حق الدفاع في الجزائر مضمونا دستوريا... ولا يتوقف الأمر عند هذا الحدّ، بل أن الخطاب السياسي يحمي صراحة هذا المبدأ الأساسي في أي محاكمة إلى درجة أن تمّ إدخال عنصر جوهري.. ويتعلق الأمر بالمساعدة القضائية. وهذا في حدّ ذاته تكامل متواصل في عملية الدفاع وحرص على إثراء هذه المنظومة الدفاعية بأدوات تحدّ من زي تفاوت محتمل أثناء رفع دعوى قضائية ضدّ أي شخص وبلوغ الملف مرحلة متقدمة من حيثيات الإحالة على المحاكمة. وإن كان »المتهم« لا يملك أي قدرة في المرافقة الدفاعية، فإن الجهات المختصة لا تتركه عرضة لأي تداعيات، بل تقف إلى جانبه سواء بتعيين له محام مباشرة أو فسح له خيارات أخرى. وهذا كله يندرج في إطار تخصيص تلك الحماية »للمتهم« على قاعدة أنه مهما كانت توفر أركان الفعل الإجرامي.. والمدى الذي بلغه على مستوى طبيعة الحادثة، فإن السلطات القضائية لا تتركه وحيدا يصارع الأحكام المرتقبة.. وفي هذا الشأن، فإن الدفاع هو الذي يساعد القاضي على تقصي الكثير من الحقائق.. لتصنيف شكل الحكم النهائي.. وهذا طبعا يكون قائما على القانون المرجع الوحيد والأوحد بين الجميع وكذلك القاسم المشترك بينم المشتغلين في هذا الحقل. وعليه، فإن النصوص الجزائرية في هذا الشأن، تستند إلى مرجعيات دولية مندمجة في إطار المفاهيم المعمول بها عالميا، لذلك، فإن هوامش الحركة موجودة فيما يعرف بالإستئناف الذي يترك مرة أخرى للدفاع فرصة للتخفيف من الحكم الصادر. لذلك، فإن الدفاع الذي يمثله المحامي هو جزء لا يتجزأ من مجريات المحاكمة.. وتوفر هذا العنصر في كل جلسة يعطي مصداقية أكثر على الحرص الذي يبديه كل واحد في إحضار المحامين.. للدفاع عن »متقاضيهم« لذلك فإن كل القضايا المطروحة اليوم على مستوى المحاكم تشدّد على مبدأ الدفاع سواء في القضايا المتعلقة بالآفات الإجتماعية أو ارتكاب الجريمة أو الإختلاسات... وأكبر دليل على توفر هذا العنصر بكل مقاييسه المحاكمة التاريخية ل»المتهم« عبد المؤمن الخليفة.. خلال هذه المحاكمة أدّى الدفاع الدور المنوط به قانونا في السعي من أجل التخفيف عن حالات معيّنة.. كان قرار الإحالة قد أشار إلى أفعالهم ودرجات رؤية القانون لها. نذكر هذه العيّنات من باب إبراز تلك القيّم العالية التي تتوفر في عمل الدفاع. وهناك أمثلة كثيرة... إلا أن المغزى منها هو تثمين حق الدفاع في الجزائر.. هذا لا يعني بأن المتقاضي يترك هواه بعد المحاكمة.. في إدانته، وإنما يحظى بتكفل تام من قبل الجهات المسؤولة عن السجون التي توفر له كل مستلزمات مواصلة حياته بشكل مخالف لما كان عليه... سواء بمواصلة تعليمه أو الإستفادة من تكوين، وغيره من الإجراءات المخصصة للمحبوسين.. كالمنفعة العامة. هذا التكفل بالمحبوس له علاقة وطيدة بالتوجه العام القائم في الجزائر بخصوص إصلاح العدالة.. وهذا بإرساء قواعد مهنية في استحداث ذلك التواصل بين كل العاملين في هذا القطاع.. سواء إدارة أو قضاءا وجميع الملحقات التابعة له.. حرصا على توفير الجوّ المرن بين أركان القضاء (نواب عامون.. قضاة.. محامون) وهذه مقاربة تزداد تعزيزا يوميا.