أثار المتدخلون، أمس، مسألة البنوك الإسلامية ومدى قدرتها على تفادي الانزلاقات المتكررة في الاقتصاد العالمي نتيجة المالية التقليدية، وتقديم الحلول الجادة لذلك، مؤكدين في ردهم على أسئلة الصحافيين أن الأسس التي تنص عليها الشريعة الإسلامية، بإمكانها أن تكون الذراع الواقي لتفادي الانزلاقات المصرفية كون التمويل الإسلامي مستمد من قيم الشريعة، وهو حقيقي وعالمي يمكن ممارسته دون أي قلق. وفي هذا الصدد، أوضح ناصر حيدر الأمين العام لبنك «البركة» الجزائري، انه من خلال مبادئ منع التعامل بعقود الغرر (التي هي شبيهة بالقمار) والأدوات التي تستند لقواعد الاقتصاد الحقيقي يمكن الحد من الانزلاقات والإفراط في المدينة من دون ضوابط، مضيفا لدى تدخله بالندوة الصحفية حول آفاق التمويل الإسلامي بالجزائر بمركز الصحافة (المجاهد) أن نجاح المالية الإسلامية يجب أن يتم وفق أسس وقواعد الشريعة الإسلامية الحقيقية دون الخروج عنها، وانه لابد من وجود إطار تنظيمي وقانوني وكذا الاعتراف بالبنوك الإسلامية قانونيا على أنها صناعة لها خصوصيتها ولما لا كمهنة لها أسسها. وفي ذات السياق دائما، قال ناصر حيدر أن المصرفية الإسلامية يمكنها المساهمة في تصحيح المالية العالمية، لكن شريطة تجنب تصميم منتجات في شكل إسلامي لكنها في الحقيقة ذات مضمون مصرفي تقليدي. مشيرا إلى أن البنوك الإسلامية ليست جمعيات خيرية بل هي مؤسسات تجارية تسعى للربح الذي يكون حسب المبادئ الإسلامية، نتيجة عملية مبادلة سلع وخدمات حقيقية وذلك عن طريق البيع، الإيجار، بناء مشروع أو معاملات حول ثروة حقيقية أو عقد استثمار عبر مبدأ المشاركة وتقاسم الربح والخسارة على عكس المالية التقليدية القائمة على الفائدة التي تكون مقابل زيادة. وبالنسبة للمدخول الرئيسي لبنك البركة الجزائري، قال أمينها العام أنها تأتي من موارد المساهمين وعلى رأسهم البنك الجزائري للتنمية الريفية بنسبة 50 بالمائة والمجمع السعودي بنفس نسبة المساهمة، إضافة إلى إيداع الزبائن من خواص وهيئات خاصة وعمومية، حيث تتم كل العمليات وفق المبادئ الإسلامية. علما أن تجربة بنك البركة الجزائري توسعت إلى اعتماد التأمين التكافلي الإسلامي، لفتح منافذ إسلامية وطرح المنتوج الإسلامي في السوق، علاوة على تمويل مشاريع مصغرة للشباب ومشاريع أخرى ذات منفعة عامة. من جهته، أفاد ممثل مؤسسة «إسلام انفست» الناشطة بفرنسا، أن موضوع المالية الإسلامية أصبح موضوعا مطروحا في الساحة، لاسيما بعد الأزمة الاقتصادية العالمية، بسبب استفحال التعامل بالربا الذي لا يراعي ابسط القواعد المهنية للائتمان المصرفي، مما دفع العديد من الدول الأوروبية للاهتمام بالبنوك الإسلامية. وتأسف بالمقابل عن غياب ملتقيات حول هذا الموضوع ببلدان المغرب العربي الكبير والبلدان الإفريقية، على غرار الدول الأوروبية التي في كل مرة تضع موضوع المصارف الإسلامية في الواجهة، إلى درجة أن فرنسا أدرجت بجامعاتها الخمسة برامج بيداغوجية تقدم تكوينا متخصصا في قواعد المالية الإسلامية. زيادة على ذلك، أضاف المتدخل ''أصدرت مديرية الخزينة الفرنسية تعليمات ضريبية لحل إشكالية الضريبة، بالتعامل وفق عقود المرابحة، الصكوك والاستثمار الإسلامي كي تتمكن المؤسسات الراغبة في ذلك التعامل بالعقود الإسلامية، أملا في أن تحذو الجزائر حذو الدول الأوروبية، وانه بإمكان بلادنا أن تكون بوابة التمويل الإسلامي في منطقة المغرب العربي وإفريقيا''. ولم يخف ممثل شركة «إسلام انفست» أن المالية الإسلامية عطلتها موجة العدائية اللائكية اتجاه الإسلام أو ما يعرف بالاسلاموفوبيا، قائلا انه يتخوف من عدم تقبل الزبون الفرنسي للمنتجات ذات نوع إسلامي لاسيما البنوك الفرنسية الخاصة، وانه من الصعب اقتراح المصرفية الإسلامية في السوق الفرنسي.