كلّ الذين أحبّهم، ركبوا قطار اليأسِ واتجهوا إلى أحزانهمْ حتى المحطة أوصدتْ دمها وما عاد النزيف يعانق الأيدي وما عادت تلوّحُ للمسافر أمهُ سقطتْ مناديل الوداع على رصيف الملحِ.. واختنق السفرْ.. يا للرصيفْ أمشي.. ولا تأتي الحبيبة من مخاوفها وأصرخُ.. لا يجيء البرقُ لا أحدٌ أقول له: -أحبكَ غير وجهكِ- في المرايا- حين ينساها على الأرض المطرْ.. لو تعرفين إذاً مرارةَ من تصيح عيونهُ.. وينامُ أيقظتِ الخلايا كي تقولَ له: أحبكَ كنتِ أطقلتِ الشموع على شتاء الروحِ كي يبكي الشجرْ.. * * * وحدي.. على باب المساء ألوبُ تغريني النجوم، فلا أمدُّ لها حبال القلبِ أسقط في مدارات النحاسِ يُضيئني صوتي وعُريكِ يا لعُريكِ حين يتركني أنام على حجرْ.. * * * تركوا على ظلّ السياج الفلَّ من يسقي تراب المتعبينْ؟ صلبوكِ بين دمي وبين دمي.. لنُقتلَ فابتكرنا من خلال القتل- وجه الياسمينْ تركوا مواجعهم على شوك السريرِ وأنزلوا عن ضحكة الأطفالِ أشرعةَ القمرْ.. لكنني ما زلتُ أحلمُ أن أرى أمي تعود مع المساءِ تسوق قطعان الحنينْ.. وأبي يُقبّلها يفلُّ جدائل النعناعِ يرقص في عيونهما السهرْ.. ما زلتُ أحلمُ أن يعود الناس من أحلامهمْ أن يزرعوا تحت الشبابيك الكئيبةِ.. ظلَّ بيتْ وأنا وأنتِ نعذّبُ الطرقاتِ.. نُتعبها ونسرق من إشارات المرور اللّونَ كي يتحرر العشب الفقيرْ.. لا البرد يطفئنا ولا نقرُ السنين على مصابيح القلوبْ وغداً سنعبر في الخريف فراشتينِ نعيد للأيدي نضارتها، وللخدّ القُبَلْ.. وغداً سنحيا.. كي نكون كما أردنا لا يتوب العمر عن غدنا ولا غدنا يتوبْ.. (*) مكتبة الشعر العربي/ شاعر سوري