منذ سبعة وعشرين عاما والرسام "علي بعيطيش" يشهر الكاريكاتير سلاحا في معركة تنوير العقل وإدانة السلبيات، وهو خلال ذلك لم يفقد قدرته على الابتكار ونجح في تأكيد تفرده وخصوصيته. وبعيطيش ليس مجرد رسام مشاكس يبحث عن خطوط تثير الضحك بل هو يجسد تطور فن الكاريكاتير على المستوى المحلي، رسام إنسانُ مواقف وصاحب رؤية سياسية واجتماعية شاملة جعلت لغته خاصة به يبحث فيها ومن خلالها عن الروح الإنسانية. "الجلفة إنفو" التقت "عائد" وسألته عن المحطات المهمة في حياته وجاء اللقاء على النحو التالي: بطاقة تعريفية لعائد بدون "رتوش"؟ علي من مواليد فجر الاستقلال ولدت وترعرعت في الجلفة، وتلقيت مبادئي التعليمية بأطوارها المختلفة في مدارس الجزائر، درست مجال الفيزياء الدقيقة وأنا حاليا أعمل في سلك التعليم كأستاذ ثانوي في مادة الفيزياء ولدي عدة حصص في إذاعة الجلفة، من بينها " بعيطيشيات" و" قعدة في حي" وكان لي شرف قيادة حصة " الحديقة الساحرة" التي لاقت نجاحا وطنيا لكن للأسف توقفت لعدم توفر الدعم، أقمت عدة معارض لرسوماتي الكاريكاتيرية ولدي ميول للمسرح حيث كونت فرقة الشعاع للمسرح. كيف بدأت رحلتكَ مع الكاريكاتير؟ في أي مجلة بدأت؟ و كم مضى عليك وأنت ترسم؟ تنتابني هواية الكاريكاتير منذ الصغر عندما كانت تصدر في الأسواق مجلة اسمها "مقيدش" بأقلام وطنية وهي عبارة عن اشرطة مرسومة وتهتم بأشكال الشخصيات، كنت أقتنيها هي ومجلات أخرى مصورة وأقوم بإعادة رسم الشخصيات وتحريكها والتغيير في شكلها ومنذ ذلك الحين اكتشفت موهبتي وميولي للرسم فقد كنت في حصة الرسم في الثانوية أرسم لجميع القسم وكل رسم مختلف عن الآخر .. ولما كنت طالبا في الجامعة بالعاصمة كنت مولع بالصحافة، تقدمت برسومي إلى جريدة الشعب بعد أن قرأت إعلانا عن مسابقة في رسم الكاريكاتير شاركت بتشجيع من والدتي الكريمة بالرغم من عدم درايتي الجيدة بأسرار هذا الفن ، وبالفعل تم نشر رسوماتي التي سعدت كثيرا بها خاصة عندما وجدت الطلبة في الجامعة معجبين بها ويشيرون لي بأصابعهم، اختلجني حينها شعور بالسعادة والثقة بالنفس، كما لا يمكن ان أنسى فضل جريدة المساء وطاقمها علي ومن بينهم "أحمد هارون" الذين لم يبخلوا علي وتعلمت الاخراج الصحفي وكتابة المقالات وأبجديات الصحافة .. هذه كانت مسيرتي الاولى وتعاملت تقريبا مع جل الجرائد الوطنية ولكن بحكم بعدي عن العاصمة انقطعت لفترة من الزمن. وكانت العودة قوية والفضل الأول لصديقي " عبد القادر عبدو" وكان ذلك عام 2003 عندما أقام معرض لرسوماته الكاريكاتيرية هنا في الجلفة وكان لي معه وبالتوازي عرض لرسوماتي، بعدها كانت لي تعاملات مع بعض العناوين أذكر من بينها مجلة " دنيا الجزائر" و"أخبار اليوم" و" الخبر" و "السلام" وغيرها ... ما هو تعريفك لهذا الفن؟ وماذا يعني لكَ؟ إنه وجهة نظر وموقف من الحياة يعبر عنهما بالرسم بشكل ساخر، أي رسم توضيحي لفكرة يدركها المتلقي بأحاسيسه ..