تزامنت الزيارة التي قام بها مدير عام صندوق النقد الدولي الى الجزائر نهاية الأسبوع الماضي مع طرح العديد من الملفات الاقتصادية والمالية على النقاش، بدء ببيان السياسة العامة للحكومة الذي عرض على نواب المجلس الشعبي الوطني، الى مشروع قانون المالية للسنة المقبلة الموجود حاليا على مستوى نفس الهيئة البرلمانية للمناقشة والمصادقة عليه. وقبل زيارة مدير عام الأفامي الى الجزائر، صدر تقرير عن ذات الهيئة المالية الدولية أشادت فيه بالعديد من التطورات على المستوى الاقتصادي، ومبرزة فيه بالارقام، ما تحقق خلال السنوات الماضية والتوقعات المستقبلية، وهو ما اكده مدير عام الأفامي لدى استقباله من طرف المسؤولين في الجزائر، وفي مقدمتهم رئيس الجمهورية. وقبل ان يسجل مدير الأفامي بعض الملاحظات المنتقدة لبعض القرارات الاقتصادية المتخذة من طرف الحكومة، خاصة ما تعلق بملف الاستثمارات الخارجية في الجزائر، او سياسة الاعتماد على مداخيل النفط لتمويل مشاريع التنمية، او طريقة تسيير النظام المصرفي عموما، قبل كل ذلك، وفي تشخيص عام للواقع الاقتصادي، سبق للوزير الاول احمد اويحيى ان مارس سياسة النقد الذاتي لكل الاختلالات التي لا تزال تميز العملية التنموية وأكد في مناسبات سابقة ان تطور المؤشرات في العديد من المجالات لا ينبغي ان يخفي وجود العديد من الصعوبات في اهم القطاعات الاقتصادية ومنها الصناعة، مسترسلا وباسهاب في تشخيص معمق لاداء الاقتصاد عموما، دون اغفال كل أنجز من جهة او تلك القرارات السيادية التي اتخذتها الجزائر خلال السنوات القليلة الماضية لمواجهة بعض الظواهر السلبية من جهة اخرى ولاسيما تلك التي اضرت كثيرا بالاقتصاد الوطني، ونجم عنها تقليص الى حد ما في مستوى الاستثمارات الاجنبية المباشرة في الجزائر والتي كان من بين اسبابها الاخرى تداعيات الازمة المالية العالمية على تدفق الاستثمارات الاجنبية عموما. وعندما التقى الوزير الاول بمدير عام الافامي في جلسة عمل جرت قبل مغادرة هذا الاخير للجزائر لم يجد اويحيى اي حرج وهو يؤكد لمحدثه ان الجزائر مصرة اكثر من اي وقت مضى على المحافظة على سيادتها الاقتصادية، وهو ما يعني انها لم تعد تحت سيطرة اية هيئة مالية دولية، وتتحكم فيها مثلما كانت تفعل في الماضي، عندما اجبرت على ابرام اتفاق لاعادة الهيكلة، ودفعت مقابل ذلك ثمنا باهضا في وقت كانت فيه الجزائر تعاني وتكافح على عدة جبهات، اقتصادية، مالية ولكن أيضا مخلفات العشرية الدموية، من دمار بشري، معنوي ومادي. الملاحظات التي ابداها مدير عام الأفامي في شكل انتقادات تارة وتحذيرات تارة اخرى، لم تضف في واقع الامر اي جديد يذكر عما تم تشخيصه على المستوى الداخلي من صعوبات وعراقيل، تسعى الحكومة حاليا الى تذليلها من أجل عودة القاطرة الى سكة النمو والتنمية، والهدف قد لن يتم بلوغه في الغد القريب، بالنظر الى التراكمات من جهة والاولويات المسطرة من جهة اخرى، التي جعلت جهود التنمية تنصب حول قطاعات لن تعطي اضافة مباشرة في القيمة المضافة او زيادة للثروة، لان النصيب الاكبر مما يتم تجنيده في شكل انفاق عمومي هو عبارة عن استثمارات غير منتجة على العموم، ولهذا فقد سبق للوزير الاول في عرضه لبيان السياسة العامة للحكومة طيلة الثمانية عشرة شهرا الماضية ان الح على ضرورة اعتماد قواعد اقتصاد السوق والتركيز من الآن فصاعدا على عاملي النجاعة والمنافسة اذا اريد للمؤسسات الوطنية عمومية كانت او خاصة البقاء في دائرة النشاط الاقتصادي.