سي الحواس اسمه الكامل "احمد بن عبد الرزاق" من مواليد "مشونش" بجنوب الاوراس سنة 1924 ، نشا نشأة هيأته واعدته إعداد كاملا ليكون جنديا من جنود الله في صفوف الثورة، فمنذ اندلاعها انظم إلى صفوفها ولم يلبث أن ترقى في مدارج القيادة ، إلى أن أصبح قائدا للولاية السادسة، لم يكن ذلك ليتم لولا ما أظهره من شجاعة وكفاءة وبطولة ومن رأي حصيف وعبقرية في التنظيم وتوجيهه نحو الأهداف السامية التي رسمتها له ثورة أول نوفمبر الخالدة، كان من بين المناضلين الذين ناضلوا في صفوف الحركة الوطنية ، فقد اختير عند اندلاع الثورة من طرف مصطفى بن بولعيد، بعد عملية فرز قام بها هذا الأخير مكنته من اختيار رجال أكفاء يعتمد عليهم في المهام الجليلة كان من بينهم سي الحواس ، فكان ثالث ثلاثة أسندت إليهم المسؤولية بنواحي بوسعادة و أولاد جلال وبسكرة أما الاثنان الآخران فهما "سي زيان عاشور" و "الحسين بن عبد الباقي"... لسي الحواس مقدرة على تكوين الرجال، كان يقول (لا يخرج احد من مكتبي إلا وقد توفرت فيه كل شروط القيادة أو التوجيه) ، يدرب العاملين معه فن الخطابة فكان يطلب منهم أن يخطبوا في موضوع معيّن بعينه قصد تدريبهم على مخاطبة الجنود والشعب في المواضيع المطروحة ، وكان يقول ( أنا أتمنى عندما تستقل الجزائر أن نضع أطفالا في مكان لا يرون فيه أحدا إلا الدبابة وكيفية استعمالها حتى إذا كبروا وصاروا رجالا لا يعرفون لهم أبا ولا أما إلا الدبابة) لا يبيت ليلا بأي مكان ، بل يقضي الليل سيرا حتى يصل إلى مقصده حيث يتوقف ولهذا سمي ب"الحواس" لتجواله وكثرة اتصالاته بالشعب يتتبع المشاكل حيثما وجدت ، لقد استطاع أن ينشئ إدارة تسير بدقة فائقة ، فالحقيقة انه لما جاءت قرارات مؤتمر الصومام لم تضف شيئا فكانت اغلب ترتيباتها مطبقة في جيشه. لقد كان شديدة العداوة للحركة المصالية واشتهر بمكافحته ل"بلونيس" و مطاردته لعناصره، فقد خاض حربا لا هوادة فيها ضد ضباط الشؤون الأهلية فيرد عليهم ويفند مزاعمهم ويهدم بالليل ما بنوه بالنهار ، فكلما أذاعوا منشورا أو أطلقوا إشاعة يبادر دون تراخ إلى الرد عليهم وبالاتصال بمسؤولي القرية أو المدينة الذين كانوا عرضة لتلك الحرب النفسية فيعيد إليهم الاطمئنان والثقة . في علاقته مع الناس كان يحترم الشعب ويقدرهم يتعامل معهم بأخلاق نبيلة ويضع كل شخص في موضعه اللائق ، لم يكن منغلقا على نفسه منعزلا بل كان يتصل بالناس على مختلف مستوياتهم ويحادثهم ويمزح معهم بكل بشاشة ولطف بحيث تبناه سكان الصحراء كواحد منهم خاصة بعد ما عرف عنه من معاداة لكل أنواع الجهوية ومحاربة الروح لقبلية والعشائرية... "سي الحواس" كان ينتقل بحكمة ودهاء في رمال الصحراء، يضرب معاقل الاستعمار، ويشتت صفوف الخونة ولم يفتأ يكافح ويناضل من اجل عزة الجزائر ومجدها إلى أن نال الوسام الأعظم ، والشرف الأكبر الذي لا يعرف الفناء بجانب رفيق دربه "العقيد عميروش" بتاريخ 28 مارس 1959 ... المراجع والمصادر - شهادة المجاهد "محمد الشريف خير الدين" لمجلة أول نوفمبر - شهادة المجاهد "محمد شنوفي" لمجلة أول نوفمبر - المنظمة الوطنية للمجاهدين ، المؤتمر السادس ، قصر الأمم من 05الى 08 ماي 1982