مازالت مآسي اللاجئين الأفارقة تصنع ديكورا يوميا تعودت عليه شوارع الجلفة لا سيما بوسط المدينة وبعض الشوارع الرئيسية... وقصد الوقوف على هذه الظاهرة التي تشكّل مأساة انسانية بكل ما تحمل الكلمة من معنى، قامت "الجلفة إنفو" بجولة استطلاعية تعتبر الثانية من نوعها من أجل الوقوف على حال مهاجرين فرّوا من جحيم الحرب ليعيشوا جحيم الترحال والتسول و الفاقة و الحاجة ... وما يميّز ذلك هو عدم اتخاذ السلطات المختصة لأي إجراء من شأنه حفظ كرامة الجالية الإفريقية بالجلفة وبشكل نهائي. المتجوّل عبر بعض شوارع مدينة الجلفة سوف يلاحظ منظر عائلات من دول الساحل تفترش الأرض وتلتحف السماء. كما يمكن رؤية مناظر أطفال ورضّع بمعيّة أمّهاتهم يتجوّلون طيلة النهار من أجل التسول والبحث عن الطعام أو البحث عن مكان للراحة، و ربما اتخاذه منزلا مثلما هو الحال مع ساحة الكنيسة سابقا بوسط المدينة التي تحولت في ظرف قياسي إلى تجمع لبعض العائلات الإفريقية. حيث أنه خلال جولتنا بساحة "الكنيسة سابقاً" وجدنا بعض الأسر بمعية أطفالها قد استغلت الساحة للمكوث بها واتخاذها منطلقا للتسوّل بالقرب من الساحة عند موقف سيارة النقل الحضري و كذا السوق المغطاة وسط المدينة. وكان سكان مدينة الجلفة قد لمسوا بوضوح غياب أغلب المهاجرين الأفارقة نهاية شهر شعبان أين كانوا يتمركزون بساحة محمد بوضياف. ليعودوا بعدها تدريجياً ابتداء من منتصف شهر رمضان و يزداد عددهم، و هو ما سبق ل"الجلفة إنفو" أن تطرقت إليه ونبّهت إلى مأساتهم بعاصمة الولاية و في مدينة حاسي بحبح (المقال الأول، المقال الثاني، المقال الثالث). حالة المهاجرين الأفارقة بالجلفة أصبحت فعلاً مزرية. ليس لأن أهل الجلفة لا يكرمونهم و إنما وضعهم الذي صار غير واضح من الناحية القانونية و كذا الاجتماعية كونهم بلا مأوى أو اهتمام من السلطات يعطي انطباعا ايجابيا عن حالتهم الصحية. كما لا ننسى أن هذه الحالة مرشحة للتفاقم أكثر بسبب أن فصل الخريف صار قريبا وبعده الشتاء المعروف بقساوة برده في الجلفة. فهم معرّضون للأمراض خاصة منهم الأطفال و كذا ظاهرة الانحراف إضافة إلى آفات اجتماعية خطيرة قد تنجم في ظل الحاجة و الفاقة وحياة التشرد ... وهي الآفات التي قد تنسحب على مدينة الجلفة و تمس المهاجرين الأفارقة وسكان الجلفة على حد سواء ما داموا بيننا... ويبقى السؤال مطروحا إلى متى هذا الحال ؟؟ و متى تتخذ السلطات موقفاً واضح تجاه هؤلاء؟ فبحكم أنهم جيراننا فلا يحق أن يبقى حالهم هكذا لا من باب الإنسانية و لا من باب القانون ... فهم الآن في أمس الحاجة إلى أن نهتم بهم و نرعاهم ... كما تجدر الإشارة أنهم منتشرون عبر الولايات المجاورة كالأغواط والمسيلة...