وهو فن يلزمه نفس طويل، ووجدت ضالتي في الكاريكاتير. فقد قطعت شوطا وطورا كبير في الكاريكاتير وأعتبره فن حديث نحسن من خلاله كل لغات العالم، وباستطاعتنا التواصل مع أي شخص. لقد عاصرت مراحل مختلفة من حياة الصحافة الجزائرية، فأي مرحلة كانت الأصعب بالنسبة لممارسة فنك؟ هي المرحلة التي أخرت الجزائر فلولا الأحداث الأليمة التي عاشتها الجزائر في ظل العشرية السوداء والتي جعلت كل واحد منا يتجمد ويتقوقع خاصة وأنها تزامنت مع فترة كنا فيها في مرحلة الشباب وكان باستطاعتنا تقديم الكثير ..وفي هذه الفترة أطلقت على نفسي كنية " عائد" التي صارت توقع رسوماتي فيما بعد .. لقد اعتمدت في رسومك على أسلوب " الثنائي" حكومة وشعب (فقير وغني)، هل لنشأتك أثر في هذا؟ لدى كل مواطن تجدين الإجابة .. فانتقاد السلطة يعبر عن التواصل بين الشعب والحكومة أي وجود صدى وجسر للعبور نحو توصيل إنشغالات المواطن، وأنا أعتمد هذا الاسلوب لا من أجل التجريح والتحريج والتشويه وإنما كنوع من التخفيف والترفيه .. هل تعتبر أنّ الكاريكاتير السياسي هو السمة الطاغية للكاريكاتير العربي؟ هناك نوعان من الكاريكاتير وهما ما تعلق بالحدث وما تعلق بالظاهرة، مؤخرا ونظرا للأحداث الأخيرة التي عرفتها الساحة العربية كان لابد لهذا الفن أن يواكب الحدث، وليس هناك كاريكاتير سياسي وآخر اجتماعي فكلها سياسة. من المعروف أنّ الشعب الجزائري شعب يحب النكتة، فهل تعتبر أنّ فن الكاريكاتير في الجزائر هو مرآة هذه الروح الساخرة؟ طبعا .. أنا لا أظن أنّ هناك شعبا لا يملك روح النكتة لأنها وسيلة تعبير عن حالة نفسية تصاغ بشكل فني، وبعبارة أخرى أن يصيغ الإنسان همومه التي تواجهه بشكل فني يمتاز بالسلاسة، كما لابد من اعتماد الحيلة لتوصيل الفكرة ..والنكتة هي الاسهل لقلب الانسان . إلى أي مدى تأثر الكاريكاتير العربي والجزائري على وجه الخصوص بفن الكاريكاتير في أوربا؟ لا يجب التنقيص من قيمة الفن الكاريكاتيري العربي عموما والجزائري على وجه الخصوص كون اصل الكاريكاتير ظهر عند العرب، وتطور عند الغرب لأنّ لديهم الحرية التي جعلت من كل شخص يبدع في مجاله، بينما قيودنا حدت من إبداعنا .. حدثنا عن تجربة " لي ديمو خراط" وما هي انطباعاتك حولها ؟ كانت تجربة صعبة بالنسبة لي لأن تحريك شخصيات جامدة ليس بالأمر الهين فأقوم بتركيب وسيناريو ودبلجة الحركات ودراسة احداثيات التحريك، أنجزت منها 06 حلقات وبثت في قناة النهار، وطلبتها عدة قنوات وطنية، هي حاليا متوقفة لكن نأمل أن تتواصل قريبا إذا ما توفرت المساندة. ومشاريعك الجديدة؟ وآخر ما توجهه لقراء الجلفة إنفو؟ مادام لدينا طموح فمؤكد هناك مشاريع .. بالنسبة للإذاعة أنا مع حصة "قعدة" التي تُعنى بأصالة الجلفة ونطمح لانطلاق مشروع حصة "مابين الثانويات " وتلفزيونيا لدينا فكرة لسلسلة فكاهية رمضانية بعنوان "سيت كوم" وكاريكاتيريا سنسعى لمواصلة " لي ديمو خراط" بشخصيات أخرى وأفكار جديدة، وفي الأخير نتمنى النجاح لإبراز الولاية وطاقاتها المغمورة .. رابط الرسومات الكاريكاتيرية للفنان عائد بعيطيش على الجلفة إنفو