القاعدة الشّرقية هي الرّقعة الجغرافية التي تقع بالشمال الشرقي للوطن، حيث يحدّها من الشمال البحر المتوسط بدءاً من عين باب البحر شمال شرق مدينة القالة حتى عنابة، ومن الجنوب والجنوب الشرقي مدينة تبسة وسدراته، ومن الشّمال والشمال الغربي مدينة قالمةوعنابة، ومن الشرق الحدود التونسية. هذه المنطقة ذات الأهمية الإستراتيجية المتميزة بكتل من التّضاريس، جبال وعرة وغابات كثيفة شاسعة يبلغ ارتفاع بعضها 1400 م، مكوّنة من جبال المسيد، جبال القالة، كاف الشهبة، الغرة، العيون، الحمراء، بوعباد، الدير، أولاد مسعود، الكرسي، بني صالح، أولاد بالشيح، أولاد ضياء، أولاد مومن، علاهم، جبل سيدي أحمد، ويلان، النبايل، أولاد بوغانم، بوسسو. وتوجد بمنطقة القاعدة الشرقية كهوف ومغارات عديدة حصينة، اتّخذها المجاهدون كمراكز ومخابئ لتخزين الأسلحة والذّخيرة، والمؤن وأماكن لمعالجة الجرحى والمرضى بعيدا عن أنظار العدو، وتغطّي هذه المنطقة أشجار عالية كالزان والفلين والصنوبر، كما تتخلّلها أحراش وغابات متشابكة تحجب أنظار العدو منها الضرو،الهذبان، بوحداد، الكشريد، الريحان، القندول. بالمقابل يغطّيها بساط دائم الخضرة وتعلوها هضاب وتلال، تنفجر منها ينابيع حارة وباردة، وتجري بها أودية وشعاب كوادي مجردة، ملاق، سيبوس، بوناموسة، الوادي الكبير،وواد بوقوس. هذا الموقع الطّبيعي المتميّز أكسب السكان طبيعة المتمرّدين عن الدخلاء والغزاة، ممّا أهّل المنطقة لأن تكون بوّابة وجسر عبور إلى داخل الوطن وخارجه. وتتوسّط بعض جهات القاعدة الشرقية سهول ساحلية وداخلية، ويتميز قسمها الشمالي ببحيرة طنقة، العصافير، السبعة، المالحة. تبرز الأهمية الإستراتيجية لهذه التضاريس في وعورة مسالكها، وصعوبة طرقها ممّا ساعد الثورة على التمركز فيها بقوة والتحرك بسهولة في كل الإتجاهات، وبالتالي تمكّنت القاعدة الشرقية من التطور بعد سيطرة جيش التحرير الوطني على الوضع العسكري بتنظيم صفوفه وتعبئة طاقاته البشرية والمادية لمواجهة العدو، خاصة بعد التحاق الكثير من المجندين في صفوف العدوبجيش التحرير بعد تدمير مراكز العدو كعملية البطيحة بقيادة عبد الرحمان بن سالم. زيادة على إلتحاق بعض الضباط الذين كانوا في صفوف العدو بالثورة، بطرق مختلفة قادمين من الخارج منهم: شابو عبد القادر، خالد نزار، بوتلة، سليم سعدي وغيرهم، ممّا أكسب القاعدة الشرقية مكانة استراتيجية، حيث حملتها الثورة مهاما ووظائف عظيمة، فكانت في الموعد لتسجيل صفحات خالدة في تاريخ وطننا المجيد، ولا ننسى دورها الفعّال في عمليات التخريب خاصة خط شال وموريس الرهيبين بالأنابيب المشحونة في نطاق العمل اليومي للمجاهدين لتكبيد العدو خسائر في الأرواح والعتاد. إضافة إلى المهام التي تقوم بها كبقية الولايات الأخرى في الكفاح المسلح، فقد أسند لها القيام بوظائف أساسية أهمها: تزويد الولايات الثانية والثالثة والرابعة بالعتاد الحربي والذخيرة، وضمان أمن عبور القوافل وتموينها. إلى جانب تبليغ تعليمات وأوامر القيادة العامة إلى الولايات والعكس صحيح والقيام بالعمليات العسكرية (معارك،هجومات، إشتباكات، كمائن، أعمال تخريبية وفدائية وزرع ألغام مضادة للدبابات)، ممّا اضطر العدو إلى إخلاء بعض مراكزه.