نجحت الجزائر في تجاوز امتحان سنة 2017 بسلام، محققة نتائج «محترمة» وفق ما أكده الوزير الأول أحمد أويحىي ، وكان الخبراء قد توقعوا أن تكون الأصعب اقتصاديا على الإطلاق، منذ بدء الأزمة الاقتصادية، الناجمة عن التراجع الحاد في أسعار النفط في العام 2014، كما تمكنت من رفع تحدي التنويع الاقتصادي، بالاعتماد أساسا على تحقيق إنتاج وطني، ساهم فيه بقدر كبير انتعاش قطاع الصناعة. تنفست الجزائر الصعداء، بعد اجتياز سنة ذروة الأزمة الاقتصادية بامتياز، وعلى الأرجح فان السنة الجارية ستكون أحسن اقتصاديا واجتماعيا، بفضل السياسة الحكيمة المنتهجة، وكذا انتعاش أسعار الخام الأسود مجددا، والتي تجاوزت عتبة ال 70 دولارا. ورغم تسجيل ارتفاع في نسبة البطالة خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، ورغم الزيادات في أسعار بعض المواد لاسيما منها الوقود، إلا أن أهم ما يمكن الإشارة إليه في هذا السياق، التمسك بالدعم والإبقاء على نفس حجم الأموال الموجهة للتحويلات الاجتماعية، عملا بتوجيهات رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة. وبعد اجتياز الأزمة مع تجنيب المواطن حدة آثارها على حياته اليومية، بالتركيز أساسا على حماية قدرته الشرائية، فان سنة 2018 ستكون بداية المنحى التصاعدي مجددا، لاسيما وأن الجزائر لم تكتف بتسيير الأزمة، وإنما فكرت في حل جذري لتتحرر بشكل نهائي من التبعية للمحروقات، لتفادي أن تكون رهينة مجددا لتقلبات أسعارها، من خلال نموذج اقتصادي جديد بادر به الرئيس بوتفليقة، يمتد على مدى 3 سنوات، الممتدة بين 2017 و 2019. وتجاوزت بذلك الجزائر الأسوأ، ولم تدخل في دوامة اقتصادية، وموازاة مع الأزمة التي سيرتها بحكمة كبيرة، ساعدها في ذلك إجراءات وتدابير محورية وهامة اتخذها رئيس الجمهورية، في مقدمتها تسديد مديونيتها الخارجية، والأهم من ذلك توجيهه تعليمات صارمة بعدم اللجوء إليها مهما بلغت حدة الأزمة الاقتصادية، وكذلك باستغلال أموال صندوق ضبط الإيرادات، تمكنت البلاد من تحقيق انطلاقة تعد خطوة أولى على طريق تنويع الاقتصاد الوطني. تنويع الاقتصاد الوطني الذي بات إجباري أكثر منه خيار يطرح أمام الجزائر، يرسم طلاقها مع التبعية لمداخيل المحروقات، هو الآخر حقق نجاحا بدأت تجني ثماره اليوم، حيث تم انجاز عديد المصانع لتركيب السيارات، التي ساهمت في خلق مناصب شغل وبعث صناعات على غرار المناولة، التي بعول عليها في كسب الرهان، والى ذلك توقفت الجزائر بفضل السياسة المنتهجة في التصنيع، عن استيراد الاسمنت على سبيل المثال، والشروع في تصديره إلى إفريقيا، وكذلك الحديد بعد افتتاح مصانع كبيرة في الجزائر، في انتظار استلام النسيج الذي سيصدر بدوره إلى إفريقيا. انتعاش القطاع الصناعي، والاستثمارات الكبيرة في قطاع الفلاحة الذي حقق بدوره خطوات هامة، موازاة مع التحكم في الاستيراد بما يمكن من انتعاش الإنتاج الوطني، باللجوء إلى منع استيراد بعض المواد كإجراء ظرفي، تؤكد التوجه الاقتصادي الجديد للجزائر، كما أنها أكدت كذلك بأنه ورغم الصعوبات تفاؤل الدولة كان في محله، وأن دعاة التيئيس وتسويد الوضع، كانوا مرة أخرى على خطأ، وراهنوا على الورقة الخطأ.