في جولة استطلاعيّة ل "الجلفة إنفو" عبر مختلف أحيائها ومرافقها، شدّت انتباهنا مظاهر التضامن و العمل الخيري التي تبعث الأمل في النفوس. وبالمقابل و في نفي نفس الوقت ظواهر مؤسفة كشفت عن أنه مازال هناك الكثير من المحتاجين في ولاية الجود والكرم. بداية جولتنا كانت بمدينة الجلفة التي صارت تصنع صورا منقطعة النظير في التضامن وافطار عابري السبيل و المحتاجين. وهذا ما تدلّ عليه مطاعم "عابر السبيل" الموجودة بكل من وسط المدينة وفي محطة النقل البري القديمة و كذا المحطة الجديدة الموجودة خارج النطاق الحضري و التابعة لشركة "سوقرال". كما لا ننسى مبادرات الجمعيات الخيرية التي تسعى الى نفس الهدف التي صارت نشاطاتها جوارية وعبر الأحياء بحكم اطّلاع أعضائها على واقع سكان تلك الأحياء. حيث شهدت الجلفة نجاح عمليات تضامنية للحركة الجمعويّة مثل "قفة شعبان" و "قفة رمضان" و "ملابس العيد" و "الإختتان الجماعي للأطفال" وغيرها من النشاطات. ودون نسيان الشباب المتطوّع لمجموعة "ناس الخير" التي صارت حملاتها تقليدا سنويا و بإمكانيات الشباب الخاصة ولعلّ المبادرة التي تلفت الانتباه تلك الخاصة بالسحور وهو ما يستحق التنويه لأن شباب "ناس الخير" لا يمضون ليلهم في السهر بل في العمل التطوّعي. أما بالبلديات فقد نقلت "الجلفة إنفو" صورا رائعة للتضامن مثلما هو الشأن للفوج الكشفي "الأدارسة" ببلدية الإدريسية من خلال اطعام عابري السبيل بحكم موقع البلدية المؤدّي الى ولايات الجنوب الغربي مثل بشار و البيض و النعامة و تندوف. ونفس الأمر بالنسبة لفوج النصر بحاسي بحبح، و مجموعة "ناس الخير" بعين وسّارة و مطعم "روايال" الخيري بمسعد وغيرها من بلديات الجلفة. فالعمل الخيري بولاية الجلفة لا يقتصر على المساهمة المادية و التبرعات. بل تعدّاه الى إحضار الوجبات و الوقوف في الطرق لجلب السائقين و عابري السبيل مع ابتسامة فزادهم الله الصدقات بصدقة الابتسامة و التضحية بالإفطار مع الأهل و قضاء ذلك الوقت في استقبال الصائمين في مطاعم الرحمة. كل ذلك يتمّ رغم قلّة الإمكانيات و مساعدات السلطات والمحسنين. كما لاحظت "الجلفة إنفو" إشراك الأطفال في هذه العمليات الخيرية من أجل غرس ثقافة التضامن و التطوّع و العمل الخيري في نفوس الناشئة. وهو ما يبعث في النفوس السعادة والتفاؤل و الأمل بأن الخير مازال باقيا في النفوس و عبر الأجيال القادمة. أما المؤسف و المحزن هو في ظلّ كل هذه الأعمال الخيرية، هو أن تلك المظاهر تعكس واقعا مرّا يعيشه الكثير من أفراد المجتمع و العائلات وانتشار جيوب الفقر في الكثير من نواحي الجلفة. و هذا ما لاحظناه من خلال جولتنا في إحدى مدارس مدينة الجلفة ... أطفال، نساء، شباب و رجال من مختلف الأعمار ينتظرون في طوابير بصفة يومية. إذ أن السلطات فتحت مطاعما في بعض المؤسسات لتقديم وجبات ساخنة حسب قائمة المحتاجين... ولاحظت "الجلفة إنفو" أن كل واحد ينادى له لأخذ وجبته و تحت أشعة الشمس كما وجدنا أطفالا متعبين من الانتظار يتوجهون نحو المسجد المجاور من أجل أخذ قسط من الراحة حتى يحين دورهم و غير بعيد عنهم يقف رجل في سن الخمسينات رفقة ابنه ذي العشر سنوات يتحدّثان في انتظار دورهما ... كان المشهد جميلا و مؤسفا في نفس الوقت و بدا على الرجل شيء من الخجل بأن يجلس أمامنا في طابور الإفطار. مؤسف أنه في جزائر "العزّة و الكرامة" مازال هناك من هو محتاج لوجبة إفطار ... في دولة تمسح ديون غيرها من الدول و مازال شعبها يشتكي البطالة و الجوع و يضطرّ للانتظار في الطوابير عوض التفرغ للعبادة و الصلاة و قراءة القرآن في شهر المغفرة ...