أعطى مختار فليون المدير العام لادراة السجون صورة دقيقة عن حالة المؤسسات العقابية التي تخوض إصلاحات تجعلها تراعي أكبر حقوق الإنسان وتأهيل النزلاء لإعادة الإدماج الاجتماعي والعدول عن السقوط مرة أخرى في وكر الجريمة واللصوصية والانحراف. وتوقف فليون في الحصة الإذاعية للقناة الأولىڤفي الواجهة''، أمس، عند رصد مسار الإصلاح الذي يحتل الأولوية في السياسة العقابية الجديدة، عند موطن الخلل والصعوبة التي تطرأ من حين لآخر على هذه المهمة وسبل العلاج الواقعي المتأني بعيدا عن أية اندفاعية وهروب إلى الأمام. وأكد فليون في ذات الحصة التي برمجت في إطار أسبوع العدالة والكرامة للأشخاص المحرومين من الحرية الذي تحتفل بها الجزائر في خضم الاحتفالات الدولية بالذكرى ال 60 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، أن أكبر تحديات تأهيل المؤسسات العقابية، تغيير الذهنيات، وهو تغيير يزيد السجين قيمة واعتبارا، وتجعل منه إنسانا متوفرا على كامل الحقوق والكرامة الإنسانية عدا الحرية التي افتقدها جراء ارتكاب خطأ أو جريمة في حق المجتمع، استدعت إيدانه الحبس. وتكمن حقوق السجين في الرعاية والتكفل الصحي والتربوي والتكوين الذي يساعده في الخروج من المؤسسة العقابية متسلحا بالشهادة المعززة له باقتحام عالم الشغل مرفوع الهامة والشأن، بعيدا عن النظرات الحارقة التي تلاحقه أينما حل وارتحل وتلصق به الصورة البئيسة التعيسة وكأنه مجرم إلى يوم الدين حتى بعد نفاذ العقوبة. ورأينا في أكثر من عملية تكريم المساجين الحاصلين على شهادتي البكالوريا والتعليم المتوسط، كيف يتغير هؤلاء، ويقررون النهج الآخر الذي يجعل منهم مواطنين صالحين في مجتمع فتح ذراعيه لهم وقبلهم شركاء كاملين في البناء والإنماء بدل البقاء على الهامش والعيش عالة عليه مرتكبين الفضائح والمنكرات. وحول انفتاح المؤسسات العقابية على المحيط والجامعة استثناء، ذكر المتحدث بالجهود التي تبذل في هذا الشأن، وقال أن هناك مشروع لانجاز مركز وطني للدراسات العقابية يختص في دراسة أوضاع السجون وطرق معاملة المحبوسين والمنحرفين الذين يعتدون على الأعوان، وهي حالات مألوفة وإن كانت نادرة تستدعي العلاج المناسب والإدارة الممكنة. وشدد فليون على هذه المسألة، بتوجيه الدعوة الملحة لإقحام الجامعة في هذا المسار، وقال أن إدارة السجون تمنح الأساتذة رخصا لدراسة أوضاع المساجين وانحرافهم بغرض الوقوف عند هذه الظاهرة والبحث العلمي حول كيفيات العلاج، ويساعد هذه المؤسسات العقابية التي تفعل المستحيل من أجل التكفل على أحسن ما يرام بالنزلاء وتزويدهم بالحرف والتخصصات التي هم في أمس الحاجة إليها بعد نفاذ العقوبة. وتزداد هذه المهمة قيمة واعتبارا بعد النجاح الكبير المسجل في تأهيل المساجين وتكوينهم، تكشف عنها الأرقام، فقد استفاد 400 محبوس من الحرية النصفية نتيجة مزاولة دروس تكوينية بمختلف المؤسسات، ويذهب هؤلاء المساجين لتلقي الدروس في اليوم خارج المؤسسات العقابية ويعودون إليها ليلا. وسجل 10700 محبوس للدراسة عن بعد في التكوين المهني، ويتوقع وصول العدد إلى 12 ألف مع نهاية أكتوبر الجاري. وتجري عملية تحسيس واسعة لجلب أساتذة التعليم لتدريس المساجين وإنهاء حالة التردد على تأدية هذه الوظيفة التي ما زال الأساتذة فيها يفضلون المؤسسات التربوية على السجون، وحسب مختار فليون فإن محاولات تبذل مع وزارة التربية لسد هذه الفجوة، لتزويد السجون بأساتذة توفر لهم كل الظروف والتسهيلات، ويدفع لآخرين المقابل جراء تلقين الدروس مساء الاثنين والخميس. ويعتمد في هذا الجهد أيضا على أعوان السجون الذين اكتسبوا تجربة في التكوين من قبل ويوظفون في هذه المهمة التي تحمل للمحبوسين قيمة لا تقدر بثمن. ------------------------------------------------------------------------