وعيش رغيد...وبعيدا عن كل الشعارات والحديث المعسول ... وعلى بعد 10 كلم من عاصمة الولاية يجد المرء لافتة مخبأة غريبة وبعيدة عن ضوضاء المدينة بداخل غابة تحاصرها جميع المشاكل...تحمل صورة حزينة ومؤلمة لأم وأبنائها تعيش ظروفا أقل ما يقال عنها أنها كارثية بكل المقاييس... ففي ضل زخم الحملة الإنتخابية... لم يجرؤ أحد من هؤلاء الذين نشطوها مسابقين الزمن بوعود وأماني وأحلام لا حصر لها تعود جميعا حسبهم في خدمة المواطن الجلفاوي... لتعيش هاته الأسرة وحيدة تحجبها الصور التي ملأت شوارع الجلفة ، السيارات، الأشجار...وحتى الأحجار... هنا وفي هذا البيت الذي دمره الإرهابيون في العشرية السوداء و تحت حراسة "كلبهم الوفي" أنيسهم الوحيد الذي لم يفارقهم وظل يرافقهم ويحرسهم في هذا البيت الذي يصعب على أي منا أن يبيت ليلة بداخله. في هذه الوضعية المزرية و التي كانت بسبب طلاقها من زوجها تجد المرأة نفسها بمعية أولادها في الشارع دون رحمة ولا شفقة... ليتحطم مستقبلها ومستقبل أولادها...ولأنها لا تملك أي مدخول يسد رمق أطفالها الخمس المتشردين بما فيهم الرضيع "سيف الدين "...ولا حتى سكن يأوي العائلة من قساوة البرد والحر...لتلجأ مضطرة و محتمية في بيت مهجور بداخل الغابة لتختبئ فيه وتحتضن أولادها... البيت الذي هجره ساكنيه أيام العشرية السوداء لا يتوفر على أدنى شروط الحياة ...و الأسرة تضل لأيام بدون أكل ولا شرب...حيث وجدنا الرضيع "سيف الدين" يصارع الموت لانعدام الحليب وشدة البرد...فيما الطفلة منهارة بسبب توقفها عن الدراسة ... و المجموعة محاصرة من طرف الحيوانات المفترسة كالخنازير والكلاب الضالة وحتى من البشر "السكارى" الذين يتوافدون على الغابة ... رحلة شاقة بكل المقاييس لن يستطيع الواحد منا تصورها لأم بسبب طلاقها أصبحت تعيش محاصرة من كل الجوانب: تربية أطفالها وإطعامهم وأكلهم وشربهم والخوف عليهم من الحيوانات والبشر التي تترصد بهم في كل لحظة...لدرجة أنها لا تستطيع الذهاب إلى المدينة لتتسول و تأتيهم بالطعام وإحتياجاتهم اليومية بل تظل في رحلة حراسة مستمرة... يشار إلى أن هذه الأم المسكينة الحائرة على مستقبل أولادها قد طرقت أبواب المسؤولين بداية من وسيط الوالي الذي كان رده –حسبها- سلبيا للغاية...إضافة إلى طرقها أبواب الدائرة والبلدية... وما حز في نفسها أنها ذهبت إلى "إذاعة الجزائر من الجلفة" وقد رد مسؤولوها بأنهم لا يملكون لها شيء ، بل تم رفض النداء الموجه لذوي البر و الإحسان... جدير بالذكر أن هذه العائلة تطلب عبر منبر "الجلفة إنفو" إنتشالها من هذا الوضع الكارثي الذي تعيشه، بتوفير مأوى لائق، عمل يسترزق منه وإعادة فلذات أكبادها إلى مقاعد الدراسة...حيث بقاءها في هذا المكان الخطير ينذر بعواقب وخيمة عليها وعلى من زينوا أزقة الجلفة وشوارعها بلافتاتهم الإشهارية ...فعليهم قبل كل شيئ زيارة وانتشال هاته اللافتة المخبأة داخل الغابة، وعلى كل مسؤول أن يتحمل مسؤولياته أمام الله أولا وأخيرا.